حملة برّية أميركية - روسية تقضي على "داعش"!
ليس سرّاً أن الوضع الإقتصادي في روسيا صعب، يقول باحثون أميركيون جدّيون، وزاد من صعوبته الانخفاض الكبير في سعر النفط الذي كانت تعتمد على أسعاره العالية لمتابعة تنفيذ خططها التحديثية في الداخل على الصعيدين المدني والعسكري، والاستمرار في إدارة صراعها مع أميركا في الخارج وخصوصاً في الشرق الأوسط حيث الوضع بالغ التعقيد وكثير "الحماوة". ونتج من ذلك انخفاض في سعر عملتها (الروبل) وتضخُّم قد يصبح غير قابل للَّجم. كما خشي المسؤولون عن قطاع التربية والتعليم بكل مستوياته وتفرعاته أن ينعكس إنخفاض الدخل القومي على مخططات تحديث البنية التربوية، ولا سيما في ظل الأولوية التي يعطيها المسؤولون الكبار في موسكو لتحديث البنية التحتية العسكرية بحيث يصبح الجيش الروسي قادراً على مجاراة الجيش الأميركي، بل على تحدّيه وتحقيق بعض الانتصارات على دولته وإن في معارك غير مباشرة. علماً أن خطة التحديث العسكري، التي بوشِر تنفيذها عام 2010 ويفترض أن تنتهي عام 2020، تبلغ كلفتها زهاء 720 مليار دولار أميركي، ولم يعد إنجازها سهلاً في الموعد المحدَّد.
وليس سرّاً أيضاً، يتابع الباحثون أنفسهم، أن روسيا تشعر بقلق كبير جرّاء تنامي التيارات الإسلامية الأصولية السنّية المتطرِّفة حتّى العنف والتكفير في العالم الإسلامي كله وخصوصاً بعدما أوصل "الربيع العربي"، وبسبب تردُّد أميركا وغياب أي استراتيجية عندها لمساعدته أو لمواجهته، العراق وسوريا وليبيا واليمن إلى الحروب الأهلية. والقلق مبرَّر لأن عدد المسلمين الروس يراوح بين 21 و23 مليون نسمة، ويرجّح كثيرون أن يشكِّلوا بعد عقود نصف سكان الاتحاد الروسي. ومبرَّر أيضاً لأن نصف المجنّدين في الجيش الروسي سيصبحون قريباً روساً مسلمين. ولا يضمن أحد أن ينفِّذ هؤلاء تعليمات قياداتهم العسكرية النابعة من أوامر قياداتهم السياسية في المناطق الإسلامية الروسية وتحديداً في ما يعرف بالقوقاز الشمالي. ومن شأن ذلك كله إرباك الكرملين بل سيده الرئيس فلاديمير بوتين.
ما هي النظرة إلى هذا الواقع الخطير داخل الإدارة الروسية؟
الفريق الذي يعمل مع بوتين ليس غبياً، ويعرف الأوضاع على حقيقتها في البلاد، يجيب الباحثون الأميركيون أنفسهم. وهو يحذِّر "الرئيس" من الأخطار وينبّهه إليها مؤكداً أن موقفه ينطلق من ولاء له وليس من عداء أو من "أجندة" مختلفة أهدافها عن "أجندته". طبعاً لا يلقى معظم التحذيرات آذاناً صاغية، لكنها تدفع بوتين إلى البحث عن مخارج لتلافي الخسائر و"الدعسات الناقصة" جراءها. وفي هذا الإطار جاء تبريده الجبهة مع أوكرانيا. علماً أن استراتيجيا المواجهة التي ردّت بها أميركا عليه في تلك المنطقة (البلطيق) ساهمت في جنوحه إلى التهدئة. وفي الإطار نفسه كانت دعوته إلى إقامة تحالف إقليمي ودولي كبير ضد الإرهاب الإسلامي وخصوصاً بعدما نجح المتطرِّفون الذين يمارسونه في الانتشار داخل العالم الإسلامي، وبعدما تفاقم عدد اللاجئين إلى الغرب من مناطق الحروب في الشرق الأوسط، الأمر الذي ينذر بتكوُّن "بؤر" وخلايا وربما جيوش متطرِّفة في قلب العالم الأول. وفي هذا الإطار أيضاً بدأ بوتين يعزِّز قواته العسكرية في سوريا وتحديداً في مناطق "الشعب" الذي ينتمي إليه رئيسها بشار الأسد.
هل يمكن أن يُقنِع ذلك العالم بخطة ما لمواجهة الإرهاب المشار إليه؟ يعتقد متابعون ومحلِّلون أميركيون أن قادة العالم يعرفون أن القضاء عليه بالغارات الجوية مستحيل. ويعتقدون أيضاً أن هؤلاء سيتوصلون وربما في وقت قريب أو بعيد إلى اتفاق على مواجهة الإرهاب ممثلاً الآن بـ"داعش" وأخواته في سوريا والعراق بحملة عسكرية برّية واسعة مدعَّمة طبعاً بالطيران والبحرية الحربيتين وكل أنواع الأسلحة. ويعتقدون ثالثاً أن مئة ألف جندي وضابط يكفون للانتصار على الإرهابيين خلال مدة أقصاها سنة ونصف سنة وخصوصاً في سوريا والعراق. ويعتقدون رابعاً أن الدول المؤهلة لحشد جيش كهذا هما أميركا وروسيا، ويرجِّحون أن تتخذا قراراً بذلك في الوقت المناسب. لكن كلفة هذا العمل العسكري تبلغ يومياً 50 مليون دولار. وعلى العالم الخائف من الإرهاب ومن ضمنه المسلمون والعرب والأوروبيون أن يساهموا في التمويل. وإذا لم يحصل ذلك فقد يتأخر هذا العمل. إذ إن أميركا لا تبدو سوريا أولوية لها في هذه المرحلة، بخلاف روسيا التي تشعر بالخطر يقترب كثيراً منها.
(المصدر: النهار 2015-09-17)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews