حملة إيرانية لتقويض صورة أمريكا
كتبت ليز سلاي من منطقة بيجي تقريرا، قالت فيه إن المليشيات الشيعية تتهم الأمريكيين بدعم تنظيم الدولة.
وتقول الكاتبة: "على جبهات القتال ضد تنظيم الدولة، هناك شك عميق بالولايات المتحدة الأمريكية. والمقاتلون العراقيون (الشيعة) كلهم يقولون إنهم شاهدوا مروحيات أمريكية تسقط شحنات من الأسلحة للمتشددين. وهناك من زعم أن أصدقاءه وأقاربه شاهدوا أمثلة عن هذا الدعم".
وتضيف سلاي أن "الناس العاديين يقولون إنهم شاهدوا أشرطة فيديو، وسمعوا قصصا، وتوصلوا إلى النتيجة ذاتها، وهي نتيجة تبدو غريبة للأمريكيين، ولكن الكثير من العراقيين يعتقدون بها على نطاق واسع، وهي أن الولايات المتحدة تدعم تنظيم الدولة؛ لعدة أسباب خبيثة منها، تعزيز سيطرتها على العراق والشرق الأوسط بشكل عام، والسيطرة على نفطه".
وينقل التقرير عن مصطفى السعدي، الذي يقود إحدى المليشيات الشيعية قرب مصفاة بيجي، قوله: "لا شك في هذا"، ويزعم أن أحد أصدقائه شاهد مروحية أمريكية توزع الماء على مواقع تنظيم الدولة. ويزعم السعدي أن "تنظيم الدولة كان على حافة الانهيار"، وقال: "إنهم ضعفاء، ولو توقفت أمريكا عن دعمهم، لكنا هزمناهم في أيام".
ويذكر التقرير أن مسؤولين عسكريين أمريكيين يرون أن تلك المزاعم خيالية، ولا يمكن تصديقها. وقال المتحدث العسكري الأمريكي في بغداد العقيد ستيف وارن: "هي أبعد ما تكون عن الحقيقة، إنها مزاعم سخيفة"، وأضاف: "لا يوجد أحد في الغرب مستعد لشراء هذا الكلام. ولسوء الحظ هناك قطاع من العراقيين يؤمنون به".
وتبين الكاتبة أن فكرة العراقيين عن التحالف الأمريكي، وإن من نوع ما، مع تنظيم الدولة، تبدو منتشرة في إطار النزاع السني الشيعي، وتعبر عن عدم الثقة، التي طبعت علاقة الولايات المتحدة مع العراق منذ غزوه عام 2003، أكثر من كونها إرثا مثيرا للقلق.
ويشير التقرير إلى أنه في الوقت الذي أدت فيه هجمات تنظيم الدولة على باريس وغيرها من الأماكن إلى تحركات أكثر شدة على الأرض، فإن الشك الذي تواجهه الولايات المتحدة داخل العراق يجعل من أدائها دورا مهما، وأن تصعد من العمل العسكري، أمرا صعبا.
والمحلل المقيم في الأردن كيرك سويل، الذي يصدر نشرة إخبارية "في داخل السياسة العراقية"، تساءل "أي تأثير سنمارسه عندما يعتقدون أننا ندعم الإرهابيين؟".
وتلفت سلاي إلى أن موقف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الذي رد سريعا على تصريحات وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر عن عزمه إرسال قوات استكشافية للعراق، من أجل القيام بمداهمات وتحرير الرهائن واعتقال قادة تنظيم الدولة، هو دليل على تراجع الدور الأمريكي.
ويفيد التقرير، بأنه في الوقت الذي عبرت فيه منطقة الحكم الذاتي في كردستان في شمال العراق، حيث ترتفع نسبة الدعم لأمريكا، عن استعدادها لاستقبال القوات الأمريكية، إلا أن العبادي كان سريعا بالقول إنها ليست ضرورية. وقال: "لا حاجة لقوات أجنبية على الأرض"، وأضاف: "أي دعم أو عمليات خاصة في العراق لن يتم نشرها إلا بموافقة الحكومة العراقية، والتعاون مع القوات العراقية، وباحترام كامل للسيادة العراقية".
والاتهامات التي تتحدث عن تواطؤ أمريكي مع تنظيم الدولة، عادة ما تبث بشكل واضح في نقاشات النواب الشيعة في البرلمان العراقي، ويتم الترويج لها ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي. لافتة إلى أن مسؤولا أمريكيا يرى أنها اتهامات مستمرة بشكل يشير إلى حملة يقوم بها حلفاء إيران لتقويض النفوذ الأمريكي في العراق.
وتوضح الكاتبة أنه في فيديو تم نشره على صفحة "فيسبوك" تابعة لواحدة من أقوى المنظمات الشيعية "بدر"، ظهر فيه أحدهم يلوح بوجبات أمريكية جاهزة للأكل توزع على الجنود. وتحتوي الوجبة على لحم ودجاج، زعم أنه عثر عليها في قاعدة عسكرية لتنظيم الدولة في بيجي. وقدم الوجبة على أنها دليل عن دعم أمريكي للتنظيم.
وينقل التقرير عن المتحدث العسكري الأمريكي في بغداد العقيد وارين قوله: "يقوم الإيرانيون والمليشيات المدعومة منهم بدفع هذا النوع من البرباغاندا، وهي أن الولايات المتحدة تدعم تنظيم الدولة"، وهي "جزء من الآلة الدعائية الإيرانية".
والفكرة تلعب على الشق الواسع داخل النخبة الشيعية الحاكمة، التي تدور حول التمحور نحو إيران أو الولايات المتحدة. ومن يدفع بهذه المزاعم، كما يقول سويل: (يريد خلق رؤية، وهي أن إيران تعد صديقتنا، أما الولايات المتحدة فهي عدوتنا).
وتكشف سلاي عن أن مسؤولي الحكومة العراقية يقولون إنهم لا يصدقون هذه المزاعم، وأشاروا إلى أن العبادي يقوم دائما بتكذيبها. لكن موقع العبادي ذاته تعرض للضعف في الأشهر الأخيرة. وهو يخوض معركة للنجاة ضد عدد من القادة الشيعة، ممن تعززت مواقعهم؛ بسبب الدور الذي أداه ضد المتشددين، أو ما يعرف باسم الحشد الشعبي.
وبحسب التقرير، فإن مسؤولين عراقيين يشتكون من عرقلة مهمتهم؛ بسبب التردد الأمريكي في مواجهة تنظيم الدولة. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع ناصر نوري: "لا نؤمن أن أمريكا تدعم (داعش)"، ويضيف: "صحيح أن الكثير من الناس يعتقدون بهذا، وهم محقون؛ لأن أمريكا يجب أن تقوم بأكثر مما تفعله الآن. ولأن أمريكا بطيئة في الرد، فإن هناك الكثير من الناس يؤمنون بأنها تدعم (داعش)".
والطائرات الأمريكية، التي تشن غارات يومية، لا تستجيب لطلبات الدعم في حال كانت هناك مخاطر من ضرب المدنيين. وبحسب وارين، فإن هذا المعيار لا يتم الالتزام به عند طلب الغطاء الجوي. وشنت الولايات المتحدة 3768 غارة حتى 19 تشرين الثاني/ نوفمبر، وزادت وتيرة الغارات على العراق في الفترة الأخيرة.
وأضاف وارين أن المقاتلين لا يعلمون عن الغارات، وترد الولايات المتحدة بشكل يومي على مطالب الدعم. وأسهم الدعم الجوي الشهر الماضي باستعادة بيجي من الجهاديين.
ويختم التقرير بالإشارة إلى أن المقاتلين في بيجي يقولون إنهم لم يشاهدوا غارات. ويقول اللفتنانت مرتضى فضل إن قواته قادرة على العمل دون الغارات. ويضيف أن الدعم الجوي جاء من القوات العراقية. وتمنى لو طلبت الحكومة الدعم الجوي الروسي بدلا من الأمريكي.
(المصدر: واشنطن بوست 2015-12-02)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews