أخيرًا.. قوات برية تقاتل «داعش»
بعد سنوات من التردد، أقرت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه لا سبيل لهزيمة التنظيمات الإرهابية التي تعيث في العراق وسوريا فسادًا إلا بإرسال قوات برية، بدلاً من الاكتفاء بحملات جوية لم تثمر تغييرًا فعليًا على الأرض، منذ بدء عمليات التحالف الدولي الجوية في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي. آشتون كارتر وزير الدفاع الأميركي اعترف بصورة غير مباشرة بأن قرار إرسال الخمسين جنديًا لمحاربة «داعش» أمر غير منطقي، وأعلن أنه سيتم نشر قوات أميركية خاصة في العراق للقيام بعمليات ضد {داعش}، من بينها شنّ مداهمات لمراكز للتنظيم في سوريا، أما وزير الخارجية الأميركي جون كيري، فأكد أنه لا بد من نشر قوات برية سورية أو عربية لهزيمة «داعش». دعك من تصريحات السيد أوباما بأن إرسال مزيد من القوات لمحاربة تنظيم داعش في العراق «لا يعني أنه سيسير على نهج التدخل الأميركي للعراق في 2003»، فأوباما يعي أن شعار إدارته (عدم وجود حل عسكري لأي شيء) أثبت فشله تمامًا. الولايات المتحدة أدركت أخيرًا أنها في حاجة لقوة عسكرية حقيقية لهزيمة «داعش»، وأنها إنْ لم تحاربها اليوم في سوريا والعراق ستحاربها غدًا في تكساس ونيويورك.
يمكن القول إنه في ظل وجود قوة جوية ساحقة فلا حاجة لقوات برية هائلة لهزيمة «داعش»، وليس شرطًا للولايات المتحدة أن تكرر تجربة غزو العراق، والتي بلغ عدد قواتها العاملة على الأرض بين 100 إلى 150 ألف عسكري، كذلك ليس شرطًا أن تكون هذه القوات أميركية خالصة، ففرنسا على استعداد للمشاركة، كما لمحت بريطانيا أيضًا لإرسال قوات برية، على أن تستكمل هذه القوة المشتركة من دول غربية وعربية وإسلامية، فمن دون هذه القوة البرية لن تنفع محاربة «داعش» على استحياء وبخجل، كما يحدث حاليًا، خاصة في ظل استفادة التنظيم من التدخل الروسي الإيراني في تدعيم قواعده في الداخل السوري والعراقي.
ولكن لماذا يتحتم على الولايات المتحدة أن تكون هي رأس حربة هذه القوات البرية؟ أوليس الشعب الأميركي محقًا وهو يخشى تجربتي الصومال وبيروت الفاشلتين وكذلك فيتنام؟ كما أن المسؤولين الأميركيين يقولونها دائمًا: «عندما تدخلنا في العراق عارضتنا الدول العربية وسمته غزوًا، وعندما لم نفعل ذلك في سوريا واعتبرناها مشكلة تخصكم ها أنتم تطالبون بتدخل أميركي، فماذا تريدون؟»..
الحقيقة إن أقوى دولة في العالم عليها ضريبة لا مناص من دفعها مقابل هذه المكانة وقيادة العالم، فليس اختيارًا أن تقوم بما يفترض أن تفعله لإحلال السلام والأمن متى ما كانت هناك حاجة لذلك، ومتى ما قررت الولايات المتحدة أن تختار الحل الأسهل، فهناك من سيحل مكانها، كما فعلت روسيا بتدخلها العسكري في سوريا، يا هل ترى لو كانت القوات الأميركية تقاتل «داعش» في سوريا منذ ظهورها هل كانت روسيا ستتدخل بهذه الأريحية؟!
ومع هذا التحول الغربي النوعي في الحرب ضد «داعش» تأتي المفاجأة من العراق، حيث أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي رفضه إشراك قوات برية أجنبية لقتال الإرهابيين، بل إنه وصف مثل هذا العمل بـ«العمل المعادي». يا إلهي! أيقبل العبادي باحتلال «داعش» لأكثر من نصف بلاده، ولا يقبل بقوات أجنبية تطردهم منها؟ وللمفارقة فإن موقف رئيس الحكومة العراقية هو نفس موقف ميليشيات الحشد الشعبي و«حزب الله» العراقي و«عصائب أهل الحق»، وبقية الميليشيات المدعومة من إيران والتي ترفض المساعدة في طرد «داعش»!
وبعد هذا كله هل لا يزال الغرب يريد أن يعرف من أكثر المستفيدين من تمدد «داعش» في العراق وسوريا؟!
(المصدر: الشرق الأوسط 2015-12-05)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews