تعالوا نُجرِ عملية تجميلية لوجه البورصة السيئ

أثارت موجة اعلانات انسحابات الشركات من البورصة، أخيراً، شكوك وتساؤلات عدة عند الكثيرين حول جدوى ومدى صحة توجه هيئة الأسواق إلى فرض تطبيق الحوكمة وغيرها من الإجراءات والضوابط على الشركات المدرجة. فبينما يفترض أن تحد تلك الضوابط من التلاعب بأسعار الأسهم وتمنع نهب أموال صغار المستثمرين. فوجئنا بإعلان العديد من الشركات التشغيلية وذات الملاءة المالية الجيدة انسحابها من السوق لأسباب، أهمها:

- سعر سهم الشركة لا يعكس النتائج التي تحققها الشركة.

- حجم التداول على أسهم الشركة منخفض جدّاً.

- رغبة الشركة في الاحتفاظ باستثمارات مساهميها.

ومما هو غير معلن أن بعض المجاميع تحاول الضغط على الهيئة، وأن الشركات الصغيرة المليئة مالياً تريد تخفيف القيود الرقابية والإفصاحات، بحيث يستطيع ملاكها الكبار الشراء والبيع بحرية وبسهولة دون الدخول في معمعة العرض الإلزامي. كذلك ليس من المجدي بالنسبة لشركة صغيرة، من أهم مميزاتها السرعة والكفاءة في اتخاذ القرارات، وضع إدارة مخاطر وغيرها من متطلبات الحوكمة. بالإضافة، أيضاً، إلى أن وجودها في السوق دون المضاربة على أسهمها لم يخلق أي قيمة مضافة حتى الآن.

في المقابل، نجد أن المطلوب من هيئة الأسواق هو النجاح في رفع تصنيف الكويت إلى سوق ناشئ ليزيد الاهتمام العالمي بالشركات المدرجة مثلما حصل مع قطر والإمارات والسعودية والمطلوب لتحقيق ذلك هو:

1 - كجهة رقابية على هيئة الأسواق أن تثبت فاعليتها لإقناع المستثمرين الخارجيين بدورها الرقابي، علماً بأنه لا تزال هناك العديد من الشركات المدرجة التي تُطرح حولها علامات الاستفهام.

2 - زيادة الشفافية وتقليل التلاعبات أو ما يسمى «الحقوق المتساوية لصغار المساهمين»، في إشارة إلى عدم استئثار حفنة من المضاربين بالقدرة على الوصول إلى المعلومة.

3 - حماية حقوق الأقلية (العرض الإلزامي للاستحواذ... إلخ).

4 - التنافس في مجال التقاص، أي أكثر من شركة مقاصة بدل واحدة فقط، وتطبيق نظام للدفع مقابل التسليم DVP، بما يتيح التزامن اللحظي بين إتمام الصفقة وسداد مقابلها المالي.

إلى ذلك، لا يمكن لأحد أن يؤكد نجاح هيئة الأسواق في جذب المستثمرين الأجانب إلى السوق الكويتي في المستقبل، كما لا يمكن كذلك العودة إلى الوراء في مجال الحوكمة وحماية حقوق الأقلية، ولكن يمكن اللجوء إلى حل وسط ربما يرضي جميع الأطراف على غرار السوق الموازي سابقاً، بحيث يضم الشركات غير المستوفاة لشروط الإدراج أو الحوكمة أو غيرها من شروط السوق الرسمي. وفق التصور التالي:

• يتم تصنيف أسهم شركات محددة بحسب رغبتها أو بحسب شروط أخرى في السوق الإضافي (الموازي).

• تخفف القيود الرقابية مثل الحوكمة والإفصاحات ومراقبة التداولات وغيرها عن تلك الشركات.

• لا يتم حساب أسعار أسهم شركات السوق الإضافي ضمن أي مؤشرات في السوق.

• لا يتم حساب الكمية المتداولة أو القيمة المتداولة لأسهم تلك الشركات ضمن تداولات السوق.

• تظهر صفقات الأسهم الإضافية بطريقة تميزها عن أسهم السوق الرسمي.

• لا يمكن تطبيق الأدوات الاستثمارية مثل المشتقات وغيرها على أسهم السوق الإضافي.

• لا يمكن للصناديق الاستثمارية التملك في تلك الشركات إلا بعد موافقة الهيئة.

• لا يمكن لشركات السوق الرئيسي تملك حصص أو زيادة حصصها في أسهم السوق الاضافي إلا بعد موافقة الهيئة.

• أي شركة مدرجة أو شركة تابعة لها تملك في حصة في شركات السوق الإضافي لا بد من أن تأخذ موافقة الهيئة على طريقة تقييم تلك الحصة.

بهذا التوجه يمكن تجميل السوق الرسمي ليلحق بأسواق المنطقة المتقدمة، وفي الوقت نفسه نضمن وجود شركات جيدة لا يمكنها أو ليس من المجدي لها الالتزام بكل ضوابط السوق الرسمي. كذلك، ليس من الضروري تخفيض رسوم الإدراج لشركات السوق الإضافي، لأن الهدف هو إبقاء الشركات الصغيرة التشغيلية والمليئة مالياً. ومن يدري قد تكون قلة الحوكمة والمراقبة أي المخاطر العالية هي ما يبحث عنه متداولو السوق الكويتي إذا ما استرجعنا ذاكرتنا إلى تداولات السوق قبل هيئة انشاء هيئة أسواق أو حتى أكثر من ذلك إلى تجربة سوق المناخ.

ملحوظة: إذا لم توافق الهيئة على أي مما سبق، فيمكن تفعيل سوق الجت بنظام إلكتروني، بحيث يبقى خارج سيطرة الهيئة وعلى غرار الأسواق الأميركية البعيدة عن الرقابة مثل أسواق الأسهم الرخيصة جدا Penny Stocks، Pink Sheets (لا تعتبر أسواق رسمية، بل مجرد أنظمة إلكترونية).

(المصدر: القبس 2015-09-13)