لغز الحرب العالمية الثالثة
عمر الإنسان قصير، لكن الحياة طويلة وقديمة. ومنذ أن تحدى الشيطان الله، سبحانه وتعالى، رافضاً أن يسجد لآدم والصراع بين الخير والشر متواصل. وما القتل والدم الذي يلطخ وجه البشرية بيد داعش وأتباعها وأمثالها وداعميها، إلا فاصل من هذا الصراع الأبدي بين عباد الله المتقين وبين أتباع الشيطان.
قال تعالى في سورة «الحجر»: «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ، فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ، إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ، قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ، قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ، قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ، وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ، إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ، قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ،إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ، قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ، إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ».
إذا كان هذا كلام الله سبحانه وتعالى فكيف لا نؤمن بأن ثمة أتباعاً للشيطان أغواهم، فأسسوا منظمات سرية تقوم بأعمال شريرة تهدف في المحصلة إلى خدمة إبليس و«معركته» ضد خير البشرية؟! من هؤلاء ألبرت بايك (1809 – 1891) وهو جنرال في الجيش الأميركي الكونفدرالي وهو كاتب ومحام. نقل رفاته عام 1944 إلى معبد في واشنطن يسمى: House of the temple.. وهو القائد العسكري الوحيد الذي له تمثال في العاصمة الأميركية.
في الفترة بين عامي 1859 و1871 عمل بايك في وضع مخطط يصل بالنورانيين إلى اعتلاء عرش العالم وتجهيز الأرض لملكهم المنتظر، له رسالة مؤرخة في «15 أغسطس 1871»، موجهة إلى صديقه جوسيبي مازيني 1805 - 1872 زعيم النورانيين في إيطاليا وقائد الحركة الثورية المنادية بـ«الديموقراطية» في أنحاء أوروبا، وتم نشرها للعامة لأول مرة في عام 1925 بوساطة كاردينال من تشيلي يدعى خوزيه ماريا كارو رودريجز 1866 - 1958، وذلك في كتاب بعنوان «كشف النقاب عن الماسونية».
يصف ألبرت بايك في الرسالة وصوله إلى إلهام خارجي يساعده فيما يخطط له. وذلك بإنشاء حركات عالمية كبيرة ومؤثرة «الشيوعية والنازية والصهيونية السياسية»، تستخدم في إشعال حروب عالمية تقضي على القوى والمجتمعات الكبرى وتصل بالنورانيين لاعتلاء عرش العالم، والتمهيد لملكهم «معبودهم» المنتظر. وحدد هذه الحروب عدداً «3» وتفصيلاً «القوى المتصارعة والنتيجة المرجوة»، والحروب كالتالي:
الحرب العالمية الأولى: وهدفها إتاحة المجال للنورانيين للإطاحة بحكم القياصرة في روسيا. وجعل تلك المنطقة معقل الحركة الشيوعية الإلحادية. واستخدام الشيوعية كمذهب لتدمير الحكومات الأخرى وإضعاف الأديان.
الحرب العالمية الثانية: وذلك بتمهيد الخلافات بين الفاشستيين والحركة الصهيونية السياسية. لتنتهي بتدمير النازية وازدياد سلطان الصهيونية السياسية. حتى تتمكن أخيراً من إقامة دولة يهودية في فلسطين. كما يجب تدعيم الشيوعية حتى تصل بقوتها إلى مرحلة تعادل فيها مجموع قوى العالم المسيحي، ثم إيقافها عند هذا الحد. حتى يبدأ العمل في تنفيذ المرحلة التالية.
الحرب العالمية الثالثة: يقضي مخططها بأن تنشب نتيجة للنزاع الذي يثيره النورانيون بين الصهيونية السياسية وبين قادة العالم الإسلامي. وبأن توجّه هذه الحرب وتدار بحيث يقوم الإسلام والصهيونية بتدمير بعضهما بعضاً. وفي الوقت ذاته تكون الشعوب الأخرى المنقسمة على هذه القضية بقتال بعضها بعضاً. حتى تصل إلى حالة من الإعياء المطلق الجسماني والعقلي والروحي والاقتصادي.
يقول ألبرت بايك نصاً: «سوف نطلق العِنان للحركات الإلحادية والحركات العدمية الهدامة. وسوف نعمل لإحداث كارثة إنسانية عامة تبين بشاعتها اللامتناهية لكل الأمم نتائج الإلحاد المطلق. وسيرون فيه منبع الوحشية ومصدر الهزة الدموية الكبرى. وعندئذٍ سيجد مواطنو جميع الأمم أنفسهم مجبرين على الدفاع عن أنفسهم حيال تلك الأقلية من دعاة الثورة العالمية. فيهبون للقضاء على أفرادها محطمي الحضارات. وستجد الجماهير المسيحية آنذاك أن فكرتها اللاهوتية قد أصبحت تائهة غير ذات معنى.. وستكون هذه الجماهير متعطشة إلى مثال تتوجه إليه بالعبادة. وعندئذٍ يأتيها النور الحقيقي من عقيدة الشيطان الصافية التي ستصبح ظاهرة عالمية، والتي ستأتي نتيجة لرد الفعل العام لدى الجماهير بعد تدمير المسيحية والإلحاد معاً وفي وقت واحد».
هل نجد في ما سبق تفسيراً للألغاز التي يمر بها العالم الآن: انهيار النظام السوفييتي؟ ضرب الاقتصاد الأميركي والأوروبي؟ الفتنة بين المسلمين والمسيحيين في العالم؟ تشويه صورة الإسلام من خلال خلق داعش والمنظمات المتطرفة التي تدعي الإسلام؟ بث الرعب في المجتمعات الغربية، تصديع دول محسوبة على الغرب من خلال تشجيع التطرف وإذكاء الخلافات الطائفية والعرقية؟ هل العالم في الحرب العالمية الثالثة التي تحدث عنها حليف الشيطان ألبرت بايك؟
لقد بدأ التحضير لهذه الحرب منذ عام 1979 عندما أنشأت الولايات المتحدة ووكلاؤها القاعدة، وجلبت الشباب المسلم تحت وهم الحرب المقدسة وسلحتهم ودربتهم لمحاربة الملحدين في أفغانستان، وبعد الحرب خلقت وحشاً ما لبث أن كفر بصانعه وبدأ بتوجيه ضربات غير موجعة له، فزرع كراهيته في الرأي العام، ثم توّج ضرباته هذه بضربة موجعة في الحادي عشر من سبتمبر 2001، كانت ضربة رمزية أقنعت العالم أن الوحش يهدف إلى هدم الرأسمالية، وبدأ الإعلام بنشر آلاف القصص عن هذا الوحش الذي روّع العالم وحضّره لحرب جديدة، استغلها صانع الدمار واحتل العراق بعد أن أنهكته سنوات من التجويع والتدمير الممنهج، واطمأن إلى أن احتلاله سيكون نزهة، فقد اعترف توني بلير أخيراً، بأنهم كانوا يعلمون أن صدام لم يكن يمتلك أية أسلحة دمار شامل، مع أن هذه كانت مبرر الحرب، ولكن لا يهم فالعراق دُمّر.
لقد تداخلت علاقات الدول مع بعضها ككرة الصوف المتدحرجة، تنهار دول وتقسم دول وترسم خرائط جديدة، وحدها تتوسع دولة الكيان الصهيوني حليف الشيطان الأقرب!
(المصدر: البيان 2015-11-27)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews