الاستثمار في النفط .. وتراجع الأسعار
استمرار تراجع أسعار النفط إلى فترات طويلة يهدد الاقتصاد والاستثمار في مجال النفط بما يؤثر بالتأكيد على حجم الإمدادات ونقص العرض، ولاسيَّما مع تفاقم منحنى الانخفاض إلى أقل من 50 دولارا للبرميل، وتمسك منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) منذ منتصف عام 2014 بالدفاع عن الحصة السوقية لأعضائها بدلا من خفض الإنتاج الذي يستخدم بداهة لمواجهة انخفاض الأسعار، ولا ندري هل سوف تستمر في هذا النهج من خلال اجتماعها القادم في بداية شهر ديسمبر المقبل أم لا، ولاسيَّما أن أسعار النفط الحالية لا تشجع المستثمرين، وتؤثر سلبا على التنمية، لأن ضعف الاستثمارات العالمية سيدفع إلى تزايد انخفاض إنتاج النفط، وقد يكون ذلك مفيدا لصالح ارتفاع الأسعار، لأن الاستثمار في صناعة النفط، من خلال الاكتشافات الجديدة، وتطور تقنيات الاكتشاف والإنتاج ضروري لتلبية زيادة الطلب وتحقيق استقرار السوق على المديين القصير والطويل، وهذا يتطلب
التعاون بين كافة الدول المنتجة والمصدّرة للنفط، سواء من دول داخل أوبك، أو من خارجها، للحفاظ على استقرار السوق والأسعار، خاصة إذا ظلت الأسعار تبتعد عن حاجز 40 دولاراً للبرميل مع وفرة الإمدادات والمخزونات التي تساعد على استمرار تخمة المعروض في الأسواق، وزيادة المخزونات الأمريكية، ولا شك أن هذا الوضع يهدد المحافظ الاستثمارية في العالم وفي البلدان المصدرة للنفط وما ينتج عنه من انعكاسات داخلية كبيرة وأثر سلبي على أسعار الأصول العالمية ويظهر ذلك جليا، حيث إن كبرى البلدان المصدرة للنفط تشهد حاليا عجوزات في موازناتها لأول مرة منذ سنوات، نتيجة الهبوط الحاد في أسعار النفط، الذي أدى إلى تباطؤ معدلات النمو في أصول صناديقها للثروة السيادية التي كانت تشهد ارتفاعات بمعدلات سريعة ولكن بدأ بعضها في السحب من الاحتياطيات، ولكن تختلف القدرة على تحمل هبوط الأسعار من دولة إلى أخرى، خاصة إذا استمرت أسعار النفط في التراجع، وتحقيق العديد من الشركات العاملة في هذا المجال لخسائر ضخمة، قد تجبرها على صفقات اندماج، مع تشجيع شركات أخرى على عمليات الاستحواذ، وإن كانت الاستثمارات العالمية، قد تراجعت في هذا القطاع منذ أزمة النفط بشكل كبير، كما تتوقع وكالة الطاقة الدولية انخفاض استثمارات النفط العالمية 20 % في 2015، وتعتبر أن ذلك هو أكبر تراجع لها على الإطلاق، كما يؤكد الأمين العام لمنظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك)على أن الاستثمارات النفطية في الدول المنتجة للنفط تراجعت بنسبة 21 %، حيث تتضرر شركات الطاقة من جراء هبوط أسعار النفط إلى النصف خلال السنة الماضية، كما تأثرت خطط الاستثمار بشركات النفط الكبرى والشركات المحلية وجعلها في مأزق كبير، ومن ثم يتعين عليها إيجاد سبل أخرى للحفاظ على السيولة النقدية، من خلال عملية إعادة الهيكلة، والتركيز على إدارة التكاليف ورفع الكفاءة، والتأقلم مع الهبوط الحاد لأسعار النفط في الأسواق العالمية، والعمل على خفض التكاليف، لتحقيق نتائج إيجابية، وإطلاق مشاريع مشتركة في آسيا وإفريقيا، في ظل تحديات الاقتصاد العالمي، لأن ذلك يجبر الشركات على عدم الإنفاق على عمليات التنقيب والإنتاج، وسوف يؤدي خفض الاستثمارات الآن إلى تأخير تطوير الحقول النفطية القائمة وتوقف عمليات التنقيب، مما يعني أن الإنتاج قد يتباطأ لسنوات مقبلة، إلى جانب أن هناك تراجعاً كبيراً في إنتاج النفط الصخري، بعد انخفاض أسعار النفط الخام، وأن زيادة الإنتاج في النفط الصخري محدودة حالياً، وقد تشهد انخفاضا في عام 2016، والذي سينعكس إيجاباً على الأسعار وعلى «أوبك».
(المصدر: الشرق القطرية 2015-11-25)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews