كيف يكون الرد على إسقاط الطائرة الروسية ؟
إعلان تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عن تفجير الطائرة الروسية وقتله مئات الأبرياء بينهم عائلات ونساء وأطفال ، وتأكيده بعد أيام من التبني الأول مسؤوليته من جديد ، يكشف فظاعة هذا التنظيم وخطورته على البشرية وعلى الحياة .
فلقد بات " شبه " مؤكد الآن بأن عملا إرهابيا وقع للطائرة ، وبأن المشتبه به الرئيس هو التنظيم الذي يتحمل - في القراءات الأولى - مسؤولية هذه الجريمة البشعة ، الخارجة عن كل منهج صحيح ، وكل قيم دينية وأخلاقية، ولقد اشتبه به بعد دخول الإستخبارات الأمريكية على الخط وكذلك التصريح المباشر من ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا عن عمل تخريبي ، وإجلاء الرعايا البريطانيين فورا ، بل وقرار بوتين حظر الطيران الروسي من السفر إلى مصر وليس شرم الشيخ فقط ، وأيضا قرار إجلائه نحو سبعين ألف سائح روسي ، بالإضافة لما قاله رئيس لجنة التحقيق المصرية أيمن مقدم مساء السبت عن أن آخر ثانية في التسجيل الذي تضمنه الصندوق الأسود كان صوتا يعكف الخبراء على تحليل ماهيته ، في حين رجح خبراء آخرون بأنه صوت انفجار .
وإذا كان تنظيم داعش الإرهابي يحتل أكثر من نصف سوريا ، ويرزح تحت حكمه المتخلف في سوريا وحدها أكثر من عشرة ملايين سوري ، وأيضا إذا كان هذا التنظيم يحتل أكثر من نصف العراق ، ويرزح تحت حكمه في العراق أيضا أكثر من عشرة ملايين عراقي : إذا كان ذلك كذلك ، فإنه ليس من العدل ، أن يذهب المواطنون السوريون أو العراقيون الأبرياء الذين تحتلهم داعش وتفرض عليهم طوقا حديديا وحكما جبروتيا ، بجريرة هذا التنظيم المجرم ، ونذكر هنا بما وقع في ديالى حينما أحرقت الميليشيات الشيعية المدنيين أحياء في مساجدهم ، وبما حدث في تكريت حينما أحرقت المدينة السنية ونهبت على يد الميليشيات الصفوية الإجرامية ، وبما حدث يوم الخميس بمدينة البو كمال في سوريا ، حينما قتلت الطائرات الروسية 50 مدنيا وجرحت العشرات في غارات على أسواق شعبية لا ناقة لمرتاديها ولا جمل في هذه الحرب الضروس التي قدحها داعش وتسبب في اضطرام أوارها .
لقد جاء تبرير داعش لإسقاط الطائرة بأنه رد على الغارات الروسية في سوريا ، وهو تبرير لا يمكن تسويقه أو الدفاع عنه ، إلا عند المجرمين الدمويين ، وبالمقابل ، فإن رد الطائرات بقصف الأسواق الشعبية والمخابز والمساجد في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم يعتبر عملا شبيها بأعمال داعش ، فهنا مدنيون أبرياء أيضا ولكن لا بواكي لهم .
المطلوب ليس قتل المدنيين السوريين والعراقيين ( منذ عام ونصف والفلوجة تتعرض لقصف يومي مع مدن سنية أخرى ) بل المطلوب إنهاء هذا التنظيم من خلال تعاون دولي حقيقي ، بحيث لا تقع قنبلة طائرة مقاتلة في سوق شعبي ، أو على مسجد أثناء صلاة جمعة ، فإنه يليق بالعصابات الإجرامية مثل داعش أن تعلن إسقاط طائرة أبرياء بتفاخر دنيء ، ولكن لا يليق بدول عظمى أن تقتل مئات المدنيين في مناطق سيطرة التنظيم ، لمجرد أنهم تحت سلطانه ، وإلا فإن على العالم الحر أن يبيد العشرة ملايين سوري والعشرة ملايين عراقي ثمنا للتخلص من تنظيم هش لا قاعدة شعبية له في سوريا ولا في العراق ، حيث يحكم بالإرهاب والقتل والتنكيل وقطع الرؤوس .
قليل من الحكمة والتعاون ينتهي هذا التنظيم كما بدأ بالتزامن مع النظر في مظلومية مواطني بعض الدول الباحثين عن الحرية والعدالة ، لأن الظلم هو الذي فرخ الإرهاب ، وهو ما خلصت إليه مراكز أبحاث دولية مرموقة ومعتبرة .
إسقاط الطائرة يجب أن يكون ثمنه رأس قيادة داعش ، هكذا يجب أن تفكر الدول العظمى ، وليس إحراق المدن السورية والعراقية على من فيها من مدنيين بينما يستمتع مقاتلو داعش بالسبايا الإيزيديات وبما ملكت أيْمانهم .
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews