تقلبات سوق الأسهم .. هل تعكس حالة الاقتصاد الوطني؟
أظهر تقرير اقتصادي نشرته صحيفة "الاقتصادية" بتاريخ 18 ذي القعدة 1436هـ "نمو الناتج المحلي الإجمالي الفعلي خلال الربع الثاني لعام 2015 بنسبة 3.8 في المائة، على أساس سنوي، مقارنة بنسبة نمو عند 2.4 في المائة في الربع السابق، حيث أدت الزيادة في حجم إنتاج النفط إلى جعل قطاع النفط المساهم الرئيس في النمو الكلي للناتج المحلي الإجمالي". هذا الجزء من التقرير يظهر جانبا إيجابيا للاقتصاد السعودي.
قد يكون من الصعب إقناع الفرد بأن الاقتصاد السعودي في أزهى عصوره في ظل انخفاض أسعار النفط، لكن هناك أمورا مهمة لا بد من أخذها في الاعتبار، حيث إنها قد تنعكس بصورة أو أخرى على حالة سوق الأسهم، منها:
- إن الفترة الزمنية التي انخفض فيها النفط فترة قصيرة نوعا، وبقراءة الأسعار التاريخية نجد أن النفط يتعرض إلى هزات تذهب بالأسعار لفترة قصيرة إلى مستويات متدنية ثم تعود بصورة مفاجئة إلى أسعار عالية، وهذا قد حصل في كانون الأول (ديسمبر) عام 1998 حيث وصلت الأسعار إلى 16.42 دولار، ثم ارتفعت الأسعار بصورة ملحوظة حتى وصلت إلى 47.16 دولار تقريبا في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2000، وفي كانون الثاني (يناير) لعام 2007 وصلت الأسعار إلى قرابة 65 دولارا، وبعدها قفزت الأسعار لتحقق أرقاما تاريخية وصلت إلى قرابة 150 دولارا في شهر حزيران (يونيو) لعام 2008، كما انخفضت الأسعار بعدها إلى 44 دولارا تقريبا في شباط (فبراير) عام 2009 ثم ارتفعت مرة أخرى لتصل إلى 117 دولارا تقريبا في نيسان (أبريل) 2011. والآن والأسعار تقترب من 45 دولارا، فإن قراءة منحنى أسعار النفط تشعر بأن الأسعار ستميل إلى الارتفاع خلال مدة قد تكون قصيرة، وهذا أمر طبيعي في أسعار المواد الخام في العالم، حيث إنها ترتفع بوتيرة ثابتة على المدى المتوسط مع وجود تقلبات كبيرة على المدى القصير، وهو الأمر نفسه الذي يحصل في السلع الأخرى، وهذا أمر معروف بسبب التضخم، إذ إن الموارد محدودة في ظل الارتفاع المتواصل بسبب التضخم.
- وجود احتياطيات جيدة للمملكة، وهذه الاحتياطيات هي نتيجة للفائض الكبير الذي حققته المملكة بسبب ارتفاع أسعار النفط خلال الفترة الماضية رغم ما حصل خلالها من تقلبات لا تقل عما هو حاصل اليوم، ومع ذلك لم يكن ذلك سببا في الاعتقاد بأن الاقتصاد أصبح في حالة حرجة، بل الأمور تتحسن مع الوقت مع التفاوت في مستويات الفائض والعجز للميزانية. علما بأن الميزانية عندما بلغت قبل عشر سنوات قرابة الأربعمائة مليار، كان الحديث خلالها عن أرقام تاريخية غير مسبوقة.
- إن المتابع لواقع الإنفاق الحكومي على المشاريع والبرامج التنموية يجد أن السمة الواضحة لذلك أن هناك التزاما بتنفيذ تلك المشاريع، وهذا ملاحظ من خلال مشاهدة الكثير منها حاليا، حيث إن هذه المشاريع الحكومية خصوصا ما يتعلق منها بالبنية التحتية سيكون لها أثر في تخفيف العبء عن الحكومة ويزيد من فرص استقطاب الاستثمارات الأجنبية وزيادة فرص الاستثمارات المحلية.
ولذلك فإن سوق الأسهم في وضعها الحالي تشهد نوعا من التقلبات التي يغلب عليها اجتماع عوامل محلية مرتبطة بانخفاض أسعار النفط، مع عوامل خارجية قد لا تكون لها علاقة بالشركات المساهمة في السوق، ونظرا لوجود حالة من القلق آثر خلالها المساهم البعد عن السوق، ونظرا لوجود مجموعة من المستثمرين الأفراد الذين يصعب الحدس بقراراتهم سنجد أن المستثمر المقتنع بالفرص الموجودة في السوق سيتريث في ضخ المزيد من السيولة في السوق خشية أن يسود قرار بين الأفراد ببيع أسهمهم بصورة قد تؤدي إلى انخفاضها بصورة غير متوقعة، والفرص في السوق قد لا تنطبق على جميع الأسهم، بل إن البعض منها قد يكون مبالغا في أسعاره حتى والحالة هذه، لكن بالتأكيد أنه يوجد أسهم ستستفيد من انخفاض أسعار النفط، كما أنه يوجد الكثير من الفرص التي يمكن للمستثمر اقتناصها، ووجود هذه التقلبات ليس بالضرورة مرتبطا بحالة الاقتصاد بصورة مباشرة، فتقلبات الأسواق أمر يمكن أن يحدث حتى وإن كان الاقتصاد في حالة مستقرة لوجود عوامل أخرى تؤثر فيه.
فالخلاصة أن أسعار السلع ومنها النفط تشهد تقلبات بين الحين والآخر وهذا أمر يحصل حتى في أسعار الذهب، ولكن الاتجاه العام لأسعار السلع والمعادن والنفط في تصاعد بالنظر للأسعار التاريخية للسلع، ولذلك فإن التقلبات في سوق الأسهم قد تولد فرصا يستفيد منها المستثمر مستقبلا مع الاعتناء بانتقاء الأسهم الجيدة، وتقلبات السوق غير مستغربة وليست مؤشرا على حالة الاقتصاد الوطني.
(المصدر: الاقتصادية 2015-09-05)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews