الديون المصرية.. والمخاطر الاقتصادية
شهد الاقتصاد المصري تطورات سلبية في السنوات الأخيرة كان أخطرها ارتفاع إجمالي الدين العام المحلي ليسجل رقما تاريخيا غير مسبوق في تاريخها، حيث بلغ 1380.1 مليار جنيه، في نهاية شهر ديسمبر 2012، منه 81.6%، مستحقا على الحكومة، و5%، مستحقا على الهيئات العامة الاقتصادية، و13.4% على بنك الاستثمار القومى، وفقًا لما كشفت عنه تقارير رسمية صادرة عن البنك المركزي المصري، وسجل الدين العام الخارجي زيادة تقدر بنحو 335.4 مليون دولار، بمعدل 1%، نحو 34.7 مليار دولار، في نهاية الربع الأول من العام المالي 2012- 2013، ما يعادل نحو 236 مليار جنيه، وليبلغ إجمالي الديون المستحقة على مصر داخليًا وخارجيًا 1616 مليار جنيه، أي 1.6 تريليون جنيه، وهو أعلى مستوى على الإطلاق من الديون مستحق على مصر، في تاريخها، حيث بلغت إجمالي أرصدة المديونيات المستحقة على مصر، ومن ثم زيادة نصيب المواطن من الديون التي يمكن أن يورثها لأبنائه من الأجيال القادمة وهذا يشكل الكثير من المخاطر الاقتصادية، ولكن هل يعد ما أعلنه البنك المركزي المصري عن انخفاض الدين الخارجي المستحق على مصر بمعدل 4%، ليبلغ 46.1 مليار دولار، في نهاية شهر سبتمبر الماضي مقارنة بـ 48.1 مليار دولار في نهاية يونيو 2015، بتراجع قدره 2 مليار دولار، خطوة للأمام لتخفيف مخاطر هذه الديون رغم انخفاض حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي لمصر إلى 16.33 مليار دولار، بنهاية شهر سبتمبر الماضي، مقارنة بـ18.09 مليار دولار بنهاية شهر أغسطس 2015، بانخفاض قدره 1.76 مليار دولار، وكان البنك المركزي المصرى، قد أعلن منذ بداية الشهر الماضي، بأن حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي لمصر انخفض إلى 18.09 مليار دولار بنهاية شهر أغسطس 2015، مقارنة بـ18.5 مليار دولار، بنهاية شهر يوليو 2015، بانخفاض قدره نحو 438 مليون دولار، وهذا بلا شك يؤثر على مدى توفير السلع الأساسية والمواد الخام التي تحتاجها الصناعات المختلفة وسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية، ومواجهة الأزمات الاقتصادية، في الظروف الاستثنائية، خاصة مع تأثر الموارد من القطاعات المدرة للعملة الصعبة، مثل الصادرات والسياحة والاستثمارات، بسبب الاضطرابات حيث إن المصادر الأخرى للعملة الصعبة، مثل تحويلات المصريين في الخارج - رغم وصولها إلى مستوى قياسى -، ومع استقرار عائدات قناة السويس، لا يمكن أن تساهم في تعويض نقص الاحتياطي النقدي الأجنبي، خاصة بعد قيام مصر بتسديد نحو 2.4 مليار دولار لكل من قطر ونادي باريس،وهذا يتطلب المزيد من الإصلاحات وتنوع المشروعات القومية الكبرى القادرة على جذب الاستثمارات والمستثمرين من الشرق والغرب ومن آسيا وأمريكا، وتحسين وتهيئة مناخ الاستثمار والعمل، من خلال تغيير التشريعات والقوانين بما يضمن حق المستثمر والعامل والدولة، والتعامل مع البيروقراطية والفساد باعتبارهما أهم معوقات التنمية الاقتصادية، لأن تخفيض حجم الديون يحتم زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر للمساهمة في توفير فرص العمل الجديدة والحد من تفاقم حجم البطالة التي فاقت كل الحدود المسوح بها لأنها تعد قنابل موقوتة تهدد الأمن الاجتماعي والسياسي، لأنها قابلة للانفجار عندما تتزايد عليها للضغوط الحياتية المتنوعة، والعمل على الاستفادة منها في العمل والإنتاج باعتبارها ثروة مهدرة لم يتم الاستفادة منها، ومن النفقات التي أنفقت في مراحل التعليم المختلفة، والعمل في خط مواز على تحسين موارد العملة الصعبة وزيادة الصادرات وتنافسية المنتج المصري عالميًا، والحد من الإنفاق الترفي والاستهلاك الاستفزازي الذي يستنفذ الكثير من العملات الأجنبية، والحد من عمليات الاقتراض التي تعمل على تأجيل الأزمة الاقتصادية الحالية مؤقتا للفترة المقبلة وتتحملها الأجيال القادمة، التي تتحمل مسؤولية وأعباء هذه الديون في المستقبل، لأن كثرة القروض التي تحصل عليها الدولة تؤدي لتفاقم الأزمة؛ حيث تسببت في زيادة المديونية؛ لأن الدولة تحصل عليها من أجل سد عجز الموازنة، وتوفير الاحتياجات الداخلية من رواتب وأجور، حتى لا ينخفض تصنيفها الائتماني، وفي الوقت نفسه لم تؤد لاستثمارات؛ مما يزيد الأمر تعقيدا، إذا لم يتم دعم تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة؛ ومساعدتها ماديا، وبالخبرات الفنية، لأنها عصب اقتصاد الدولة،من ناحية، ومن جهة أخرى توفر أكبر مساحة للوظائف، بعد اكتظاظ الدوائر الحكومية وشركات القطاع الخاص بالعاملين، الذين يمثلون بطالة مقنعة، ومن ثم فإنه
لا أمل في تقليل الديون والاستغناء عن القروض إلا من خلال العمل الإنتاج؛ لأن من خلاله سيقل الاستيراد، ومن ثم يقلل الفجوة بينها وبين التصدير، وحل هذه المعادلة تالصعبة، حيث إن مصر تستورد بـ 75 مليار دولار، وتصدر بـ 15 مليار دولار، والفرق بينهما 50 مليار دولار، ومصر لديها عجز بنحو 20 أو 25 مليار دولار، لذلك ستظل الديون قائمة طالما استمرأ الشعب النمط الاستهلاكي غير المنتج.
(المصدر: الشرق القطرية 2015-12-09)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews