ماذا يعني رفع الفائدة؟
مع توقعات -وقد يكون صدر القرار بعد نشر هذا المقال- رفع الفائدة الأميركية، ماذا سيعني كل ذلك؟ برغم أن سعر الفائدة في الأصل الان منخفض، فإن التوقعات لرفع الفائدة قد لا تتجاوز ربع نقطة وعلى أقصى حد متوقع هو نصف نقطة، وبرغم أن قناعتي الشخصية أن رفع الفائدة سيكون ذو صبغة "شكلية" أكثر منها اقتصادية حقيقية، فالواقع الاقتصادي العالمي لازال يعاني ويئن من تقلبات ومصاعب كبيرة، والاقتصاد الأميركي خرج من أسوأ الأزمات التي مرت عليه خلال عام 2008، وما مارسه البنك الفيدرالي من عمليات التيسير الكمي التي رفعت نسب التضخم والأسواق بشراء الأصول، ولكن ليس نموا اقتصاديا حقيقيا قد تم، وهذا ما خلق حالة تعارض بين تضخم وركود اقتصادي يسود هذا العالم، فالواقع يقول التضخم يصاحبة نمو ولكن لم يحدث بميزان معتدل. رفع الفائدة إن تم سيكون قوة للدولار ولأي عملة مرتبطة به، وتراجع للعملات الأخرى السيادية في العالم، تتأثر أسواق الأسهم بتراجع لا أعتقد سيكون ملموسا، مع ارتفاع التكلفة على المقترضين الجدد والفائدة للمقترضين ما قبل رفع الفائدة، ستستفيد البنوك ذات الودائع "الصفرية" مع رفع الفائدة بإقراض أعلى وأكثر فائدة وربحية، وستزيد تكلفة الودائع على البنوك، وستواجه البنوك تحدي القدرة على توظيف الأموال واستثمارها وإلا أصبحت مكلفة لها.
ومع ارتفاع الدولار المتوقع برفع سعر الفائدة، سيقدم إشارة للمستثمرين أن الاقتصاد الأميركي يتعافى وسيجذب مزيدا من الأموال والاستثمارات، وسيتأثر الذهب تراجعا الذي يعطي مؤشرا للتعافي الاقتصادي باعتباره الملاذ الآمن في الأزمات، ويكبح جماح التضخم بخفض السيولة في الاقتصاد من خلال رفع الفائدة والذي برأيي كما ذكرت بالبداية لا زال بمناطق لا تؤثر كثيرا على الاقتصاد بتغيير مساره أو اتجاهه كحقيقة يمكن القلق منها، فلا زال يحتاج الكثير، ورفع الفائدة هي من السياسات النقدية التي تمارسها البنوك المركزية أو الفيدرالي الأميركي لتغيير مسار واتجاه الاقتصاد للأهداف التي تضعها في سبيل تحقيق نمو متوازن ومستدام بدون خلق مشكلات أخرى، وهي معادلة صعبة على أي حال في اقتصاديات قد لا تكون تحت قدرة وسيطرة البنوك المركزية في ظل متغيرات كثيرة تؤثر على الاقتصاد ككل. الأثر المتوقع لرفع الفائدة بعد القرار سيكون سريعا ولكن سيكون قصير المدى كأثر، باعتبار أن السعر لن يكون مقيدا كثيرا للاقتصاد العالمي الذي يخرج من سيطرة كثير من دولة، كما نجده في أوروبا من حيث صعوبة تحقيق النمو وأزمة اليونان رغم كل سياسيات الدعم، والحلول تأتي من قوة الاقتصاد نفسه قوة ذاتية حقيقية بتحقيق النمو والتنمية.
(المصدر: الرياض 2015-12-17)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews