مركز الأمن القومي : مواجهات اليمن فضحت هشاشة إيران
جي بي سي نيوز - : كتب المحللان "شلومو بروم" و"يوال جوزنسكي" من مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أنه في وسائل الإعلام وفي الحديث المتنامي أيضًا في الأوساط الأمنية والسياسية، تبدو صورة إيران كدولة عظمى إقليمية قوية مقبولة، وكدولة تطمح إلى الهيمنة الإقليمية وتتوجه من ساحة عسكرية إلى أخرى ومن نجاح إلى نجاح وأنه لا يمكن إيقافها؛ ورغم هذه الصورة، بحسب المحلليْن، فإن المواجهة في اليمن بين القوات التي تقودها العربية السعودية وبين قوات الحوثيين المحسوبة على إيران تسمح برصد أكثر تناسبًا لنقاط القوة والضعف لدى إيران، بمعنى محدودية قوتها، هذا الفهم يبدو مهمًا لتقدير انعكاسات الاتفاق النووي مع إيران، والخطوات التي يجب اتخاذها لكبح الآثار السلبية المحتملة للتحسن المتوقع على وضعها المالي.
ويتابع "بروم" و"جوزنسكي" أنه حتى قبل عدة أشهر، بدت اليمن وكأنها حكاية نجاح أخرى لإيران.
"الربيع العربي" تطور إلى حروب أهلية، تدور بشكل عام بين السنة والشيعة أو المقربين إليهم مثل العلويين في سوريا، هذه الصراعات أضيفت إلى المواجهة في العراق بين السنة والشيعة، لذلك اختارت إيران أن تندرج إلى جانب الشيعة، لكنها تدفع مقابل ذلك ثمنًا، بمعنى شحذ خطوط الصدع بينها وبين لاعبين آخرين في المنطقة وتعميق عزلتها وتوسيع الائتلاف الإقليمي ضدها.
ويسوق المحللان في تحليلهما بأن هناك سبيلين للنظر إلى وضع إيران الحالي: أولهما - وهو المقبول - النظر إليها ككيان توسعي يوسع نفوذه وسيطرته في دول المنطقة، وحسب هذا المفهوم؛ فإيران هي من يحكم العراق عمليًا وسوريا ولبنان واليمن، هذا المفهوم يمثله شخصية قاسم سليماني، وهو قائد قوات القدس التابعة للحرس الثوري.
والثاني النظر إلى إيران ككيان دفاعي يحاول أن يدافع عن مصالح الطائفة الشيعية، والتي تعتبر أقلية في الشرق الأوسط، ونتاج ذلك أن إيران قد تعاني من اتساع زائد من التزاماتها وعدم قدرتها على الوفاء بهذه الالتزامات، نؤكد أن اليمن، وعلى نقيض سوريا والعراق أو لبنان، لا تمثل مصلحة إيرانية من الدرجة الأولى، وإن كان هناك موطئ قدم مفيد في اليمن فذلك لكونها تتحكم بمضيق باب المندب، وكونها تحُدْ السعودية، إلا أن إيران اختارت أن تتدخل في اليمن إلى جانب الشيعة، والسؤال الذي تثيره هاتان الصورتان هو هل سوريا واليمن مثلًا هما إقليم التبت بالنسبة لإيران أو فيتنامها؟ الحقيقة موجودة على ما يبدو في مكان ما في المنتصف، والأيام كفيلة بأن تقول ما هي نتيجة خطوات إيران النهائية في هذه الدول، وبالطبع هذه النتيجة ستكون مرتبطة بأفعال وإخفاقات اللاعبين الذين يحاولون كبح جماح إيران.
وأضاف المحللان، اليمن تُعلِّمنا درسًا مهمًا بهذا الخصوص بشأن النجاح النسبي الذي حققه ائتلاف الدول السنية بقيادة العربية السعودية التي تدخلت في القتال، وبدأ هذا التدخل بالهجمات الجوية، ومن ثم بالقوات البرية المحدودة أيضًا بقيادة الإمارات العربية المتحدة، وبمساعدة أمريكا وقوات محلية؛ هكذا أفلح التحالف بقلب الموازين في الحرب مع الحوثيين وطردهم في البداية من عدن جنوب اليمن واضطرارهم إلى الانكفاء سريعًا باتجاه صنعاء، والذي من شأنه أن يعيد العاصمة اليمنية إلى حكم الحكومة الشرعية.
اتضح أن إيران عاجزة، إذ أنها فعلًا لا تستطيع أن تساعد اللاعب الشيعي الذي تؤيده، مثلما حدث في البحرين حيث اكتشفت محدودية قوة إيران، قبل أربع سنوات أيضًا عندما وصل الربيع العربي إلى البحرين واشتدت الاحتجاجات ضد آل خليفة السني، فشلت إلى حد كبير محاولات إيران في كسب انجازات الاحتجاجات لصالحها، وفي تأييد الشيعة المنتفضين ماديًا.
رغم التحفظات الكثيرة في الولايات المتحدة من التدخلات العسكرية المباشرة للعربية السعودية في اليمن، إلا أنها وقفت مضطرة وقدمت لها المساعدة الاستخباراتية واللوجستية، غير أن المساعدة الأساسية هي الإغلاق البحري الذي ضربته الولايات المتحدة على نقل المساعدات اللوجستية للحوثيين.
في خضم المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني، وفي مرحلته الحساسة، أُجبرت السفن الإيرانية التي تحمل مساعدات للحوثيين على الانسحاب للخلف بعد أن هددت الولايات المتحدة بضربها، اتضح انه وعلى نقيض الكثير من التنبؤات أن الحوثيين غير قادرين على مواجهة القوات الجوية السعودية وحلفائها، وكذلك القوات البرية المحدودة، عندما تكون إيران غير قادرة على مساعدتهم، لكن هذا لا يعني أن الحكاية اليمنية قد انتهت، فما تزال هناك فوضى في اليمن تستطيع إيران أن تستغلها، التمرد الحوثي سيستمر إذا لم يجد له حلًا سياسيًا، والقاعدة أيضًا؛ بل وحتى "الدولة الإسلامية"، يجدون لأنفسهم وسائل كثيرة للتحرك في مثل هذا الوضع، لكن ذلك دليل واضح على محدودية قوة إيران.
بشأن الجدل حول الاتفاق النووي مع إيران؛ أُبديت الكثير من المخاوف من استخدام إيران للموارد المالية التي ستكون لديها في أعقاب رفع العقوبات، غير أن التجربة اليمنية تظهر أن هناك أدوات تمتلكها الجهات المعارضة للتحركات الإيرانية - الائتلاف السني والولايات المتحدة وحلفائها وإسرائيل أيضًا - لمواجهة هذه الانعكاسات المحتملة للاتفاق مع إيران، لهذه الأسباب من المهم التوصل إلى حوار مستمر ومعمق بين هذه الجهات بشأن التعاون وتنسيق التحركات لهضم إيران وسحب نفوذها.
من ناحية إسرائيل؛ هذا الفهم يجب أن يؤدي إلى التطلع إلى تجديد مبكر قدر الإمكان للحوار الاستراتيجي الحميم مع الولايات المتحدة، يكون في مركزه مجهود التوصل إلى تفاهمات بشأن الخطوات الضرورية لمواجهة إيران وحلفائها وكبح جماح تخريبها، وبضمنها مساعدة أمريكية لتعزيز قدرات إسرائيل المهمة لهذه المواجهة؛ هذا كله لقاء تحركات للولايات المتحدة المستقلة لكبح مساعدة إيران لحلفائها الذين في كثير من الحالات مثلًا في حالة حزب الله تخرق قرارات مجلس الأمن، في ذات الوقت على القيادة الإسرائيلية أن تعترف بأنه لا يمكن إعطاء زخم لهذه الحوارات دون دفع الثمن من قبل إسرائيل، سواء بالتعاطي المختلف للاتفاق مع إيران أو في القضية الفلسطينية.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews