مشروع الـ 1.5 مليون فدان.. تحديات وحلول
إن مشروع تنمية واستصلاح 1.5 مليون فدان ليس مشروعا زراعيا كما يعتقد البعض, لكنه كما قال الرئيس عبد الفتاح السيسى انشاء ريف مصرى جديد
على قواعد حديثة، هو مشروع تنموى متكامل, لكنه ككل مشروع ضخم يواجه تحديات متنوعة مثل: توفير التمويل المطلوب، التغلب على حفر عدد كبير من الآبار فى ظل الظروف الجغرافية الوعرة لمواقعها، توفير الوقود اللازم لإدارة طلمبات مياه الآبار، الحفاظ على استدامة الخزان الجوفى، بالإضافة الى تحد شديد الاهمية وهو كيفية ادارة المشروع وتشغيله بعد الانتهاء من عملية التنفيذ، مع الاستفادة من كل تجارب ادارة المشروعات الزراعية السابق تنفيذها فى مصر.
أول التحديات يرتبط بتوفير التدفقات المالية المطلوبة للمشروع، فإجمالى التمويل المطلوب للمشروعت بالنسبة لحفر الآبار وتجهيزها بالطاقة الشمسية وغيرها يصل إلى حوالى 20 مليار جنيه ، بما يعادل 2.5 مليار دولار تقريباً، مما يحتم علينا وضع خطة مرحلية للتنفيذ تتواءم مع توافر السيولة المالية، يتم تنفيذ تلك الخطة على ثلاث مراحل كل منها نصف مليون فدان بالتوالى ، على أن يتم ضخ التمويل اللازم لجزء من المرحلة الأولى فقط، وتستغل حصيلة البيع والتخصيص فى الإنفاق على مراحل التنفيذ دون إرهاق ميزانية الدولة ومن ثم لن تتحمل الدولة كل تكاليف حفر الآبار أو تجهيزها .
التحدى الثانى هو تكليف وزارة الموارد المائية والرى بالإشراف على تنفيذ هذا العدد الهائل من الآبار، خصوصا فى ظل نقص كبير تعانى منه السوق المصرية من جهة توافر عدد كاف من الحفارات المتخصصة فى الآبار العميقة ، حيث لم تقم مصر فى تاريخها بالتوجه لحفر مثل هذا العدد الكبير من الآبار وفى وقت محدود. بالإضافة إلى عدم توافر العمالة المدربة لتشغيل الحفارات فى حال توافرها.
كما تحتاج عملية تجهيز المواقع الى وقت أطول من المعتاد نظرا لوقوعها فى أماكن تحتاج تمهيد طرق للوصول الى مواقع الآبار وهو تحد ثالث. لذلك تمت الاستعانة بالخبرة والامكانيات الكبيرة لكل من وزارة البترول ووزارة الدفاع ووزارة الانتاج الحربى لسرعة الانتهاء من الآبار المطلوبة. كما تمت الاستفادة من التكنولوجيا الاجنبية وبخاصة الصينية فى أعمال الحفر لإنهاء المشروع فى وقت مناسب. وقد تم حتى الآن الانتهاء من حفر 660 بئرا من ضمن عقود حفر تم توقيعها بلغ عددها 1400 بئر للمرحلة الأولى فقط.
يأتى التحدى الرابع والخاص بتدبير الوقود اللازم والذى تم التغلب عليه بطريقة جديدة تحقق اكثر من هدف، فهى تضمنت التحكم فى السحب الجائر من الآبار، هذا بالإضافة إلى مراعاة البعد البيئى وتقليل التلوث الناتج من عوادم حرق الوقود، هذه الطريقة تعتمد على الطاقة الشمسية من أجل المحافظة على منسوب المياه الجوفية عند مستويات اقتصادية لا تحتاج إلى طاقة عالية لرفع المياه، والطاقة الشمسية سوف توفر حماية طبيعية للمخزون الجوفى من خلال وضع قيود على عدد ساعات التشغيل للبئر الواحدة (8-10 ساعات) ومن ثم ضمان استعاضة ما يتم سحبه أثناء ساعات إيقاف البئر فى فترات المساء، والتى تتراوح ما بين 14 الى 16 ساعة يوميا. كما سيتم إنشاء خزانات أرضية مغطاة بالبولى إيثيلين لتخزين المياه فى حالة عدم الاحتياج اليها أو اللجوء للرى الليلى طبقا ونظم الرى التى يحتاجها المستثمر.
ولضمان نجاح المشروع هناك عدد من المحددات يجب الالتزام بها وأهمها ان تحتفظ وزارة الموارد المائية والرى بحق مراقبة وتقييم الخزان الجوفى بشكل دائم ودورى، والابتعاد عن زراعة المحاصيل الشرهة للمياه مثل الموز او الارز او البرسيم الحجازى وقصب السكر وتحديد قائمة بالمحاصيل المناسبة لكل منطقة بمعرفة وزارة الزراعة ، والالتزام التام بتطبيق نظم الرى الحديثة مثل الرش والتنقيط، والامتناع عن استخدام المبيدات والأسمدة الزراعية غير الصديقة للبيئة للمحافظة علـى المخزون الجوفي. كما يجب ان يلتزم المستثمرون بمعدلات سحب يومية مقننة ومحددة من الآبار للحفاظ عليها من النضوب. مع الاعتماد على نظم تحكم اوتوماتيكية تعمل عن بعد لتشغيل الآبار وتضبط عملية المراقبة والتشغيل لها.
وقد تم الانتهاء من إعداد كراسات الشروط لمناطق الـ 500 ألف فدان والتى تراجعها حالياً الجهات الإدارية والقانونية قبل عرضها على الرئيس عبدالفتاح السيسى تمهيداً لاطلاق العمل رسمياً بالمشروع. وسيتم افتتاح المرحلة الأولى من المنظومة الالكترونية لمراقبة الآبار فى توشكى ضمن 50 بئرا فى المشروع وربط هذا النظام بكل مناطق تجمع الآبار من خلال مراكز للمراقبة.
بلاشك هناك تحديات أخرى من الطبيعى ان يواجهها اى مشروع جديد يقام فى مناطق غير مأهولة ولكن الارادة المصرية لن تقف امامها اى عوائق، وستتغلب عليها كما تغلبت على مثيل لها فى مشروعات قومية سابقة..
(المصدر: الاهرام 2015-11-12)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews