دعاة "التطرف" يتصدرون المشهد السياسي بفرنسا
نشر تقرير قال فيه إن هجمات باريس أطلقت العنان لحملة انتخابية مبكرة في الساحة السياسية الفرنسية، وفجرت السجال بين الرئيس فرنسوا هولاند، وبين أبرز قادة أحزاب المعارضة، محذرا من أن المرحلة المقبلة ستشهد استغلال البعض لهذه الهجمات الدموية، من أجل فرض سياسات أكثر تطرفا وتشددا من الناحية الأمنية وفي مواجهة المهاجرين والمسلمين.
وقال التقرير، إن الوحدة الوطنية التي أظهرها الفرنسيون على إثر هجمات شارلي إيبدو في مطلع العام الجاري؛ لم ينجحوا في إظهارها هذه المرة، حيث سارعت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان إلى مهاجمة الحكومة، التي تعرضت أيضا لانتقادات الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، فيما حاول الرئيس هولاند الدفاع عن سياساته، وكأن الحملة الانتخابية الرئاسية لسنة 2017 قد انطلقت منذ الآن، بعد أن أدت الهجمات الدموية يوم الجمعة إلى وقوع 129 قتيلا، وأكثر من 350 جريحا، 90 منهم في حالة خطرة، بحسب الحصيلة الأولية.
وقالت آن هيدالغو، عمدة باريس المعروفة بدعمها للاحتلال الإسرائيلي، إن حالة الطوارئ التي تم إعلانها تعني أن فرنسا دخلت في حالة حرب، بسبب الهجمات الدموية التي هزتها، والإرهاب متعدد الأشكال الذي مارسه الانتحاريون، الذين لم يتجهوا نحو أهداف محددة كما حصل في السابق، بل أصبحوا يستهدفون الناس بشكل عشوائي.
والحكومة الفرنسية تتعرض لسيل من الانتقادات، رغم أنها عملت في الأشهر الأخيرة على سن عدد من القوانين والتشريعات والإجراءات، التي تهدف لتقوية الأجهزة الاستخباراتية والأمنية، ولكنها رغم ذلك متهمة بأنها دخلت في حالة من الارتخاء بعد فترة قصيرة من هجمات شارلي إيبدو، ولم تحافظ على حالة اليقظة في البلاد.
وهذه النقطة بالذات؛ هي التي ركز عليها نيكولا ساركوزي، الذي ذهب بعيدا في انتقاداته، خلال سعيه المحموم للبروز أكثر من بقية المنافسين على الرئاسة -على غرار ألان جيبيه وفرانسوا فيون- عندما بدأ هجومه منذ يوم السبت صباحا، مشيرا إلى وجود اختلالات كبيرة في خطط الأمن الداخلي والسياسة الخارجية.
وأكد التقرير أن ساركوزي وجّه اللوم للحكومة "لأنها لم تكن في مستوى خطورة الوضع، ولم تتخذ إجراءات استثنائية بعد تزايد خطر هجمات تنظيم الدولة في أوروبا، كما أنه ينتقد السياسة الفرنسية في سوريا، التي تميزت بالتردد والضعف، وطالب بإنشاء جيش تحرير في سوريا مدعوما من قبل دول الجوار، وبدعم خيار الحوار مع "روسيا وفلاديمير بوتين".
وحاول الرئيس هولاند امتصاص الصدمة، والتخفيف من حدة الانتقادات، عبر توجيه دعوة للرئيس السابق ساركوزي للحضور يوم الأحد صباحا إلى قصر الإليزيه، ولكن ساركوزي الذي كان تركيزه كله منصبا على انتخابات 2017، رفض أن ينساق هذه المرة وراء دعوات الوحدة الوطنية؛ لأنه بدوره واقع تحت ضغط حزب الجبهة الوطنية، اليميني المتطرف، الذي يطالب بسياسات أمنية أكثر تشددا، ستكون موجهة أساسا ضد المهاجرين والمسلمين.
وطالبت رئيسة الحزب مارين لوبان، باتخاذ إجراءات طارئة، لتدمير ما اعتبرته "التطرف الإسلامي"، كما استغلت هذه الزعيمة "المتطرفة" هذه المناسبة "الحزينة" لتجديد مطالبتها بغلق الحدود وتسليح البلاد، والتوقف عن قبول المهاجرين.
ومسألة غلق الحدود تمثل حلا لمكافحة الخطر الإرهابي، ولكنها ستعني انهيار اتفاقات "شينغين" التي تضمن حرية الحركة داخل دول الاتحاد الأوروبي.
وفي الختام؛ اعتبر التقريرأن الطبقة السياسية الفرنسية وقعت في الفخ، فبدلا من إظهار الوحدة والتضامن في مواجهة الخطر الإرهابي -كما حدث إثر هجمات شارلي إيبدو- استغل الصقور الموقف هذه المرة لتصدر المشهد السياسي بخطاباتهم العنصرية ضد المسلمين والمهاجرين، والمطالبة بتشديد السياسات الأمنية.
(المصدر: لوموند 2015-11-16)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews