القيادة العربية ووهم العودة
في 29 تشرين الثاني 1947 أعلنت الامم المتحدة عن تقسيم بلاد إسرائيل إلى دولة يهودية ودولة عربية. في أعقاب هزيمة العرب، اكتسبت إسرائيل مناطق الجليل الأوسط، السهل الساحلي والشاطيء الجنوبي المناطق التي كانت معدة للدولة العربية. نحو 700 الف عربي هاجروا إلى الاردن، لبنان، سوريا وغيرها من البلدان. معظمهم نزلوا في مخيمات للاجئين، يسكنون فيها هم وانسالهم حتى اليوم، باستثناء الاردن، حيث يعتبرون غرباء.
في ختام حرب الاستقلال نحو 20 الف عربي اقتلعوا من بلداتهم إلى بلدة عربية اخرى في مناطق إسرائيل. ويبلغ عددهم اليوم اكثر من 300 الف نسمة. قبل بضعة اشهر تجمع الاف المواطنين العرب في هضبة يفنيئيل وزاروا خرائب قرية حدثة. بين المشاركين، ويقف على رأسهم النواب احمد الطيبي، باسل غطاس ومندوب عن مديرية اللاجئين في م.ت.ف، وزعوا المناشير التي نشرت اسطورة الدفاع عن حقوق المقتلعين ـ «المهاجرون» ـ وفوقها «قسم العودة»: «اقسم بالله العظيم ان أتمسك بأرض الوطن بلاد ابائي واجدادي، وبحق العودة المقدس، إلى مسكني الاصلي. وأن أرفض بالسر او بالعلن كل البدائل التي تعرض كمقابل او كتعويض كمكان للسكن والله على ما اقول شهيد».
وكان المقسمون عربا إسرائيليين يسعون إلى العودة إلى اراضي الكيبوتسات، الموشافات ومدن مثل نتانيا، رعنانا ورمات هشارون. وأوضح النائب غطاس في المهرجان: «على النكبة لن ننسى ولن نغفر وليس هناك أي حال الا حق العودة!».
رئيس لجنة المتابعة لعرب إسرائيل، محمد بركة، الذي ولد في شفا عمرو هو سليل لمهاجري صفورية، التي على خرائبها اقيم موشاف سيبوري. واعلن بركة بان في نيته العودة إلى القرية مع عائلات النازحين الاخرين، ودعا للسماح لباقي النازحين بالعودة إلى قراهم التي هجروا منها. وحقيقة أن في هذه الاثناء نشأت تجمعات سكانية يهودية مزدهرة وأن مثل هذه الخطوة ستغير تماما طبيعة البلدات، لا تعنيه.
يربط النازحون إلى جانبهم جهات دولية ويعتمدون على اتفاقات دايتون (البوسنه، الهرتسك، 1995) والتي عنيت بحق كل لاجيء في العودة إلى بيته وبحقه في استبدالها بالتعويضات. وهم يسعون إلى اقامة مديرية تطبق قضايا العودة وتلغي قانون أملاك الغائبين الذي حجز على املاكهم. الرواية العربية تتحدث عن سكان اصيلين فلسطينيين (Natives)، ولكنها تتجاهل واقعا يصفه الحجاج مثل موشيه مبسولا الذي زار البلاد في القرن السادس عشر فوجد في قرية علما في الجليل «نحو 76 رب بيت (عائلات) يهودي». وكان يهود ايضا في صفد، في نابلس، وحتى في غزة، ولكن عن هذا لا يتحدثون. غني عن البيان ان موجات الهجرة العربية من المنطقة أغرقت البلاد وعائلات المصري، اليمني، الهندي، الحلبي والمغربي هي من انسالهم.
عندما يتطلعون إلى جعل إسرائيل دولة كل مواطنيها، تحقيق حقوق قومية لعرب إسرائيل واقامة دولة فلسطينية، فان الكابوس كفيل بان يتحقق. بمساعدة محافل دولية يعلن عن المثلث، الجليل العربي وشتات النقب حكومات ذاتية قومية تسعى إلى الانضمام للدولة الفلسطينية، والموشافات، الكيبوتسات والمدن تفقد طابعها اليهود، وإسرائيل تفقد طابعها اليهودي.
المواطنون العرب، خلافا لقيادتهم، لا يزالون يتطلعون إلى الاندماج. على حكومة إسرائيل أن تطور في البلدات العربية مناطق صناعية وتقيم حدائق علمية ومجالات تجارية وترفيهية. عليها أن تشجع معيلي البلدات وتوجيه دفعات الارنونا من الصناعة إلى الاستثمار في تحسين وجه المدينة، وتطوير مشاريع ثقافية وتشجيع التعليم. والتغيير الذي سيحصل سيشجع السكان على دفع الارنونا ايضا والمطالبة بوضع مخططات هيكلية للبلدات تحسن ظروف السكن.
عندما يشعر المواطن العربي بانه يستثمر فيه، سيشعر بالانتماء. حان الوقت للانخراط في الخدمة المدنية، مثل البنات العربيات المتدينات المنضمات اليوم إلى الخدمة المدنية. بمنهاجية وبمواظبة سيكون ممكنا استعادة الثقة، تعزيز التماثل مع الدولة، القضاء على الانعزالية واضفاء مضمون على شعار التعايش.
وبالتوازي، على إسرائيل أن تطلب من الدول العربية أن تكف عن التمييز طويل السنين تجاه اخوانهم الفلسطينيين ـ العرب. في الشرق الاوسط الذي كله لاجئون لا مجال بعد اليوم لمكانة خاصة للاجئين الفلسطينيين.
(المصدر: إسرائيل اليوم 2015-11-25)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews