الطاقة الإنتاجية الفائضة تضغط على أسهم السلع الأساسية
سادت أجواء محمومة التداول في شركات المناجم المدرجة في لندن الأسبوع الماضي، وكانت التطورات أسرع وأكثر جموحا ـ وحتى غير منضبطة ـ نحو الجانب السلبي مما توقعه لاعبو القطاع المعتلون.
ليس هناك من يأتي على ذكر مفهوم "الدورة الفائقة" للسلع الأساسية هذه الأيام، ليس بعد أربع سنوات من الركود بلا نهاية تلوح في الأفق. مواضيع العرض المفرط والطلب الصيني المتعثر أصبحت أمورا قديمة مستهلَكة، التركيز تحول إلى مستويات ديون الشركات وأرباح الأسهم. أو بالأحرى الديون وطبيعة تلك الأرباح غير القابلة للتسليم.
هناك أيضا القضية غير الحدسية بعض الشيء، المتعلقة بتكاليف الإنتاج الآخذة في الهبوط في قطاع صناعة التعدين ـ التي لاحظها مارك إيليوت، المختص في القطاع لدى شركة (إنفستيك) هذا الأسبوع، في وقت قلص فيه هو وفريقه البحثي مرة أخرى توقعاتهم المتعلقة بالسلع الأساسية من أولها إلى آخرها.
عندما يتم وضع هذا في الحسبان، بالترادف مع الإدراك المتأخر بأن الصين قامت ببناء طاقة تعدينية ضخمة خلال المراحل الأخيرة من سنوات الازدهار، لتصبح منافسا بقدر ما هي عميل، يصبح هناك شعور بأن أسعار السلع الأساسية ببساطة لم تصل إلى أدنى مستوياتها حتى الآن. ولن يحصل هذا حتى يتم استخراج الطاقة التعدينية الفائضة بالفعل.
فإذا أضفنا إلى ما تقدم موضوعا مثل انهيار الطلب على الألماس وانهيار الأسعار، فإن المشهد العجيب للانكماش الذي بلغت نسبته 25 في المائة في أسعار أسهم شركة أنجلو أمريكان خلال الأسبوعين الماضيين، يصبح أمرا مفهوما - وكذلك الضعف المستمر في جلينكور، على الرغم من جميع وعودها بخفض الطاقة الإنتاجية وتعزيز ميزانيتها العمومية.
وبحسبت إيليوت، عمل قطاع التعدين بشكل إجمالي على خفض أداء سوق المملكة المتحدة نحو 30 في المائة هذا العام. لكن سعر أسهم أنجلو انخفض إلى النصف وانخفضت جلينكور 60 في المائة. ويبدو هذا مشابها تماما للاستسلام من جانب المساهمين. وما إذا كان هذا مبررا، فإنه يعتمد على الأفق الزمني لاستثماراتك.
هذا الشهر أصدر فريق التعدين والمعادن في دويتشه بانك، بقيادة آنا ملهولاند، مجلدا كبيرا عن إفريقيا. وقدم الفريق ملاحظة بسيطة، "النمو ليس محور تركيز شركات المناجم أو المساهمين اليوم. مع ذلك، ستدور الدورة وتركيزنا سيعود إلى الأحجام".
وتلاحظ ملهولاند أن الأمر يمكن أن يستغرق فترات متفاوتة تصل إلى 25 عاما لإنشاء منجم من الصفر. ولأن العالم سيحتاج بالتأكيد إلى مناجم جديدة على المدى الأطول، هناك مكان واضح للتركيز عليه، إفريقيا.
ووفقا لتقديرات دويتشه بانك، بحلول عام 2030 سوف تغطي الاحتياطيات العالمية من النحاس (باستثناء إفريقيا) 10 سنوات فقط من الطلب المتوقع. وفي الوقت نفسه، تمتلك إفريقيا 90 في المائة من البلاتين المعروف في العالم، و65 في المائة من المنجنيز، و50 في المائة من كل من الذهب والألماس، و40 في المائة من الكوبالت، و10 في المائة من النحاس. وباستثناء أن يصبح التعدين من الكويكبات أمرا حقيقيا، ينبغي أن تصبح إفريقيا المكان المناسب للبدء.
وتبدت آثار هذا الموضوع على نطاق واسع خلال سنوات الازدهار. واحترقت بعض الأسماء الكبيرة نتيجة لذلك، انظر إلى طيش "ريو تينتو" الكارثي في موزمبيق، حيث تم بيع أصول فحم قيمتها أربعة مليارات دولار استحوذت عليها الشركة في عام 2011 على شكل "ريفرديل ماينينج"، بعد مضي ثلاث سنوات مقابل 50 مليون دولار.
هناك تحديات عندما يتعلق الأمر بإفريقيا. وتشير ملهولاند إلى التحديات الواضحة ـ نقص الاستقرار الجيوسياسي، وتساؤلات حول أمن الحيازات (الضرائب والتشريعات)، واحتياجات البنية التحتية الكبيرة - وتتساءل، على نحو استنكاري، "اليوم، فقط اثنان من المناجم الـ 50 الأدنى تكلفة عالميا موجودة في إفريقيا. لماذا؟" هذه الإحصائيات تستثني عددا من مناجم الألماس والبلاتين في جنوب إفريقيا. لكن عندما يتعلق الأمر بالنحاس والذهب وخام الحديد، تكون الإجابة القصيرة هي أن كثيرا من المناجم الإفريقية أصغر ما يجب، والأمور اللوجستية غير كافية في أحسن الأحوال وربما غير موجودة.
ومن ثم، هناك قضية مسارات التصدير والاستيراد، مع وجود الرواسب المعدنية الكبيرة المحاطة باليابسة، والأمور البسيطة مثل توافر الكهرباء ونقاط الاتصال والمياه وهلم جرا. التحديات حقيقية جدا.
لكن التصورات الغربية عن القارة تظل عالقة في الماضي. النزاعات العنيفة عبر إفريقيا تراجعت إلى النصف على مدى ربع القرن الماضي، وكانت إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تنمو بمعدل سنوي يبلغ في المتوسط 5.3 في المائة منذ 2000، وعلى الرغم من جميع مشاعر القلق حول أعباء الديون عبر الأسواق الناشئة، يظل متوسط نسبة الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي دون 70 في المائة.
لكن يبقى السؤال قائما، إذا كانت إفريقيا هي المستقبل للتعدين، متى يمكن للصناعة أن تتركز؟ هذا أمر تستحيل معرفته. الأمر الذي يمكن قوله هو أن تراجع أسعار الأسهم في لندن لن يؤدي إلا إلى تعجيل العملية.
(المصدر: فايننشال تايمز 2015-11-01)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews