اعتمدوا الموازنة الصفرية رأي وجيه

في الوقت الذي تتجه فيه المؤسسات في القطاعين العام والخاص الى ترشيد النفقات، تجد ان أسلوب الموازنة التقليدية لا يمكن الإدارة من السيطرة على المصروفات، حيث تغيب الأسس والمعايير التي تبرر الأرقام المقدرة في الموازنة، فتضطر الإدارة الى قبول هذه الأرقام أو فرض نسب تخفيض جزافية لبنود المصروفات.

وهنا تأتي الموازنة الصفرية zero base budgeting لتقدم للإدارة الأدوات اللازمة لتبرير الأرقام الواردة في الموازنة من خلال البدء من الصفر والطلب من كل وحدة إدارية ان تبرر جميع النفقات المقدرة في الموازنة اعتماداً على أهداف كل وحدة وخططها المستقبلية، أو بالأحرى تبرير جدوى استمرارها في ظل الأهداف المحددة، وهذا الأسلوب قد يكشف عن وحدات إدارية لا يوجد مبرر لاستمرارها أو ان هنالك بدائل أكثر كفاءة للحصول على خدماتها.

فعلى سبيل المثال عندما تقدم وحدة خدمة التأشيرات والإقامات في الشركة ميزانيتها وتطلب زيادة %10 في مصروفاتها للعام القادم تتم، في ظل نظام الموازنة التقليدية، مناقشة الإدارة في مدى الحاجة الى هذه الزيادة، وتعمل الإدارة العليا جاهدة على تخفيض هذه الزيادة دون النظر للمصروفات الحالية للإدارة ومبررات استمرارها، بينما في ظل نظام الموازنة الصفرية يتركز الاهتمام على مصاريف الإدارة ككل، أي البدء من الصفر، ومبررات الصرف والبدائل المتاحة للحصول على الخدمات المطلوبة بتكلفة أقل، لذلك قد تنظر الإدارة الى التعاقد الخارجي outsourcing وذلك بالاتفاق مع مكتب خارجي لتقديم الخدمات المطلوبة والغاء هذه الإدارة تماماً أو تنفيذ هذه الخدمات عن طريق الإنترنت.. وبالتالي الحصول الخدمات المطلوبة بتكاليف أقل. فالموازنة الصفرية تساعد إدارة المؤسسة على ترشيد الانفاق ورفع الكفاءة من خلال مناقشة مبررات وجود الإدارة أصلاً والبدائل المتاحة لتقديم الخدمة، وإذا لم تكن هنالك بدائل أخرى للحصول على الخدمة، فان الموازنة الصفرية تساعد الإدارة على تقييم تكاليف الإدارة بالمقارنة مع أهدافها ومهامها الحالية، حيث قد تكتشف الإدارة ان المصاريف المرصودة لهذه الإدارة غير مبررة في ظل هذه المهام، وانه يمكن خفض هذه المصاريف الى النصف مثلاً، وهناك تنجح الإدارة ليس في الغاء الزيادة المطلوبة في المصروفات وانما في خفض المصاريف الحالية بنسبة %50.

ان أسلوب الموازنة الصفرية لا ينحصر تطبقه في القطاع الخاص، وانما يمكن للقطاع الحكومي ان يرشد الكثير من النفقات، وقد يؤدي تطبيقه الى اعادة النظر في بعض الوحدات في الوزارات والمؤسسات العامة.. وبالتالي يدعم سياسة الترشيد، وان كان تطبيق أسلوب الموازنة الصفرية قد يواجه بعض العقبات عند محاولة تطبيقه على موازنة الدولة الا انه يوفر أداة فعالة يمكن للدولة من خلالها ان تحصر القطاعات المتضخمة أو غير الضرورية في الأساس لتنظر في امكانية تقليص نفقاتها واعادة تدوير جزء من الكوادر العاملة فيها الى قطاعات تنمو وبحاجة الى هذه الكوادر، وقد تم تطبيق الموازنة الصفرية في بعض دول مجلس التعاون أخيراً، وفي الكويت بدأت الخطوط الجوية الكويتية بتطبيق هذا النظام في موازنة 2015، وحققت وفورات في المصاريف نتيجة تطبيقه.

.. وبالله التوفيق.

(المصدر: القبس 2015-11-02)