شركات تقتل نفسها
انقضاء وإفلاس وخروج الشركات من السوق.. قد لا يكون السبب بالضرورة الخسارة المالية بقدر ماهي نتيجة نهائية لسوء إدارة أو مخالفات لا يمكن أن تمر بدون محاسبة تؤدي بها إلى الخروج من السوق قسريا، فضيحة "فولكسفاجن" الألمانية ضربة في صميم الصناعة الألمانية للسيارات، وهي التي أصبحت "صنع ألمانيا" رمزا للكفاءة والجودة والمتانة ولا مجال للمقارنة مع أي نوع من السيارات في العالم، فحين تقول "ألماني" لأي منتج فهي تعني الضمانة والكفاءة والجودة، ولكن حالة "الغش" التي تمت في عوادم سيارات "فولكسفاجن" في الولايات المتحدة وهي أول من اكتشفها مرورا بدول أخرى، ستعني غرامات وتكاليف مالية بمليارات الدولارات، ولا يعرف كيف ستخرج الشركة من هذه الأزمة الأشد في تاريخها، حين نعود للوراء قليلا لشركة "إنرون" الأمريكية والتي أفلست وتم محاكمة مدراء الشركة كان سببها "التلاعب بالقوائم المالية" حيث كانت تخفي الاستهلاكات، وبعد مرور الزمن ظهرت فضحية الشركة وأفلست ودخلت باب المحاكمات، والدروس تعلمنا أن الخطأ المحاسبي لا يمكن إخفاؤه كل الوقت، فهي ككرة ثلج مهما مر الزمن لابد أن تظهر وستظهر مدمرة، إفلاس الشركات أيضا قد يأتي بسبب سعر صرف العملة للشركات التي تعتمد على التصدير، ففي اليابان بسبب انخفاض قيمة الين أمام الدولار بشكل أساسي ارتفع بمقدار 2.7 مرة ليصل إلى 345 شركة أفلست في عام 2014، ونتذكر بنك الاعتماد والتجارة أفلس بسبب مخالفات وتلاعبات، وغيرها كثير من الإفلاسات.
لايكفي أن تكون شركة جيدة وناجحة، ما لم يكن هناك التزام بالقواعد والقوانين والأصول، فحين تحدث المخالفات يجب أن تتحمل الشركات ما فعلت، وغالبا ما يكون سبب التجاوزات في الشركات هو "تعظيم الربح والنمو غير الصحيح، وأيضا المنافسة بحيث تصبح أنت الأفضل من خلال التلاعبات" وهذه برأيي أهم أسباب كوارث الشركات حين تحدث وتؤدي بها إلى الإفلاس والمحاكم والغرامات والخروج من السوق بفقدان المصداقية والسمعة، وهذا هو أحد أهم رأس مال للشركة وليس فقط رأس المال كقيمة مالية أو أصل، فالسمعة تعتبر أصلا غير ملموس، وعليه يجب على الشركات الحرص والعمل على المحافظة على "قانون" كل دولة تعمل بها وتلتزم بها بكل الحقوق والواجبات، وأي تجاوز غير صحيح وتدليس أو إخفاء معلومات سيظهر يوما وستكون الكارثة مأساوية تؤدي بمصير الشركة أو تفقدها كل قوتها ومدخراتها وتتكبد معها خسائر لا حدود لها، والعمل الصحيح المتقن والإبداع والتطوير والمنافسة هي الطريق الصحيح للنجاح والعمل، ما حدث في "فولكسفاجن" درس كبير يظهر مهما كنت ناجحا طوال أكثر من 70 سنة من العمل والصناعة قد تفقده في يوم واحد وبخطأ جوهري يظهر عدم مصداقية أو أمانة الشركة، وهذا ما يجب الحذر منه بالشركات أيا كان عملها، فالمنافسة والنمو يمكن أن يتحقق بنجاح منقطع النظير ولكن بمصداقية وأمانة وعمل دؤوب وإخلاص وإجتهاد، عدى ذلك ضياع وقت ومال مهما طال زمنه.
(المصدر: الرياض 2015-10-06)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews