قراءة “خاطئة” أخرى
ربما يتساءل البعض عن دوافع تقديم مثل هذه القراءات ” الخاطئة ” عن احداث تسببت بتغيير العالم لكنها اصبحت من صفحات التاريخ، فقد قرأت الحقبة اللاحقة للحرب العالمية الاولى وكيف ثبت فشل الدارسين والمحللين في معرفة ما ستؤول إليه اوضاع البشرية بعد دخول سلاح الطيران في الحرب وتلاشي الامبراطوريات الكبرى.
كما قلنا، فقد اندلعت الحرب العالمية الثانية بعد عقدين من انتهاء الحرب الاولى، ولم تزل صور الدمار والقتل والخراب التي خلفتها الحرب الاولى شاخصة في ذاكرة الكثيرين من الذين عاشوا الحرب أو قرأوا وسمعوا عن بشاعاتها.
صدقت قراءة البعض عن دمار سيشهده العالم في حال نشبت حرب كونية جديدة بسبب استخدام سلاح الطيران، وقد تأكد ذلك في صور الدمار الهائل الذي تعرضت له الكثير من العواصم، ولعل ابرزها وضوحا العاصمة البريطانية لندن من جراء قصف اسطول الطيران الألماني وبالمقابل الدمار والخراب الهائل الذي شهدته برلين عاصمة ألمانيا، فقد كان القصف الجوي على اشده على هاتين المدينتين.
وما نريد أن نتوقف عنده من “خطأ” الدارسين وقراء المستقبل وفق نظرات استراتيجية وتمحيص مجريات الاحداث، ما قاله الكثيرون من أن البشرية مقبلة على حروب دمار هائلة في ضوء دخول سلام مدمر جديد حسم الحرب العالمية الثانية، هو السلاح النووي الذي استخدمته الولايات المتحدة في قصف المدينيتن اليابانيتين عام 1945، لتقتل مئات الالاف في هيروشيما وناغازاكي، ورغم اتفاق القطبين على القضاء على هتلر والحكم في ألمانيا، وهما الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، إلا أن العالم دخل حقبة جديدة لم تشهدها البشرية من قبل بعد صعود قوتين فقط لتحكمان العالم.
وازدادت المخاوف من نشوب حروب كونية مدمرة بين البلدين الكبيرين بعد سباق التسلح المتصاعد بين واشنطن وموسكو، وظهور الصواريخ البالستية إلى جنب السلاح النووي، وتقسيم العالم بالفعل بين تلك القوتين سواء من حيث التبعية السياسية أو الاقتصادية.
وطيلة فترة الستينيات والسبعينيات والبشرية تحبس انفاسها خشية الضغط على زر السلاح النووي من قبل واشنطن لترد موسكو بضغطة زر ايضا، وقد كان حدث أزمة الصواريخ الخنازير الشهيرة في كوبا بداية الستينيات ملازمة للناس في كل مكان.
لكن المفاجأة اللافتة أن تلك القراءات لم تكن دقيقة بل كانت “خاطئة بامتياز” فقد سادت حرب باردة استمرت لعقود دون أن يقترب واحد من الاثنين الكبار على ضغط زر صاروخ نووي أو صاروخي، حتى انهيار الاتحاد السوفيتي بالتدريج من نهاية ثمانينيات القرن العشرين حتى مطلع تسعينيات القرن ذاته، وأن الحروب التي حصلت في تلك الحقبة قد وقعت في مناطق اخرى.
والسؤال المطروح الان إلى أي مدى يقدم السياسيون والدارسون واصحاب القرار في الدول الكبرى والصغرى رؤى ودراسات للمرحلة الحالية بكل ما تشهده من مواجهات مسلحة خطيرة، وهل توقف البعض عند الاسلحة الجديد التي دخلت الصراع وجرى تقييمها بدقة؟.
(المصدر: الوطن العمانية 2015-11-26)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews