المؤشرات المالية والنظم المحاسبية لتقييم الأداء المصرفي
إن الاقتصاد الإسلامي قادر على التكيف مع المتغيرات المحيطة به دون الخروج عن ثوابته الأساسية، بل إن نجاح الابتكارات التي قدمها للسوق المالية العالمية ودرجة الإقبال عليها دراسة وتطبيقاً تشهد على ذلك.
وعليه فإن نموذج الربح المقترح هو معيارٌ كافٍ وفعالٌ لمؤشرات الأداء ويحل بفعالية وكفاءة محل معيار الفائدة الربوية، مما يثبت بجدارة استقلالية منهج الاقتصاد الإسلامي ومفاهيمه عن غيره من الأنظمة.
وعلى كل حال، ينبغي على الباحثين والعاملين في مجال الإدارة والاقتصاد الإسلامي الاستمرار بطرح حلول إسلامية بديلة في الأسواق العالمية التي تسعى جاهدة في الوصول إلى بدائل تمكنها من الخروج من أزماتها. بحيث تكون خالية من الشبهات الربوية وقادرة على تحقيق الكفاءة الاقتصادية والمصداقية الشرعية.
العلاقة بين الاستثمار و الإنتاج والمخاطر
المستثمرون قسمان قسم مسالم لا يحب المخاطرة وقسم مغامر. فالأول يتطلع دوماً إلى استثمارات تخلو من المخاطر أو أنها تكون في حدودها الدنيا على الأقل كالاستثمار في الإيجار. أما المغامر فإنه على استعداد لتحمل نتائج المخاطر. لذلك نجده يسعى إلى تحقيق نسب عالية من الأرباح لتغطية عنصر المخاطرة، وذلك شأن شركات التنقيب عن النفط مثلاً. وقد يحجم المستثمر عن الإقدام إذا علم بضخامة حجم المخاطر المحيطة باستثماره.
وضع الفكر الاقتصادي التقليدي لكل عنصر من عناصر الإنتاج عائداً يقابله. فالأجر يقابل العمل، والإيجار يقابل الأرض، والفائدة الربوية تقابل رأس المال، والربح يقابل التنظيم أو الإدارة. أما الإسلام فإنه جزّأ عناصر الإنتاج إلى عمل ورأسمال لأن الأرض هي شكل من أشكال المال، ولا يختلف عمل الإدارة عن عمل العمال، وهذا ما قامت علبه شركات المضاربة، وعليه فإن عوائد عناصر الإنتاج في الاقتصاد الإسلامي هي:
أولاً: عوائد العمل (الأصول البشرية)
1- الأجر (الإجارة)
2- جُعل (جُعالة)
3- ربح (مُضاربة)
ثانياً: رأس المال (الأصول المادية):
1- أصول عينية:
- إيجار (إجارة)
- ربح (مساقاة / مزارعة)
2- أصول نقدية: (ربح)
3- أصول معنوية (الضمان: ربح شركات الضمان)
القرارات الاستثمارية الصحيحة في القطاع المصرفي
إن اتخاذ القرارات المناسبة في الشركات والمؤسسات يجب أن يتبع منهجاً علمياً لتحقيق أهدافها بدقة وفي الوقت المناسب فأولاً لابد من توافر بيانات تمثل المدخلات الأساسية للمعالجة، ويشكل كل المحاسبة والإحصاء أداتان هامتان في جمع هذه البيانات. فالميزانية مثلاً تمثل من حيث النتيجة قيداً مزدوجاً لإغلاق جميع الأرصدة المفتوحة في نهاية الدورة المالية وهو يعبّر عن معادلة رياضية صفرية متوازنة الطرفين. ومن هذه المعادلة يمكن اشتقاق نسب تُظهر العلاقات القائمة بين أرقامها وتقدم تفسيرات وتوضيحات، وقد أثبتت الخبرة أن هناك علاقة تناسبية بين عناصر القوائم المالية المختلفة يُعبَّر عنها بنسب معينة، هذه النسب تتشابه في المنشآت التي تعمل في قطاع اقتصادي معين، وإذا ما توافرت هذه النسب على الوجه المفروض لها اعتبر ذلك دليلاً على نجاح المنشأة وتوازنها ثم تأتي المعالجة (اليدوية أو الآلية سواء استخدمت فيها الآلات والتجهيزات أو لم تستخدم) لتُنتِج مخرجات تسمى معلومات تمييزاً لها عن البيانات لأنها أكثر دلالة منها.
تطبيقات مؤشرات الأداء بالمؤسسات المصرفية الإسلامية
تهدف عملية تقييم الأداء إلى المفاضلة بين الاستثمارات وقياس مدى نجاحها بتحقيق أهدافها من خلال الاستغلال الأمثل للموارد والإمكانات المتاحة، فمؤشرات تقييم الأداء هي أدوات لدراسة وتحليل واكتشاف مواطن الخلل والانحراف وبيان أسباب هذه الانحرافات تمهيداً لاتخاذ الإجراءات المناسبة لتصحيحها وتجنبها في المستقبل كما تُستخدم مؤشرات قياس الأداء في توابع الهندسة المالية الإسلامية لابتكار وتحسين منتجات مالية أكثر تطوراً بينما تستخدمها معايير دراسات الجدوى الاقتصادية بدل سعر الخصم إيجاد القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية، وبدل سعر الخصم في احتساب فترة الاسترداد وصافي القيمة الحالية ومعدل العائد الداخلي، وللتنبؤ بمدى فاعلية أداء المشروعات المراد إقامتها والحكم على جدواها واتخاذ قرارات الاستثمار الأنسب. لأن معيار قياس الأداء المقترح يمثل تكلفة فرصة التمويل وتكلفة الفرصة المضاعة للاستثمار وبناء على ما سبق، يمكن احتساب مؤشر أداء لكل قطاع من قطاعات الاقتصاد بنفس الأسلوب وبناء على أرباح شركات ذاك القطاع، مما يساعد في إجراء دراسات ومقارنات أكثر دقة وواقعية ويمكن إجمال جميع المؤشرات بمؤشر واحد للدلالة على الحالة العامة للاقتصاد وتستخدم مؤشرات الأداء المقترحة ضمن مؤشرات المحاسبة الإدارية والتحليل المالي لتقديم معلومات أساسية لاتخاذ قرارات إدارية وبذلك يكون معيار قياس الأداء المقترح قد استند إلى معيار الربح الجاري لمؤسسات تعمل في السوق فعلاً مما سيعكس الواقع الفعلي للسوق في كل فترة يتم فيها قياسه.
المؤشرات المالية والنظم المحاسبية
إن جميع هذه المؤشرات تشكل أساساً علمياً وعملياً في ترشيد قرارات الاستثمار رغم مزايا ومحاذير ومحددات كل منها. كما أن أغلبها يعتمد سعر الفائدة الجاري في السوق المالية (بشكل مباشر أو غير مباشر) سواء كأساس للمقارنة والحكم أو للحساب وصولاً إلى مؤشر يساعد في ترشيد قرار الاستثمار.
تستخدم المؤشرات والنسب في مجالات عدة، فهي أداة للتحليل المالي وأداة للمراجعة والرقابة. وتساعد في دراسة مؤشرات الربحية القومية والربحية التجارية.
مؤشرات الربحية القومية للمشروع
(معدل الخصم الاجتماعي) وهو المعدل الذي به تتناقص على مرّ الزمن القيمة التي يعطيها المجتمع للمنافع والتكاليف المستقبلية. وتنشأ الحاجة إلى إجراء مثل هذا التقدير من ضرورة تجميع القيمة الحالية للتكاليف والمنافع الاجتماعية لمشروع يمتد عبر فترة زمنية طويلة.
(القيمة المضافة أو التقييم الاقتصادي) للمؤشرات حسب طريقة التأثيرات، وهي تتكون من جزأين رئيسين هما: الأجور والفائض الاجتماعي. فالأجور تعني عمالة أكبر ودخلاً أعلى وزيادة في القوة الشرائية، أما الفائض الاجتماعي فيقابل التوزيعات من الضرائب والربح الصافي والفوائد على المال ومخصصات التوسع والاحتياطيات، حيث يجب حساب جميع التكاليف والمنافع الناجمة عن تحقيق مشروع ما بأسعار السوق ثم احتساب تأثيراته على مختلف قطاعات الاقتصاد، فالمؤشر الأساس في هذه الطريقة هو القيمة المضافة وبالتالي تقييم المشروع من خلال مساهمته في زيادة الناتج المحلي.
(مؤشرات الربحية التجارية للمشروع): وفيها نميز بين ظروف عدم التأكد وظروف التأكد التام. ومن مؤشرات ظروف عدم التأكد تحليل نقطة التعادل، وتحليل الحساسية. أما مؤشرات ظروف التأكد التام فهناك تحليل ربحية الاستثمار وفيه طرق تحليل بسيطة كعائد الاستثمار وفترة الاسترداد وأخرى تعتمد القيمة الحالية للنقود كصافي القيمة الحالية ومعدل العائد الداخلي. وهناك تحليل مالي كنسب السيولة ومؤشرات دراسة هيكل رأس المال.
(تحليل نقطة التعادل في قياس حساسية متغير محدد) كمستوى الطاقة أو حجم المبيعات للمساعدة في اتخاذ قرار بدء التشغيل رغم أن القيمة الدقيقة لهذا المتغير قد لا يمكن الجزم بشأنها على وجه اليقين.
(تحليل الحساسية) فيبين كيف تتغير قيمة معيار كفاءة مشروع ما (كصافي القيمة الحالية أو القيمة المضافة القومية الصافية أو أي معيار آخر يستخدم لقياس الكفاءة) نتيجة لتغير قيمة أحد المتغيرات (مثل حجم المبيعات، سعر بيع الوحدة، تكلفة الوحدة،..الخ).
(عائد الاستثمار) البسيط فهو نسبة الربح الصافي في سنة عادية إلى الاستثمار الإجمالي (رأسي المال الثابت والعامل). ويقارن هذا المعدل بسعر الفائدة فإذا تجاوزها كان مؤشرا لجودة المشروع.
(فترة الاسترداد) فهي طريقة تقيس الوقت اللازم للمشروع ليسترد جملة استثماراته من خلال منافعه الصافية المحسوبة في صورة صافي الإيرادات النقدية السنوية.
(القيمة الحالية الصافية للمشروع) فهي الفارق بين القيمة الحالية لتدفقاته النقدية المستقبلية الداخلة والخارجة. مما يعني خصم جميع التدفقات المستقبلية إلى النقطة الزمنية صفر أي بدء التنفيذ على أساس خصم محدد مسبقاً ويتم احتسابه على أساس سعر الفائدة الجارية.
(معدل العائد الداخلي أو عائد الاستثمار الداخلي) فيكون معدل الخصم مجهولاً على خلاف طريقة صافي القيمة الحالية، فهو عبارة عن معدل الخصم الذي يخفض صافي القيمة الحالية للمشروع إلى الصفر. والمعدل الحاسم للعائد يساوي سعر الفائدة الفعلي على القروض طويلة الأجل في السوق المالية أو سعر الفائدة الذي يدفعه المقترض حيث يتم اختيار المشروع ذو المعدل الأعلى.
(اعتبارات تحليل السيولة) فإنها تتجه إلى الأوضاع النقدية المتعلقة بالعمليات المالية كمتطلبات الإيفاء بالدين لسداد الأصل والفوائد وتسديد أقساط التأمين إضافة إلى النفقات النقدية الأخرى. فبعد تقدير الربحية الاستثمارية وأخذ تلك العمليات بعين الاعتبار نستطيع أن نحكم على مقدرة المشروع من حيث السيولة.
(اعتبارات تحليل هيكلية رأس المال) تبحث في تغطية التمويل طويل الأجل لتكاليف المشروع من الاستثمارات الثابتة ورأس المال العامل المقدر ويأتي هذا التمويل على صورة مساهمات أو ائتمان طويل الأجل، حيث لا تصلح القروض قصيرة الأجل في تغطية الأصول الثابتة لأنها ستثقل الميزان النقدي.
(المصدر: الشرق القطرية 2015-12-01)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews