تداعيات خطيرة لانعقاد «الوطني» الفلسطيني
في هذا الظرف العصيب الذي تمر به قضيتنا الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني عموماً، يتخذ رئيس السلطة محمود عباس قراراً بعقد دورة جديدة للمجلس الوطني الفلسطيني، كانت طارئة، وبعد زيارته لعمان واجتماعه ثلاث مرات مع رئيس المجلس سليم الزعنون، تم الاتفاق بينهما على أن تكون دورة عادية، وفي حالة عدم اكتمال النصاب لربما يتم تحويلها إلى دورة طارئة بمن حضر، فالصورة حتى الآن ضبابية.. ذلك لكثرة ما تناقلته وتتناقله الأخبار من مستجدات ومتغيرات على هذا الصعيد.
لطالما تردد على لسان عباس بأنه سيتخذ قراراً مصيرياً ومفاجئاً في الشهر الجاري، واحتار شعبنا وكل المراقبين والسياسيين حول فحوى هذا القرار؟: هل سيكون تقديم استقالته، أو حل السلطة، أو تغيير شكلها ووظائفها أو وقف التنسيق الأمني، وتنفيذ قرارات اجتماع المجلس المركزي الأخير.. وهل هناك «طبخة سياسية» يجري تحضيرها على نار حامية؟ وهل وهل؟. من حقنا طرح كل هذه الأسئلة وغيرها أمام ألغاز هدف انعقاد الدورة.
لن يستقيل الرئيس بالطبع، وإن فعل، فستكون استقالة شكلية! (والأنباء تذكر بأنه تجري الاستعدادات في مدن وقرى الضفة الغربية، لتنظيم التظاهرات الشعبية للمطالبة ببقائه... هذا المشهد المسرحي معروف!) ولن يجري حل السلطة.. لأسباب كثيرة أبرزها:
قد يستقيل عباس، ولكن سيأتي ظله في شكل واسم آخرين. ثم، إن من يُعتبر مهندس الاتفاقيات المسخ التي أنتجتها الاتصالات مع الكيان.. لا ولن يجرؤ على حل سلطة نتجت عن تلك الاتفاقيات!. لم يتم تطبيق أي من قرارات المجلس المركزي الأخير، التي نصّت على «وقف التنسيق الأمني» مع العدو، وإعادة النظر في العلاقة مع سلطة الاحتلال، في وقت تعمّق فيه التنسيق الأمني بعد «جريمة دوما» في محاولة لاحتواء ردود الأفعال الفلسطينية ومنع اندلاع انتفاضة ثالثة جديدة.
وزاد الطين بلّة، ما تناقلته وسائل الإعلام عن لقاء مؤكد جرى بين صائب عريقات وسيلفان شالوم، المسؤول عن المفاوضات في الحكومة «الإسرائيلية»، للبحث في كيفية استئناف المفاوضات وأمور أخرى غيرها الأمر الذي يشي بضغوط أمريكية - صهيونية لقيام حركة سياسية فلسطينية - «إسرائيلية» جديدة، للخروج من قمقم الركود السياسي الحالي!. السؤال الأهم: ما هي الأهداف السياسية التي تقف وراء دعوة المجلس الوطني إلى الانعقاد: هل هي البحث في: أين تقف القضية الفلسطينية الآن؟، وإلى أين يريد الشعب الفلسطيني إيصالها وكيف (وهذا هو الطبيعي والمطلوب)؟؛ أو جعل المؤسسات الفلسطينية أكثر طواعية مما هي عليه الآن، وتقديم ترضيات جديدة لبعض المحاور السياسية الإقليمية والدولية؟.
من ناحية ثانية، حماس ماضية في مشروعها وانتهاج كل الخطوات التي تؤدي إلى تعميق الانقسام، فبدلاً من تطوير العلاقات مع قوى رفض الاتفاقيات سيئة الذكر! في إطار مواجهتها، تراها تغتنم كافة الفرص في مهاجمة هذه القوى! من الطبيعي أن يصل «الإخوان»، في مرحلة ما من الثورة إلى الارتداد عليها ! والمساومة على أهدافها، وبخاصة إذا ما كانت على أبواب تسلم سلطة ولو شكلية، وفي حالة الانتقال الفعلي للسلطة تراها تنقلب عكساً عن أطروحاتها السابقة، وتبدأ بالاعتداء الفعلي على قوى الثورة وعلى الإنسان وحقوقه وعلى الحريات.. الخ...
باختصار. نحن أمام سلطتين تتنازعان أيهما تملك مفتاح سجن شعبنا.. سلطتان تتصارعان على السلطة وأيهما الأكثر تأثيراً في الساحة الفلسطينية، والإثبات للعدو أيهما الأجدر بالتفاوض والتوصل معه إلى تقرير مصير الشعب الفلسطيني، في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة... وبخاصة أن كل واحدة من الحركتين تعاني اهتزازات داخلية ووجود فريقين أو عدة فرقاء في داخلها.. هذا الأمر يدفع كلاً من قيادتي السلطة وحماس.. للهروب إلى الأمام من خلال الوصول إلى اتفاق يؤدي إلى تسوية نهائية مع العدو الصهيوني.
نعم.. ستكون هذه، الدورة الأولى في تاريخ المجلس، التي يتم عقدها دون توافق وطني فلسطيني، حتى مع تلك المنضوية في إطار منظمة التحرير.
.. وستعقد أيضاً في ظل الانسداد التام لآفاق التسوية ونهج المفاوضات (النهج الاستراتيجي الدائم والوحيد المتبنى من قبل السلطة في رام الله سابقاً والآن ولاحقاً) ، وفي ظل انعدام إمكانية تبني السلطة للنهج الطبيعي الاستراتيجي في مواجهة العدو ومقاومته.. وفي ظل مُضّي الكيان قُدماًَ في مذابحه ضد أبناء شعبنا، وحرق لأطفالنا،
.. لن تعقد الدورة لبحث ومناقشة ما يقترفه العدو من مذابح وجرائم بحق شعبنا وحرق لأطفالنا، ولا لمضيه قدماً في الاستيطان ، حيث كانت آخر قرارات الحكومة الفاشية في تل أبيب: تعزيز المستوطنات وبناء مئات الوحدات الاستيطانية الجديدة، وتهويد القدس والأقصى، وإقرار التقسيم الزماني والمكاني بين العرب واليهود للمسجد الأقصى، والشروع في بناء أكبر كنيس (في تاريخ الكيان) على أرضنا المحتلة (على أرض منطقة الحرم بجوار حائط البراق.
إن البديل لعقد المجلس يتمثل في اجتماع الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، وتطبيق اتفاق القاهرة وإعادة بناء جميع مؤسسات "م.ت.ف" على الأساس المذكور وفي المقدمة منها المجلس الوطني. تماما كما يُفترض أن يتم انتخاب المجلس الوطني من قبل الشعب الفلسطيني.
(المصدر: الخليج 2015-09-08)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews