إنهاء حظر تصدير النفط الأمريكي يجلب قليلا من الراحة
موافقة المُشرّعين في واشنطن على إنهاء القيود الموجودة منذ 40 عاماً على صادرات النفط الخام الأمريكي تبعث نوعا من البهجة في شركات الطاقة المتعَبة، لأن الأسعار تقبع بالقرب من أدنى مستوياتها منذ سبعة أعوام.
هذه الخطوة في نهاية المطاف ستسمح لشركات الإنتاج المحلية بالتنافس على الزبائن في الخارج للمرة الأولى منذ حظر النفط العربي في السبعينيات.
لكن ينبغي ألا يتوقّع العالم تدفّق النفط الأمريكي على المدى القريب. فقد تغيّرت أسواق الطاقة منذ أن تبنّى المُشرّعون قضية شركات الإنتاج الأمريكية التي تُعاني تراجعا حادا في أسعار الخام الذي تُنتجه. وما كان تخمة محلية ناجمة عن ارتفاع إنتاج النفط الصخري، امتدت إلى الخارج حيث يعمل الإنتاج القوي من بلدان أخرى على زيادة المخزونات العالمية أيضاً.
تقول سارة إمرسون، رئيسة مجموعة إيساي إينجري للأبحاث: "هذه الشركات ستبيع النفط الخام من الولايات المتحدة إلى سوق مُشبعة عالمياً". وقد هدأ التدافع الذي اشتعل قبل عامين تقريباً من أجل النفط الأمريكي. الآن يتم بيع خام غرب تكساس المتوسط بواقع دولار أقل من خام برنت، وهذا هامش بالكاد يجعل الشحن من تكساس إلى أوروبا يستحق العناء.
وكان الكونجرس قد وافق على حظر التصدير في عام 1975 بعد أن أدى حظر النفط العربي إلى اصطفاف طوابير في محطات البنزين. وكانت هناك حاجة لفرض قيود على التصدير بالنسبة لسياسة اقتصادية كانت تشتمل على الرقابة على الأسعار، لكن عندما تم إلغاء الرقابة على الأسعار استمر الحظر.
وفي الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تستورد مزيدا من النفط الخام، كان الحظر لأعوام غير ذي صلة بالنسبة للمختصين في سياسة الطاقة. وعندما بدأت شركات الطاقة الاستفادة من النفط الصخري، انخفضت الواردات بشكل حاد. لكن البراميل الخفيفة ذات الجودة العالية التي يتم استخراجها من مناطق مثل تكساس وولاية داكوتا الشمالية واجهت صعوبة في العثور على مُشترين بين شركات التكرير ذات المعدات المخصصة لاستيعاب نوعيات أثقل من النفط.
ولفترة وجيزة هذا العام كان الفرق في السعر بين خام غرب تكساس المتوسط وخام برنت أكثر من عشرة دولارات للبرميل، ما شجّع شركات إنتاج النفط الصخري، مثل كونوكوفيليبس وكونتيننتال ريسورسيز، وجماعات الضغط التابعة لها على مُضاعفة الضغط من أجل إلغاء الحظر.
وكان الحظر قابلا لاختراقه، إذ يمكن تصدير النفط الخام إلى كندا بموجب ترخيص. وفي العامين الماضيين حررت إدارة أوباما التجارة مع المكسيك وتجارة النفط الخفيف للغاية، المعروف باسم المُكثّفات. وارتفعت صادرات النفط من الولايات المتحدة هذا العام إلى 600 ألف برميل يومياً - أكثر من إنتاج الإكوادور، التي هي عضو في منظمة أوبك.
مايكل وجسيتشوسكي، من شركة وود ماكينزي الاستشارية، يرى أن السماح بتصدير النفط الخام ربما يعمل على إعادة رسم الخريطة بدلاً من زيادة الكميات الإجمالية. ويقول: "في الواقع قد يمضي بعض الوقت قبل أن نشهد صافيا في عدد البراميل الجديدة التي يتم تصديرها. نحن نُصدّر البراميل إلى شرقي كندا والمكسيك. ما سيحدث في المقام الأول هو تعظيم الاستفادة من تلك الصادرات".
وانخفضت أسهم شركات تنقيب وإنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة 2.4 في المائة في منتصف النهار في نيويورك أمس الأول، بسبب انخفاض العقود الآجلة لخام غرب تكساس المتوسط 4 في المائة إلى 35.71 دولار للبرميل.
وعلى المدى الطويل يُمكن أن يكون اتفاق الكونجرس بمثابة أخبار سيئة بالنسبة لشركات التكرير في الولايات المتحدة، التي حقّقت أرباحاً ضخمة من خلال مُعالجة النفط الخام الأمريكي الرخيص وتحويله إلى بنزين وديزل الذي يُباع حسب الأسعار العالمية.
مع ذلك، المستثمرون في شركات التكرير لم يظهر عليهم الانزعاج من الصفقة، وارتفعت أسهم كل من "فاليرو" و"بي بي إف إينرجي" 1 في المائة أمس الأول. ويتضمن التشريع إعفاء ضريبيا لشركات التكرير المُستقلّة، التي يتضرر بعضها بسبب قانون آخر يتطلّب نقل الشحنات على طول ساحل النفط الخام الأمريكي في ناقلات أمريكية أكثر تكلفة.
جون هيس، الرئيس التنفيذي لشركة هيس، وهي شركة أمريكية مُستقلة متوسطة الحجم لإنتاج النفط، يقول إن القرار "ستكون له فوائد بعيدة المدى بالنسبة لبلادنا"، من خلال إضافة فرص عمل، وزيادة الاستثمار في الصناعة الأمريكية، وتعزيز أمن الطاقة العالمي.
وشكك كثير من الديمقراطيين في الحاجة إلى إلغاء الحظر، وإثارة مخاوف من أنه سيؤدي إلى رفع أسعار البنزين وزيادة الانبعاثات، لأن الأسعار المنخفضة تحفّز الاستهلاك.
واستجابت الجماعات البيئية بغضب، واصفة القرار بأنه "جُبن سياسي"، بحسب جيسون كوالسكي، من منظمة 350.org، التي تشن حملات تتعلق بتغير المناخ. وقال: "هذا يُعتبر تذكيرا جيدا بأن السياسيين عندما يُتركون بدون رقيب يستسلمون لقوة شركة إكسون موبيل وشركائهم في الجريمة".
ولكسب تأييد الديمقراطيين في الكونجرس وإدارة أوباما، كان يجب أن تشتمل الحزمة على تمديد للإعفاءات الضريبية من أجل طاقة الرياح والطاقة الشمسية. وقالت الإدارة إنها تُعارض تحرير صادرات النفط الخام، لكن من غير المتوقّع أن يستخدم الرئيس حق النقض ضد مشروع القانون على هذه الأسس.
وظل إنتاج النفط الأمريكي في حالة تراجع بعد وصوله إلى ذروة بلغت 9.6 مليون برميل يومياً في نيسان (أبريل)، نتيجة لتخفيض شركات الإنتاج حملات الحفر ردّاً على انخفاض الأسعار. وليس واضحاً أن الحياة بدون حظر التصدير ستفعل الكثير لتحفيز الإنتاج الإضافي. واستنتج خبراء اقتصاد في إدارة معلومات الطاقة أن السماح بصادرات غير مُقيّدة لن يضيف أي برميل من الإنتاج بحلول عام 2025.
لكن جيم بيركهارد، نائب الرئيس في الشركة الاستشارية، IHS، يرى أن رفع حظر التصدير من شأنه تشجيع شركات الإنتاج في الوقت الذي تفكر فيه في الاستثمار في المستقبل. ويقول: "سيكون بمثابة دفعة قوية للثقة".
(المصدر: فايننشال تايمز 2015-12-18)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews