الحساسية الموسمية.. بين الإستعداد الوراثي و الإصابة في الكبر
جي بي سي نيوز-: الحساسية الموسمية هي ردة فعل جهاز المناعة على مواد طبيعية في البيئة تحدث خلال فترة معينة من السنة، وخاصة عند حلول فصل الربيع، نظرا لانتشار حبوب اللقاح المسببة للحساسية التي تنطلق وقت إزهار النباتات.
عن أعراض الحساسية الموسمية ومسبباتها وطريقة علاجها، كان لـ”ناعمة” لقاء مع الدكتور عمر الحارسي أخصائي الجهاز التنفسي، فكان الحوار التالي:
من بين أقوى أعراض الحساسية الموسمية التي تظهر بجلاء خلال فترة حلول فصل الربيع، يقول الدكتور عمر الحارسي، وجود حكة على مستوى العينين، سيلان الأنف مع كثرة العطس، بالإضافة إلى وجود حكة على مستوى الحلق، وهي علامات بارزة لتأكيد الإصابة بالحساسية الموسمية، ويضيف الدكتور الحارسي أن الفرق بين الحساسية الموسمية وأنواع الحساسية الأخرى، هو أن الحساسية الموسمية تبدأ في فترة محددة من السنة وتتوقف عندما تنتهي تلك الفترة أو الموسم، أما الحساسية غير الموسمية فهي تحدث في أي فترة من السنة.
أهمية التشخيص
بعد إجراء فحص الحساسية، يقول الدكتور الحارسي، يصف الطبيب المعالج للمريض التطعيم “الجلبة” المناسب لحالته بمصل مضاد لمسببات الحساسية، وهو عبارة عن مستخلص بروتين لقاح النباتات المسببة لحساسيته، والذي يعطى على شكل جرعات تحت الجلد تزداد تدريجيا حتى يشعر المريض بالتحسن. وهذا التطعيم يضيف الدكتور الحارسي هو العلاج الوحيد الذي يغير استجابة جهاز المناعة ويجعله أقل حساسية، وبالتالي يبدأ الجسم في عدم التأثر بالمسببات. ويستمر الحارسي قائلا بان التطعيم ضد الحساسية الموسمية فعال جدا، بشرط انتقاء المسببات بعناية وأن يكون الأخصائي على علم بمسببات الحساسية في بيئة المريض.
ردة فعل الجهاز المناعي
من المفاهيم العلمية المبسطة والمختصرة للحساسية، أنها ردة فعل جسم الإنسان عبر جهازه المناعي عند تعرضه لأجسام غريبة ومؤثرة، أو دخولها من خلال الجهاز التنفسي أو الهضمي أو العينين. وفي أحيان أخرى، يقول الدكتور الحارسي عمر، يقع احتكاك تلك المؤثرات مع الجلد، حيث تؤدي هذه الجزيئات والذرات المحسسة إلى تنشيط مراكز وخلايا متخصصة في الجسم البشري فتحفزها لإفراز مادة الهستامين المؤدية إلى ظهور أعراض الحساسية مهما اختلفت مسبباتها أو تباين موضعها من جسم الإنسان.
العامل الوراثي من بين أقوى الأسباب
لقد أثبتت الدراسات العلمية الأخيرة، يقول الدكتور الحارسي، ما للوراثة والعامل النفسي من دور مهم وفعال في استعداد بعض الأشخاص دون غيرهم للإصابة بشكل أو بآخر بأنواع الحساسية، ويضيف الحارسي، أن اعتماد الأطفال على الرضاعة الاصطناعية يزيدهم مستقبلا استعدادا للتعرض للحساسية، ومن هنا تبدو أهمية الرضاعة الطبيعية لما تعطي لأطفالنا من مناعة ومقاومة للأمراض إضافة للحنان الذي لا يعوض. ويؤكد أن الحساسية ممكن أن تحدث في كل فصول السنة وتصيب مختلف الأعمار ومن كلا الجنسين، فهي وبكل أشكالها منتشرة عبر العالم. ويؤكد الحارسي أن بعض الناس يولدون وعندهم الاستعداد الوراثي للإصابة بالحساسية، وفي المقابل نجد آخرين تحدث لديهم الحساسية في الكبر، فالحساسية هي نتيجة للمورثات أو الجينات التي نرثها، والتي يبدأ تأثيرها في فترة ما أثناء حياة الإنسان.
الحساسية أنواع وبمسببات متعددة
هناك أنواع كثيرة للحساسية، يقول الدكتور الحارسي، منها:
الحساسية الغذائية المتمثلة في وجود حساسية الجهاز الهضمي لبعض المواد الغذائية كالبيض، السمك، الموز، وللمكسرات كالفستق، الجوز واللوز في بعض الأحيان، أما أعراضها فتظهر على شكل مغص معوي وغثيان وصداع ويمكن أن يصاحبه قيئ وإسهال.
الحساسية الكيميائية التي تظهر بعد التعرض لمواد التنظيف ومواد التجميل ومزيلات الشعر وحتى بعض أنواع العطور، وتأتي أعراضها عبارة عن حكة وطفح جلدي، العطاس واحمرار العينين، أما في حالة إصابة الجهاز التنفسي فتأتي أعراضها على شكل ضيق التنفس مع سعال حاد، وخفقان على مستوى القلب مع آلام في الصدر.
الحساسية الدوائية وغالبا ما تحدث بعد أخذ حقن البنسلين، الأتروبين والأسبرين.
الحساسية الموسمية والتي تحدث عادة عند التغيرات والتقلبات المناخية وفي معظم الحالات عند حلول فصل الربيع، ولذلك يطلق عليها الحساسية الربيعية، وذلك حينما تتفتح الأزهار وتنتشر روائحها ولقاحاتها، فتنتج عنها أعراض الحكة والاحمرار والدمعان وكذا حكة الأنف، العطاس، السيلان، الصداع وضعف حاسة الشم، كما تظهر عند البعض أعراض الربو القصيبي. بالإضافة إلى حساسية الحشرات، لسعات النحل، استنشاق زغب الحيوانات الأليفة كالكلاب، القطط والأرانب، كما أن هناك أنواع أخرى من الحساسية من كائنات بيتية دقيقة مجهرية والتي تعيش في مختلف نواحي البيوت وزواياها، في السجاد والمفروشات والتي تكون على شكل غبار.
كما ينصح أخصائي الجهاز التنفسي الدكتور عمر الحارسي، مرضى الحساسية بالابتعاد وتفادي التعرض للمواد المؤثرة والمسببة لها، ومن بينها الأدوية المهدئة كقطرات الأنف والعين، مضادات الاحتقان، بخاخات الاستنشاق الموسعة للقصبات الهوائية، مضادات الهستامين، وكذلك تناول الكورتيزون ومشتقاته المستعمل بكثرة في علاج مجموعة من حالات الحساسية الموسمية المزمنة.
أدوية مخففة وأخرى شافية
إن أغلب طرق علاج الحساسية بأنواعها، يقول الدكتور الحارسي، تخفف من شدة الأعراض المزعجة في كل الحالات، وقد تكون شافية تماما في حالات أخرى، وتشمل إجراءات خاصة بالإضافة إلى تناول مواد طبيعية أو فيزيائية وأخرى صيدلانية تحت إشراف طبي متخصص ومباشر، مما قد يساعد على الشفاء التام أو التخلص من الحساسية وأعراضها ولفترات طويلة ومتباعدة.
الجلد أكثر إصابة بالحساسية
من أكثر أنواع الحساسية المنتشرة في المغرب، يقول الدكتور الحارسي، نجد الحساسية الجلدية، لأن الجلد أكثر جزء من الجسم تعرضا لتغيرات الطقس وبالتالي الإصابة بالحساسية كالشعور بالحكة الشديدة مع حدوث طفح جلدي أحمر وهو المعروف بالارتكاريا، وعن تفاعلات الحساسية يضيف الحارسي: “إن الجسم المناعي يتفاعل مع المؤثر الخارجي وحسب نوع النسيج يكون الناتج، فإذا كان هذا التفاعل داخل أنسجة الأنف فان الناتج هو انتفاخ في الأنسجة المبطنة لها التي تصاب بالانسداد مما ينتج عنه تمدد الشعيرات الدموية بجدار الأنف فيحدث السيلان. أما إذا كان في ملتحمة العين فتصاب هذه الأخيرة بالاحمرار والشعور بالألم وانهمار الدموع الشديدة. أما إذا كان بجدار القصبة الهوائية فتكون النتيجة هي حدوث الربو الذي يصيب أغلب البشر”.
دور الحالة النفسية للمريض
يؤكد الدكتور الحارسي أن من بين مهيجات الحساسية الموسمية نجد حبوب اللقاح والأتربة والفيروسات والفطريات، بالإضافة إلى التعرض للتغييرات الجوية المفاجئة على مستوى درجة الحرارة، المكيفات، و العوامل البيئية الخارجية.
كما أضاف أن للوراثة دورا كبيرا في الإصابة بالحساسية كالاكزيما، حساسية الأنف والأذن والربو الشعبي، حيث يحدد تاريخ العائلة مع هذا المرض الإصابة به لدى أفرادها، ويضيف الحارسي أن الحالة النفسية للمريض تلعب دورا مهما في تفاقم الإصابة بمرض الحساسية، لأن هناك علاقة بينهما وكل منهما يؤثر على الآخر.
الجهاز المناعي والتفاعل مع المؤثرات
يوضح الدكتور الحارسي أن الشخص الطبيعي يتعامل مع كل المكونات الموجودة بالبيئة على أنها أشياء طبيعية لا يتفاعل معها أو يتأثر بها، لكن الجهاز المناعي لدى مريض الحساسية يعتبرها غير طبيعية، لذا يفرز أجساما مناعية ضدها وهي غالبا ما تكون على أنواع مختلفة من بينها الجسم المناعي E. و تتفاعل هذه الأجسام مع بعض أنواع الخلايا في أنسجة المريض، فتنتج عنها مواد كيميائية كبعض الإنزيمات ومادة الهستامين ما يسبب تقلصات في عضلات الرئتين وضيقا في الشعب الهوائية وإفراز بلغم يزيد من معاناة المريض المصاب، كما يحدث تمدد في الشعيرات الدموية الدقيقة بالأنسجة التي يحدث فيها التفاعل مما يؤدي إلى خروج بلازما من الأنسجة التي ربما تتطور إلى درجة ظهور ارتيكاريا جلدية، كما يمكن أن تصاحبه زيادة في ضيق الشعب الهوائية.
وصفات طبيعية
يتحدث الخبراء عن الخصائص السحرية لشطف بسيط للأنف باستخدام محلول ملحي، الفكرة هي أنك تساعد على غسل حبوب اللقاح التي استنشقتها طوال اليوم وتتخلص من الاحتقان بصورة طبيعية، لكن في نفس الوقت ينصح نفس الخبراء المرضى بألا يستخدموا هذه الوسيلة كثيرا، حيث إن الشطف في كثير من الأحيان من الممكن أن يجعلك أكثر عرضة لأمراض الأنف المعدية. كما هناك أيضا عددا من علاجات الأعشاب والمكملات الغذائية التي تستحق التجربة، إما وحدها أو بالإضافة إلى أدوية دون وصفة طبية أو بوصفة طبية، أما بالنسبة للمبتدئين يوصي باستخدام نبات القراص المجمد والمجفف، الذي قد يساعد في تخفيف سيلان الأنف واحتقان الجيوب الأنفية، ونبات العرقون الذي يستخدم في علاج أمراض والتهابات العين، والكيرسيتين الذي كثيرا ما يوجد مع فيتامين “سي”، الذي يمكن أن يكون مضادا فعالا. وكل هذه العلاجات ليس لها أي آثار جانبية سلبية مثل الدوخة والخمول والصداع، لكن على من يعاني من الحساسية المزمنة أن يقوم باستشارة الطبيب بخصوص استعمالها.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews