الفيفا والجزائر؟
لم يتجرع بلاتير إبعاده وإيقافه من مزاولة نشاطه رئيسا للاتحاد الدولي لكرة القدم لمدة ثلاثة أشهر، وأطلق تصريحات خطيرة على خصمه اللدود، ميشال بلاتيني، محاولا تبرئة نفسه من الفساد الذي طال "مؤسسته" الدولية، وراح كالكلب المسعور يحمله مسؤولية فوز الشقيقة قطر باحتضان كأس العالم سنة 2022 على حساب الولايات المتحدة.. العجوز ذهب بعيدا عندما قال إن شخصيات ذات وزن كبير قلبت الموازين وأبعدت الولايات المتحدة الأمريكية من سباق المونديال، ما جعل الأمريكان يمتعضون ويحركون كل أجهزتهم المخابراتية لتفكيك الهيئة الدولية وإبعاد مسؤوليها الذين صوتوا لقطر "البلد العربي المسلم"، الذي قدم ضمانات كبيرة لكل العالم بأن العرس العالمي سينجح رغم أنف أولئك الذين لا يريدون الخير لأي بلد عربي مسلم يفكر في مزاحمة الدول الكبيرة ويفتك منهم العالمية، حتى وإن كانوا في قرارة أنفسهم مقتنعون بأن ملف مونديال سنة 2022 هو الأحسن والأقوى وكل عوامل النجاح متوفرة، فلا أحد يشك في قدرة الأشقاء في تحضير أنفسهم وفي الوقت المناسب وجعل العرس العالمي ينجح مثلما نجح في القارة الإفريقية حين نظم منذ أكثر من أربع سنوات بجنوب إفريقيا.
ما يحدث في الفيفا، يذكرني بما حدث للجزائر التي ترشحت لاحتضان كأس إفريقيا 2017، ورغم أن الملف الجزائري كان الأحسن والأقوى ومدعما من طرف الدولة الجزائرية التي قدمت ضمانات كبيرة لإنجاحه، إلا أن الهيئة الإفريقية داست على كل القوانين والأعراف الكروية، ومنحت شرف احتضانه إلى بلد أقنع العجوز حياتو بملايين الدولارات، وامتيازات كبيرة جعلته يقرر لوحده إبعاد الجزائر بطريقة غير حضارية، مفضلا تلقي رشوة وأمام أعين "العالم".. أنا متأكد من أنه حين يسقط عرش حياتو فإن أمورا كثيرة ستتضح، وسنعرف يومها أن الرشوة الكروية في إفريقيا تحتل الصدارة عالميا، لأن الذي بقي 25 سنة على هرم الكاف يكون قد تخلى عن مبادئه وأخلاقه وسار في نفس "خارطة طريق الفيفا المرتشية".
عندما ظلمت الجزائر من طرف عيسى حياتو وهيئته، الذين منحوا أربع دول إفريقية شرف احتضان الأربع كؤوس الإفريقية القادمة، لم يظهر بلاتير ولم يعلق، وكأنه كان مصابا بـ"الزهايمر"، فلم يطلب لا توضيحات ولا تقارير عن خديعة القرن لأنه ببساطة كان مدعما من كل إفريقيا للوقوف إلى جانبه من أجل البقاء لعهدة أخرى، عندما نسمع ونقرأ يوميا ما كان يحدث في الهيئة الكروية العالمية والأموال الكبيرة التي تدور في أروقتها، والامتيازات الكبيرة التي كان يتحصل عليها أعضاؤها، نتأكد أن وقت التغيير قد حان ووجب جلب أشخاص نزهاء لتسيير كرة القدم العالمية، فلا بلاتير ولا بلاتيني ولا أي شخص آخر كانت له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالفيفا مؤهل لتقديم ترشحه لرئاسة الفيفا.
أذهلني مدرب أوكسير الفرنسي غي رو، الذي زار الجزائر مؤخرا عندما قال إنه بدأ ممارسة كرة القدم بكرتين إحداهما "مفشوشة"، لكنه لم يكن أبدا يتصور أن تصل الكرة إلى هذا المستوى وبأموال كثيرة، لكن ما يعرفه التقني الفرنسي أن هذه الأموال يستولي عليها الانتهازيون في الفيفا وحتى في كرتنا المسكينة.. و"الحديث قياس".
(المصدر: الشروق الرياضي 2015-10-30)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews