Date : 18,05,2024, Time : 02:23:55 PM
2805 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الثلاثاء 22 ذو الحجة 1436هـ - 06 أكتوبر 2015م 01:24 ص

«الشيطان الأكبر» الروسي

«الشيطان الأكبر» الروسي

الذهاب إلى الحرب أسهل بكثير من العودة منها. هكذا يقول التاريخ. ومن عادته ألا يكذب. تحتاج الطلقة الأولى إلى شجاعة أو تهور. تحتاج الطلقة الأخيرة إلى واقعية تساعد على تجرع الخيبات ومرارات التسويات. وفي الحروب التي يمكن أن ترتدي ولو زوراً نكهة دينية أو مذهبية تتقدم الخسائر على الأرباح حتى لدى المنتصر. ففي هذا النوع من الحروب لا مكان لضربة قاضية أو أخيرة.
على الذين يستعدون للاحتفال بتورط الجيش الروسي في أفغانستان جديدة أو فيتنام عربية أن يتمهلوا قليلاً. المسرح مختلف بتركيبته وموقعه فضلاً عن تغير المشهد الدولي. ثم أننا لا نزال في بدايات هذا التدخل. ومن المبكر الخروج باستنتاجات من هذا النوع. وإذا كان يمكن وصف فلاديمير بوتين بالمغامر لتدخله عسكرياً في نزاع بهذا التعقيد فإن من التسرع اعتباره حتى الآن مقامراً ألقى ببلاده في حرب بلا حدود. لا بد من الانتظار فهو أفضل مستشار.
على الذين يستعدون للاحتفال بقلب المعادلة في سورية وطرد الولايات المتحدة من الشرق الأوسط الرهيب أن يتمهلوا قليلاً. لا يعلن النصر في مطلع الحرب وقبل اتضاح مجرياتها وخواتيمها. الوضع السوري شديد التعقيد ولا يسمح بانتصارات مدوية. ويصعب الاعتقاد أن بوتين يخطط لإعادة الوضع السوري إلى ما كان عليه قبل أربعة أعوام لأن ذلك متعذر. ويصعب تصور أنه يخطط لطحن المعارضة السورية بمجملها ولو كلفه ذلك انهيار علاقات بلاده بالعالم السني. ثم أن معركة بهذا الحجم تلقي على روسيا مسؤولية إعادة إعمار ما دمرته الحرب ولا شيء يوحي بأن اقتصادها قادر على النهوض بمثل هذه الأعباء. هنا أيضاً الانتظار أفضل مستشار.
على الذين يعتقدون أننا في الطريق إلى أزمة تشبه أزمة الصواريخ الكوبية أن يتمهلوا قليلاً. سورية ليست قبالة السواحل الأميركية. إنها بعيدة. ولم تكن أصلاً في المعسكر الأميركي. ثم أن هذه المقتلة الواسعة تدور على أرض بلد تبدو حكومته مرشحة حالياً للعيش تحت قبعتين روسية وإيرانية أو الوقوع تحت انتدابين. سورية ليست كوبا. وبوتين ليس خروتشوف. وأوباما ليس جون كينيدي. تحمل الأزمات ملامح مكانها وزمانها على رغم عبر الماضي أو مراراته.
لا بد من الانتظار لمعرفة أهداف التدخل العسكري الروسي وحدوده. هل جاء الجيش الروسي لمحاربة «داعش» أم لقصم ظهر المعارضة السورية؟ هل جاء لضمان حدود «سورية المفيدة» وإجراء تعديلات طفيفة عليها أم لدفع المنطقة غير المفيدة نحو المزيد من التشرذم والانهيار والأفغنة والصوملة؟ هل جاء للمرابطة في مناطق النظام لحجز مقعد في الحل حين تنضج ظروفه أم أنه دخل الحرب وفي جيبه حل سيقدمه؟ هل يراهن على إعادة إنتاج النظام نفسه مع عمليات تجميل محدودة أم أنه يخطط للحصول من النظام الذي أنقذه وطمأن قاعدته الصلبة على تنازلات جدية تسمح بعملية سياسية يمكن تسويقها عربياً ودولياً؟
أسئلة أخرى لا بد منها. هل سيدفع النظام ثمن المظلة الروسية تنازلات تفتح باب الحل أم سيستنتج عكس ذلك؟ وهل تقبل إيران حلاً تحت قبعة الجنرال الروسي بعدما كانت تراهن على انتصار النظام تحت قبعة الجنرال سليماني؟ ليس هناك حل في سورية يمكن أن يعطي إيران ما كانت تتمتع به قبل اندلاع الأحداث. وليس هناك حل يوفر لـ»حزب الله» ما كان متوافراً له عشية الأحداث.
بكلام أوضح. الحل القابل للعيش لا بد أن يتضمن شراكة فعلية بين المكونات. هذه المشاركة تدخل بالتأكيد تعديلاً في سياسات سورية الداخلية وفي علاقاتها العربية والإسلامية والدولية. تستطيع موسكو التعايش مع حل من هذا النوع لكن السؤال هو عن طهران. ثم إذا كان الحل في سورية يقوم بالضرورة على تعديلات في الشراكة فان حلفاء إيران في بغداد سيجدون أنفسهم مطالبين بجعل مشاركة السنة في السلطة فعلية وحقيقية على رغم اختلاف النسب السكانية بين البلدين. لا انتصار على «داعش» من دون معالجة قلق السنة في «الهلال».
وجه التدخل العسكري الروسي في سورية صفعة جديدة إلى صورة أميركا وصدقيتها. تردد أوباما متعب لحلفاء بلاده وأصدقائها. لكن بوتين لا يملك ترف إخفاء نواياه طويلاً. يقدم خلال أسابيع مشروعاً مقنعاً للحل أو ينزلق إلى حرب يصعب حسمها أو الخروج منها. طريقة دعم الكنيسة الروسية لحربه لم تكن حصيفة. أي دخول له في مواجهة طويلة مع مشاعر العالم السني ستجعل بلاده تفوز بلقب «الشيطان الأكبر». لتفادي اللقب يحتاج إلى تنازلات جدية من النظام الذي جاء لإنقاذه. لغرقه في حرب طويلة على أرض سورية أثمان على أرض روسيا نفسها وفي الحزام الإسلامي على حدودها.
التاريخ شيخ وقور علمته الأيام. على من يرتكب الطلقة الأولى أن يمتلك تصوراً فعلياً لتقريب موعد الطلقة الأخيرة. اندفع القيصر في مجازفة كبرى. يخرج بكأس صانع الحل أو يرجع بلقب «الشيطان الأكبر».

(المصدر: الحياة 2015-10-05)




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد