الأمر الذي لا يريده نصر الله الآن هو فتح مواجهة مع إسرائيل
بعد يوم من قتل سمير قنطار سارع حسن نصر الله للجلوس أمام الكاميرات وتحدث إلى نشطائه ومؤيديه في محاولة لاصلاح صورته المصابة. نصر الله وجه كما هو متوقع اقواله لإسرائيل بعد أن تم نسب العملية لها من قبله ومن قبل جهات اجنبية.
لم يكن قنطار من حزب الله بل درزي تابع للتنظيم ويعمل باسمه. وقد تمت تصفيته في الاراضي السورية وليس على الارض اللبنانية. مع ذلك حوله نصر الله إلى رمز حينما جر المنطقة كلها قبل عقد إلى حرب لبنان الثانية من اجل تحريره من السجن الإسرائيلي. وتبين الآن أن نصر الله لا يقدر على الدفاع عن «إبنه الغالي».
جاءت التصفية في أصعب لحظات نصر الله حيث تنظيمه غارق في الحرب الاهلية السورية وينزف هناك الدماء ويدفع الثمن بحياة مئات مقاتليه من اجل ضمان استمرار نظام بشار الاسد. وتدخل حزب الله في سوريا له ثمن اقتصادي كبير في الوقت الذي تحول فيه استعداد ايران لمساعدة التنظيم بمليارات الدولارات مثلما في الماضي إلى أمر مشكوك فيه. وفوق كل شيء فقد وصلت الحرب منذ وقت إلى لبنان، إلى معقل حزب الله، كما شاهدنا في العملية الانتحارية التي نفذها داعش قبل شهر في قلب الضاحية في جنوب بيروت، حيث قتل فيها العشرات من الشيعة وأصيب المئات.
قدرة حزب الله على اطلاق الصواريخ إلى إسرائيل لم تتضرر كما يبدو، هذا رغم جهود إسرائيل (حسب مصادر اجنبية) لالحاق الضرر بنقل السلاح المتقدم من سوريا إلى حزب الله. فعشرات آلاف الصواريخ التي بحوزته حصل عليها بعد حرب لبنان الثانية فورا. لكن قدرة حزب الله على الصمود ودفع ثمن الحرب التي قد تندلع في اعقاب اطلاق الصواريخ على إسرائيل قد تضررت بدون شك بسبب تدخل التنظيم في ما يحدث في سوريا.
نصر الله يعرف كل ذلك، من هنا جاءت اقواله في الخطاب أول أمس في اعقاب قتل قنطار. في خطابه الذي خصص بمعظمه لمشاكل التنظيم في لبنان وخارجه، وجزء قليل منه فقط تطرق لسمير قنطار. لقد تحدث بمفاهيم عامة وغير ملزمة أنه في يوم من الايام سينتقم على القتل. ففي النهاية يعرف نصر الله أن الجمهور في لبنان ومؤيديه ايضا لن يقبلوا بفتح جبهة ضد إسرائيل في جنوب لبنان في الوقت الذي تمت فيه تصفية قنطار الذي ليس من حزب الله، على الاراضي السورية.
عمل قنطار في السنوات الاخيرة بتوجيه غير مباشر من حزب الله وايران من اجل تجنيد نشطاء دروز في الجانب السوري من هضبة الجولان للعمل ضد إسرائيل. وفي السنوات الاخيرة قتل عدد من هؤلاء النشطاء ولم يكن هناك أي رد على قتلهم. ومشكوك في أن بشار الاسد يعرف أصلا عن نشاطهم أو أنه مستعد للسيطرة عليه. أما ايران وحزب الله فلم يعتبرا هذا جزءا منهما بل استخدماه من اجل مصالحهما. لم يكن الامر مثل جهاد مغنية، القائد في حزب الله، الذي قتل على ايدي إسرائيل قبل عام، وردا على ذلك نفذ التنظيم عملية ارهابية في هار دوف في مثلث الحدود الإسرائيلي السوري اللبناني.
إن نصر الله مع ذلك يخاف من أنه اذا تجاهل ما فعلته إسرائيل فان ذلك سيشجعها على تصعيد اعمالها ضد حزب الله، لذلك وجه لها التهديدات. لكن الامر الاخير الذي يريده نصر الله في هذه الاثناء هو المواجهة مع إسرائيل. لأن مواجهة كهذه ستحرفه عن هدفه الاساسي الحالي وهو ضمان سيطرة بشار الاسد. في نهاية المطاف ليس هناك منطق في فقدان مئات المقاتلين من حزب الله من اجل الدفاع عن كرسي بشار وتعريض هذا الكرسي للخطر بسبب تدهور غير محسوب ومواجهة مع إسرائيل.
لكن قتل قنطار الذي ينسبه حزب الله لإسرائيل يؤدي إلى انتهاء فصل في قصة طويلة لم تنته بعد. نصر الله وحلفاؤه الايرانيون سيستمرون في العمل من اجل السيطرة على هضبة الجولان السورية وسيستمرون في محاولة تحويل هذه المنطقة إلى منطقة نشاط ضد إسرائيل. لذلك فان حدوث الحادثة القادمة في الحدود الشمالية هي مسألة وقت.
(المصدر: إسرائيل اليوم 2015-12-23)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews