تنافسية الوقود الحيوي رهن بلوغ سعر برميل النفط 70 دولارا

قالت شركة دوبونت "إن الوقود الحيوي المتطور المصنوع من المُخلّفات الزراعية – الذي ينظر إليه في دوائر الصناعة باعتباره الكأس المُقدّسة لصناعة مصادر الطاقة البديلة - لن يكون قادراً على التنافس مع الوقود التقليدي الأحفوري، حتى يعود النفط إلى سعر يراوح بين 70 و80 دولارا للبرميل".

التنبؤ من مجموعة المواد الكيميائية الأمريكية، التي فتحت رسمياً الأسبوع الماضي أكبر مصنع للإيثانول السليلوزي في العالم، يؤكد التحدّي الذي يواجه شركات صناعة "الجيل الثاني" من الوقود الحيوي.

بعد عقد من الزمن في متابعة عملية إنتاج بعيدة المنال، تجد الشركات نماذج أعمالها مُهدّدة من قِبل العوامل الاقتصادية المُتغيّرة للصناعة - فضلاً عن سياسات الولايات المتحدة.

سيبدأ مصنع شركة دوبونت الجديد في أيووا الذي بقيمة 225 مليون دولار، بعد بعض التأخير، في صناعة الإيثانول السليلوزي العام المُقبل، ومن المتوقع أن تنتج عن الوقود انبعاثات غاز الدفيئة بنسبة 90 في المائة أقل من البنزين.

سيتم بيع الإيثانول من المصنع في كاليفورنيا، التي فرضت تخفيضا بنسبة 10 في المائة في كثافة الكربون في وقود النقل بحلول عام 2020، من خلال إضافة الوقود الحيوي.

جان كونينكس، الرئيس العالمي للوقود الحيوي في شركة دوبونت، وصف افتتاح المصنع بأنه "يوم تاريخي في التكنولوجيا". حيث قال "نحن بالفعل نُعيد تشكيل قطاع طاقة النقل... هذه فائدة بيئية هائلة".

إلا أن استخدام المُخلّفات الزراعية بدلاً من المحاصيل الطازجة لصناعة الوقود الحيوي أمر صعب. في المصنع، ستأخذ شركة دوبونت مُخلّفات الذرة التي خلّفها الحصاد - الأوراق والقشور والأكواز والسيقان التي تُسمّى مجتمعة باسم "الحطب" – من أجل تحويل السليلوز الذي فيها إلى إيثانول. هناك مصادر أخرى للإيثانول السليلوزي تشمل قصب السكر، بقايا القصب التي خلّفها إنتاج السكر، ومحاصيل مُتخصّصة مثل التبن.

استخدام المُخلّفات كمواد وسيطة بهذه الطريقة يُجنّب عديدا من المخاوف التي أثارها الجيل الأول من الوقود الحيوي، خاصة القلق بأنه قد تمت التضحية بإنتاج المواد الغذائية لخلق المواد المُضافة للوقود.

غير أن عملية خلق الإيثانول السليلوزي الجديدة تحتاج إلى أنزيمات مُتقدّمة لإطلاق السكريات الموجودة في السليلوز، وقد كانت مستويات الإنتاج في الولايات المتحدة منخفضة جداً.

هناك مصنعان فقط يستخدمان هذه التكنولوجيا: الأول مملوك لشركة أبينجوا الإسبانية، والآخر هو مشروع مشترك بين "بويت" شركة إنتاج الإيثانول المملوكة للقطاع الخاص، ورويال دي إس إم، شركة التكنولوجيا الهولندية.

كلتا الشركتين افتتحتا مصانعهما رسمياً قبل أكثر من عام بقليل، لكن من كانون الثاني (يناير) الماضي حتى أيلول (سبتمبر) الماضي، لم يتم إنتاج سوى 1.65 مليون جالون من الإيثانول السليلوزي في الولايات المتحدة، وذلك وفقاً لوكالة حماية البيئة التابعة للحكومة. وهذا يشكل 4 في المائة من الأحجام التي كان مصنعا بويت وأبينجوا قادرين على إنتاجه نظرياً في ذلك الوقت.

ومع ذلك، اعترف كونينكس بأن الحسابات الاقتصادية لإنتاج الإيثانول السليلوزي تشير إلى أنه لن يكون قادراً على التنافس مع الوقود القائم على النفط، حتى يرتفع النفط مرة أخرى إلى أعلى من 70 دولارا للبرميل.

مع أسعار النفط التي تحوم حول 50 دولارا الآن، يُمكن أن ترتفع بسهولة، لكن في أسواق العقود الآجلة يتم تداول خام البرنت لتسليم كانون الأول (ديسمبر) من عام 2021 بسعر يبلغ 65 دولارا فقط للبرميل - الأمر الذي يُشير إلى أن الإيثانول السليلوزي سيحتاج إلى نوع من الدعم الرسمي لعدة أعوام.

تزعم شركة دوبونت أنها تملك فهما أفضل لعملية إنتاج الإيثانول السليلوزي. في الولايات المتحدة، الطلب على الإيثانول موجّه حسب معايير مصادر الوقود المُتجدّدة، وهو تشريع يتطلب حجما مُعينا من الوقود الحيوي ليتم مزجه مع وقود النقل والطائرات ووقود التدفئة.

مع ذلك، فإن هذا التشريع يتعرّض للهجوم من صناعة النفط، وشركات إنتاج المواد الغذائية ومُناصري حماية البيئة - وقد أطلقت وكالة حماية البيئة تحقيقا جديدا في انبعاثات الإيثانول. كان إنتاج الإيثانول يصطدم إلى ما هو معروف باسم جدار المزيج - الحد الأقصى القانوني البالغ 10 في المائة لمحتوى الإيثانول في وقود السيارات في الولايات المتحدة.

بيدير هولك نيلسون، الرئيس التنفيذي في "نوفوزيميس" شركة تكنولوجيا الأنزيمات الدنماركية التي تزوّد الشركات المنافسة لشركة دوبونت مثل بيتا رينيووابلز في إيطاليا، يقول "إن المسألة المهمة هي تمويل نمو الصناعة.

"عدد المصانع ضمن الموجة الثانية يُمكن أن يكون 20 أو 30 أو 200 أو 2000، لكن هذا لن يحدث ما لم يفهم المستثمرون أن المصانع ستصل إلى السوق... ليس اليوم فقط، بل في عام 2025". ويضيف أن "الإدارة الأمريكية، من أجل ترسيخ الثقة، بحاجة إلى الاحتفاظ وتوسيع تشريع معايير مصادر الوقود المُتجدّدة، لكن كثيرا من السياسيين الجمهوريين وبعض الديمقراطيين يُجادلون بأنه يجب تقليصه أو شطبه".

يقول روبرت رابير، مُحلل الطاقة "إن المشكلة مع الإيثانول السليلوزي هي الصعوبة في مُعالجة وإدارة كميات كبيرة من مُخلّفات النباتات من الناحية اللوجستية"، مضيفاً أنه "من الناحية التقنية يمكن أن ينجح هذا، لكن من الناحية الاقتصادية إنه أمر صعب للغاية".

هولك نيلسون من شركة نوفوزيميس يُجادل بأن الفوائد البيئية تستحق استمرار الدعم.

(فالمصدر: ايننشال تايمز 2015-11-06)