الإدراج في البورصة.. آلية لتطوير الشركات
تقتضي الأهمية الاقتصادية للمشاركة والتنسيق في إدارة النشاط المالي والاقتصادي بين القطاعين العام والخاص من جهة ضمن تبني سياسات الإصلاح الاقتصادي على أساس حشد وتعبئة كل الطاقات والموارد للقطاعين معا، وجنبا إلى جنب بوسائل وأساليب متنوعة منها التحول إلى نوعية الشركات المساهمة العامة التي يتم فيها فتح المجال ليساهم فيها الأفراد والشركات والمجتمع ككل، لذلك حظي أسلوب تحول الشركات (الخاصة- المختلطة) إلى مساهمة عامة باهتمام كبير من قبل الاقتصاديين والحكومات يتم ذلك بالطبع بعد إجراء الاختبار والتقييم والتأكيد بأن عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية تعتمد على كل من القطاعين العام والخاص في إنشاء وتشغيل المشاريع المتنوعة.. فالسمة المميزة لاقتصاديات معظم الدول هو الاتجاه نحو تحديد دور القطاع العام في إدارة النشاط المالي والاقتصادي وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في المشاريع القومية خاصة الدول التي تتجه حديثا لتحرير الاقتصاد واقتصاديات السوق والتي تتصف بالأسواق الناشئة لأسواقها المالية بها، فالتطوير الاقتصادي يتطلب تبني الإصلاحات الاقتصادية لكلا القطاعين معا والتي تتمثل إحدى آلياتها هو أسلوب التحول من الشركات الخاصة إلى مساهمة عامة مدرجة بالأسواق المالية خاصة وما يعود من فوائد كبرى لهذه الأسواق على اقتصاد الدول وفق آلياتها ونظمها المعتمدة بالدول، فتسمح بأن يساهم القطاع الخاص بخبراته وموارده في تنمية الاقتصاد الوطني من خلال فكرة التحول إلى الشركات المساهمة التي تعد من الأساليب المهمة في خلق الإجراءات التي تسمح للقطاع الخاص بتعزيز دوره في النشاط المالي والاقتصادي الوطني بجانب القطاع العام وهدف تحقيق التنمية المستدامة خاصة الدول التي يحتل بها القطاع العام الهيمنة الكاملة على إدارة النشاط المالي والاقتصادي.. وفي ضوء الأهمية الاقتصادية لتحويل الشركات المساهمة الخاصة والمختلطة إلى عامة ومدرجة بالأسواق المالية يعمل على تخفيض تكاليف الإنتاج ومصاريف التشغيل مما يؤدي بالطبع إلى زيادة العوائد النهائية والإيرادات المتحققة التي تصب في النهاية لروافد وموارد الاقتصاد الوطني وهو موضوع هذا التقرير:
أولا: تعريف شركة المساهمة العامة
تمثل الشركة التي ينقسم رأسمالها إلى أسهم متساوية القيمة وقابلة للتداول ولا يكون كل شريك فيها مسؤولاً عن ديون الشركة إلا بقدر ما يملكه من أسهم ولا تقترن باسم أحد الشركاء، وإنما يكون لها اسم يشتق من الغرض من إنشائها.
ثانيا: شركة المساهمة العامة في فقه المعاملات الإسلامية
شركة المساهمة ذات الأعمال المباحة والتي لا تتعامل بالربا جائزة شرعاً وتنطبق عليها قواعد شركتي العنان والمضاربة في الفقه الإسلامي، لأن تقديم الحصص بالأسهم واختلاط الأموال وقيام مجلس الإدارة المنتخب من المساهمين بالتصرف في أموال الشركة بصيغة الوكالة عن الشركاء واشتراك المساهم في الجمعية العمومية ومناقشة نتائج الأعمال ومراقبة مجلس الإدارة وعزله إذا اقتضى الأمر كل هذا شرعيا مع ضرورة الأخذ في الاعتبار:
* الغرض الذي قامت من أجله الشركة مشروعاً ووسائل تمويلها مشروعة، فإذا تعاملت في محرم بيعاً أو شراءً أو بالفائدة (مدين –دائن) فإنه يحرم الاشتراك فيها من خلال تملك أسهمها.
* النصوص والإجراءات تتوافق مع المبادئ العامة للشريعة الإسلامية التي تحرم الظلم وأكل أموال الناس بالباطل مثل تحمل الشركاء لخسائر تفوق ما يملكونه من أسهم وطريقة إجراء التصويت في الجمعية العمومية للمساهمين على القرارات التي يتخذها مجلس الإدارة ليكون لكل مساهم صوت واحد مهما بلغ عدد الأسهم التي يملكها.
ثالثا: الخصائص الرئيسية لشركات المساهمة العامة
للشركة المساهمة خصائص رئيسية تميزها عن غيرها من الشركات فرأسمال شركة المساهمة ينقسم إلى أسهم متساوية القيمة وقابلة للتداول كما أن كل شريك لا يكون مسؤولا عن ديون الشركة إلا بمقدار ما يملكـه مـن أسهم، وعليه لا يُسأل الشركاء عن ديون الشركة في أموالهم الخاصة، وهو ما يعني أن لشركة المساهمة ذمة مالية مستقلة عن ذمة الشركاء، وبالتالي لا يترتب علي انقضاء الشركة المساهمة وفلاسها إفلاس الشركاء فيها كما لا تعنون الشركة المساهمة باسم الشركاء ولا باسم أحدهم وذلك لأن شخصية الشريك ليس لها اعتبار في تكوينها، والشركاء فيها مجهولون ولا يعرف بعضهم بعضاً، وأخيرا للشركة المساهمة مجلس إدارة مفوض في إدارتها، ويخضع هذا المجلس لإشراف الجمعية العامة العادية للمساهمين التي تنعقد مـرة على الأقل في السنـة، والتي تناقش المركز المالي ونتائج الأعمال، وتناقش السلبيات، وتقرير مراقبي الحسابات، وتنتخب أعضاء مجلس الإدارة وتراقب أعماله والنظر في عزل أعضائه إذا اقتضى الأمر ذلك، والمصادقة على الميزانية والحسابات الختامية والموافقة على الأرباح.
رابعا: متطلبات التحول لشركات مساهمة عامة
لأجل دعم القطاع الخاص وفسح المجال أمامه في التحويل لشركات مساهمة عامة ومدرسة بالأسواق المالية والعمل بدون مشكلات لابد من إقرار مجموعة من الإجراءات المالية والاقتصادية والقانونية لتشجيع القطاع الخاص وشركات المساهمة الخاصة الفعالة ومنها:
* مجموعة من السياسات والإجراءات المحفزة التي تحقق تكامل القطاعين العام والخاص مع الأهداف العامة للمجتمع في تحقيق العوائد والأهداف المجتمعية والاستثمار والتنمية..
* مجموعة من التشريعات والقوانين المنظمة للعلاقة بين القطاع الخاص والعام والمساهمين وأفراد المجتمع مع إجراء التعديلات المطلوبة وفقا للمتغيرات السياسية والاقتصادية وفقا للنظام العام.
* رسم خطط وبرامج خاصة بالتنمية وتأمين ما يتطلبه القطاع الخاص لتعزيز دوره الفعال في النشاط الاقتصادي.
* تأمين وتخفيف تكلفة المخاطر المصاحبة للأعمال والعمل على معالجتها وتحمل نتائج الأنشطة.
* تهيئة المناخ المالي والاقتصادي المناسب للاستثمار فيما يسمى البيئة الجاذبة للاستثمار مثل الاستقرار الأمني والسياسي وتحرير الأسواق وتشجيع المنافسة والضمانات والدعم الآمن للمستثمر الخاص لتشجيع الاستثمارات.
* تهيئة البنية التحتية بصورة عامة للشركات المطلوب تحويلها والتي تحتاج لاستثمارات لغرض تمويلها وتطويرها وتجديدها بما يتلاءم بالهيكلة الجديدة للشركات المساهمة.
* معالجة أي تحديات تشريعة واقتصادية وقانونية واجتماعية تعارض مشاركة القطاع الخاص للمساهمة في الاستثمار بهذه الشركات العامة.
خامسا: معايير التحول لشركات مساهمة عامة
معايير اختيار الشركات العامة لغرض تحويلها إلى شركات مساهمة عامة لابد من توافر مجموعة من المعايير حتى تكون مهيأة لعرض تحويلها من حيث دراسة كل ما يتعلق بالشركة من ناحية الطلب المستقبلي والتكاليف والإيرادات المتوقعة ومدى مساهمتها في تحقيق الأهداف التنموية ومن هذه المعايير
* تكون الشركات في حالة إنتاجية وتشغيلية جيدة نسبيا وذات إيرادات جاذبة للمستثمرين.
* تكون أصول الشركة العامة ذات قيمة عالية جدا مما يستوجب استثمارات كبيرة مما يضر المستثمر الخاص بالاستثمار في مثل هذه المشاريع من حيث صعوبة وطول مدة استرداد رأسمالها.
* الخدمات والمشاريع التي لا يمكن للدولة إنشاؤها لأسباب تتعلق غالبا بالخبرة والتمويل التي تتوفر بالشركات الخاصة.
* التحول إلى شركات مساهمة يتوقع أن تؤدي إلى زيادة مستويات الخدمات والسلع وجودتها مقارنة من ذي قبل.
* الشركات والمشاريع الربحية التجارية والتي تدار على أسس تجارية تتوافق واتجاهات القطاع الخاص التي تعتبر عوامل جذب للمستثمرين.
* الشركات ذات الأهداف الاجتماعية التي تتعلق بالخدمات الأساسية ومستوى تقديم الخدمات ومواصفات المستثمر
* اختيار المستثمرين وفق مبادئ الكفاءة الاقتصادية والمركز المالي والأعمال المماثلة وأي صفات أخرى تعزز قوة المستثمر كشريك محتمل.
* قابلية المستثمر الخاص على تقديم السلع والخدمات ضمن الشروط والمواصفات المطلوبة ومدى المعرفة والخبرة المتوفرين.
* توافر الحافز والرغبة لدى المستثمر الخاص وأفراد المجتمع للمساهمة في هذه الشركات .
سادسا: المزايا والمنافع نتيجة التحول إلى شركات مساهمة
مما تقدم يتضح أن تحول الشركات الخاصة والمختلطة إلى شركات مساهمة عامة يحقق كل متطلبات التطوير من جهة، وتعبئة الادخارات المحلية باتجاه تكوين كيانات اقتصادية كبيرة قادرة على المنافسة في السوق من جهة ثانية، ويضمن في الوقت نفسه صيغة جديدة للإدارة تقوم على مبدأ الفصل بين الملكية والإدارة كما يضمن فرص استثمار للمستثمر الذي يريد الربح بدلاً من الفائدة المصرفية الربوية المحرمة وأيضا يؤدي جذب الاستثمارات الأجنبية الخاصة وما تحمله من خبرات إدارية ومعرفة فنية فضلا عن استقطاب كفاءات بشرية عالية وخلق فرص عمل جديدة وتوسيع القاعدة الاقتصادية بالمحافظة على استمرارية المؤسسات الاقتصادية، ثم تعزيز البناء المؤسسي للقطاع الاقتصادي ومفهوم العمل الجماعي مع تنظيم القطاع الخاص وقطاع الأعمال إضافة لدعم السوق الأولية التي تعد ركيزة نمو الأسواق المالية وتطورها والأهم من كل ذلك حشد موارد القطاع الخاص بما في ذلك صغار المستثمرين والمدخرين وتوظيفها في عملية التنمية المالية والاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
(المصدر: الشرق القطرية 2015-12-06)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews