نظام عالمي جديد: إيران حول الطاولة
مشاركة إيران في يوم الجمعة الماضي في فيينا في محادثات السلام من اجل خطة انتقالية سياسية في سوريا وحل الأزمة سياسيا، عكست النظام الاقليمي الجديد في الشرق الاوسط خاصة، والعالم عامة، بعد الاتفاق النووي. وإذا كانت السيطرة العليا في العقود الاخيرة في العالم في أيدي الولايات المتحدة كقوة وحيدة في ساحة أحادية القطبية، فان السنوات السبع الاخيرة لنظام اوباما قد غيرت تماما الصورة، وحولت الساحة الدولية إلى ثنائية القطبية، وهناك من يقول إلى أقطاب كثيرة. الفراغ في السلطة العالمية دخلت اليه روسيا وبالذات في العام الاخير حيث بات لها دور فعال في الصراعات الدولية من الناحية الدبلوماسية والعسكرية.
النظام الاقليمي الجديد في الشرق الاوسط يرتبط بشكل مباشر بالسبب الاول ـ التغيير في السيطرة العالمية ـ والمتغيرات التي حصلت فيه. وبالذات أن السياسة الخارجية الأمريكية تساهم في تشكيل النظام الاقليمي الجديد، حيث قررت نقل مركز الاهتمام من الشرق الاوسط إلى آسيا. وجزء من هذه السياسة تطمح الولايات المتحدة إلى خلق توازن بين القوى في المنطقة، وبذلك تستقر. مشاركة إيران في محادثات فيينا هو نتيجة لتلك السياسة الخارجية الأمريكية التي تعتبر إيران عامل استقرار قادر على احداث التوازن أمام السيطرة السنية في الشرق الاوسط بتأثير السعودية ومصر والاردن. الاهمية الجيوسياسية التي توليها ادارة اوباما لإيران ساهمت في تحويل إيران بالتدريج إلى قوة عظمى اقليمية.
القرار الاستراتيجي لادارة اوباما وصل إلى ذروته في الاتفاق النووي النهائي الذي تم توقيعه بين إيران والدول الست العظمى برئاسة الولايات المتحدة كاشبينة ـ الذي بيّض صفحة إيران الدولية وفتح أمامها ابواب العالم الكثيرة، وها هي الدولة المعزولة والتي تعاني من ضائقة اقتصادية خطيرة يتم استقبالها بأذرع مفتوحة وتلهث وراءها الدول والقوى العظمى. وأصبحت مثالا للمصالحة والسلام وتحسن وضعها الدولي والدبلوماسي كثيرا رغم أنها لم تفعل شيئا ايجابيا كي تحظى بثقة القوى العظمى، التي وقعت معها على الاتفاق النووي. المسؤولة عن العلاقات الخارجية في الاتحاد الاوروبي، فريدريكا موغريني، باركت مشاركة إيران في المحادثات، ووزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، زعم أن إيران هي «قوة حقيقية ومهمة في المنطقة».
الأمر الأصعب هو أن إيران قامت باجراء تجربة على الصواريخ البالستية في 12 تشرين الاول/اكتوبر، حيث اعتبرت الولايات المتحدة ذلك اخلالا واضحا لقرار مجلس الأمن الذي يمنع طهران من تصنيع الصواريخ البالستية التي تستطيع حمل الرؤوس النووية. الامر لا يقتصر على الإخلال بقرار مجلس الامن، بل حسب الخبراء الأمريكيين، التجربة الإيرانية كانت اخلالا بالاتفاق نفسه.
سياسة الولايات المتحدة الخارجية التي مكّنت وما زالت تُمكن إيران من أن تتحول إلى لاعب أساسي في الساحة الاقليمية والدولية لدرجة التغاضي عن المخاطر الكثيرة التي انشأتها تلك السياسة. حيث ما زالت إيران ملتزمة بالقضاء على إسرائيل وهي تستمر في زعزعة الاستقرار في الشرق الاوسط حيث تتدخل إلى جانب المتمردين في اليمن والنظام الفتاك للاسد في سوريا؛ تمول التنظيمات الإرهابية ومنها حزب الله والجهاد الإسلامي؛ وتشعل المناطق في يهودا والسامرة، وما زالت القوى العظمى بشكل بعيد عن الواقع، تثني عليها وتعزز دورها الدبلوماسي، وبذلك تساهم في خلق نظام عالمي جديد.
(المصدر: إسرائيل اليوم 2015-11-01)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews