تفاصيل تجارة الأسلحة الإسرائيلية مع جنوب السودان
جي بي سي نيوز - : كتب جوداه اري غروس في التاليمز الإسرائيلية يقول:
في الوقت الذي تُبذل فيه جهود للخروج باتفاق سلام بين حكومة جنوب السودان وقائد المتمردين رايك مشار، يعمل نشطاء إسرائيليون على وقف تدفق الأسلحة الإسرائيلية إلى داخل الصراع.
على الرغم من أن مشار وافق على بنود الاتفاق يوم الخميس، فإن رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت رفضها، مطالبا بمزيد من الوقت، رغم من تهديد الولايات المتحدة والأمم المتحدة بفرض عقوبات.
يُتهم الطرفان بانتهاكات لحقوق الإنسان في الحرب المستمرة منذ عامين. في الإدعاءات الموثقة للتطهير العرقي والاغتصاب الممنهج وتجنيد الأطفال وانتهاكات أخرى في الحرب الأهلية، أشار الكثيرون أيضا إلى بعض الأسلحة التي كان يحملها جنود جنوب السودان: بنادق إسرائيلية من طراز “غليل” و”تافور”.
تقوم إسرائيل بتزويد الدولة الأفريقية بالأسلحة والذخيرة والتدريبات خلال حربها الأهلية الدامية، بحسب إيتاي ماك، محام شاب يقود الحملة ضد مبيعات الأسلحة هذه.
تعمل عضو الكنيست تامار زاندبيرغ مع ماك للضغط على وزارة الدفاع للحصول على أجوبة، في الوقت الذي تحاول فيه أيضا الدفع بتشريع يحبط صفقات الأسلحة المزعومة.
مع ذلك، يرى البعض على أن الأسلحة والتدريب والمعدات ليست موجهة إلى الحرب الأهلية في جنوب السودان، بل إلى صراعها الجاري مع السودان – عدو مشترك لها مع إسرائيل.
من جهتها، رفضت وزارة الدفاع، التي تشرف على صناعة الأسلحة الإسرائيلية مترامية الأطراف، التعليق على صفقات الأسلحة مع أي بلد معين.
إسرائيل كانت واحدة من الدول الأولى التي اعترفت بجنوب السودان في 10 يوليو، 2011، وشكلت علاقات دبلوماسية مع جوبا بعد يوم واحد فقط من استقلال البلاد.
تشكيل حكومة جنوب السودان هدف إلى وضع حد لحرب طال أمدها مع السودان.
ولكن البلدين يواصلان القتال على حقول نفط في منطقة أبيي، حيث يدعي كل طرف بأنها تابعة له.
إذا كانت إسرائيل تبيع بالفعل أسلحة لجنوب السودان، فهي تساعد السودانيين الجنوبيين في هذا الصراع – وليس في حربهم الأهلية، كما قال داني ياتوم، رئيس الموساد السابق، للتايمز الإسرائيلية.
تحدثت تقارير عن أن إسرائيل استهدفت السودان، التي تحصل على تمويل كبير من الحكومة الإيرانية، على الأقل خمس مرات في السنوات الأخيرة لتهريبها السلاح للمقاتلين الفلسطينيين، من بينها هجوم معروف في 2012 يُزعم أن طائرات إسرائيلية قامت خلاله بقصف مصنع أسلحة في العاصمة الخرطوم.
يقول ياتوم، “من خلال مساعدة جنوب السودان، وهي عدو للسودان، وكأننا نساعد أنفسنا”، ولكنه ينفي أي معرفة مباشرة له بصفقات أسلحة مع جنوب السودان.
البيانات عن صفقات أسلحة لدول معينة تبقى سرا، ولكن مجمل صفقات الأسلحة إلى أفريقيا ازدادت بشكل دراماتيكي في السنوات التي تبعت إقامة جنوب السودان.
في 2009 باعت إسرائيل أسلحة إلى القارة بقيمة وصلت إلى 71 مليون دولار. في 2013، هذا الرقم تضاعف بثلاث مرات إلى 223 مليون دولار، ووصل في 2014 إلى 318 مليون دولار.
يقول ياتوم أنه بالإضافة إلى الأموال التي تدخلها هذه الصفقات لإسرائيل، فإن بيع الأسلحة قد يمهد الطريق أيضا إلى علاقات دبلوماسية أقوى.
ولكن زاندبيرغ ترفض الإدعاء بأن صفقات الأسلحة هذه هي جزء من حرب بالوكالة التي تخوضها إسرائيل ضد إيران عبر جنوب السودان والسودان.
وتقول، “أعتقد أنه هذه وجهة نظر مبالغ في التبسيط بها للوضع”.
البنادق الإسرائيلية
ترتكب جرائم حرب
منذ بدء الاقتتال في 2013، وثقت المنظمات الدولية عدد من الفظائع التي ارتُكبت ضد مدنيين.
بحسب ما ذكرته بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان في شهر يونيو فأن “هذا التصعيد المفاجئ [في القتال] لم يتميز فقط باتهامات بالقتل والاغتصاب والاختطاف والنهب والحرق والتشريد، ولكن بوحشية وكثافة جديدتين”.
ولكن على الرغم من شدتها، فهي ليست بحرب واسعة النطاق مع كتائب ودبابات وطائرات. تدور هذه الحرب بخناجر وقنابل يدوية وبنادق.
تقول زادنبيرغ أن “الأسلحة الإسرائيلية التي تصل إلى هناك تلعب دورا رئيسيا في الصراع”، وتضيف قائلة، “من الصعب علي كإسرائيلية أن هذا يحدث باسمي”.
في شهر مايو قدمت زاندبيرغ التماسا لوزير الدفاع موشيه يعالون لإلغاء التراخيص لشركات الأسلحة التي تعمل في جنوب السودان.
كتبت في طلبها، “أصبح من الواضح أنه ليس من الممكن رصد الوجهة الأخيرة لصادرات الدفاع الإسرائيلية”، وأضافت، “وهناك مخاوف مشروعة تماما بأن هذه الصادرات تُستخدم لتنفيذ جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.
أرفقت زاندبيرغ إلى رسالتها تقريرا يشمل 20 صفحة كتبها ماك، التي قالت أنه “مستقل تماما” في عمله في هذا الشأن، فصل فيه نتائجه والاعتبارات القانونية المتعلقة بالالتماس الذي تقدمت به.
أشار ماك في تقريره إلى أن طاقم تابع لقناة “فايس نيوز” التقط صورا لبنادق “غليل” الإسرائيلية من طراز “21” خلال تصويرهم للحرب الأهلية في 2014.
يقول ماك في التقرير المرفق أن “هناك تعاون مستمر بين إسرائيل وأجهزة الأمن الداخلي في جنوب السودان. قام المسؤولون الإسرائيليون بالتثبيت والمساعدة على تشغيل شبكة مراقبة للرقابة والتفتيش الداخلي لجنوب السودان”.
حصلت زاندبيرغ على رد من الوزارة بعد حوالي شهر، ولكنه لم يتطرق مباشرة إلى مخاوفها بشأن جنوب السودان.
كتب حاييم بلومنبلاط، المدير العام لوزارة الدفاع، في الرسالة أنه ” يتم فحص سياسة التصدير الدفاعية لجميع البلدان بشكل دوري، وفقا لأمن ومصالح دولة إسرائيل السياسية، ويشمل ذلك اعتبارات للحقوق الإنسانية والمدنية في بلدان المقصد للتصدير”.
وأضاف، في الإشارة الوحيدة إلى البلدة التي مزقتها الحرب في رده، “بالطبع فإن لوجود حرب أهلية في بلد المقصد للتصدير عواقب على سياسة التصدير لهذا البلد”.
اقترحت زاندبيرغ تشريعا جديدا يتطلب من الوكالة المشرفة رفض طلب شركة إذا كانت تعتقد أن الأسلحة قد تُستخدم لانتهاكات حقوق إنسان. القانون الحالي يتطلب فقط “اعتبارات متعلقة بالمستخدم النهائي أو الاستخدام النهائي”.
تقدمت زاندبيرغ باقتراحها للكنيست قبل خروج البرلمان لعطلته الصيفية، ولكن لم يتم التصويت عليه بعد.
أسلحة من إسرائيل
والصين وشرق أوروبا
فقط إسرائيل والصين وبعض دول شرق أوروبا تواصل بيع الأسلحة للدولة الفتية في العالم، والمجتمع الدولي لم يعلن حتى الآن عن حظر بيع أسلحة لمنطقة النزاع.
يقول ياتوم، “حتى لو كنا نبيع أسلحة لجنوب السودان، لا أعرف أي قيود على القيام بذلك”.
قد يتغير ذلك قريبا. قامت الولايات المتحدة يوم الأربعاء بصياغة مشروع قرار لمجلس الأمن يدعو إلى فرض حظر أسلحة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سلاح بحلول 1 سبتمبر، لكن روسيا أبدت بعض التحفظات.
كانت هناك سبع اتفاقات وقف إطلاق نار منذ بدء الحرب الأهلية الدامية عام 2013، ولكن تم استخدامها من قبل الطرفين لإعادة التسلح.
مع ظهور الأنباء عن ارتكاب الفظائع، أصدر الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمرا تنفيذيا لوقف بيع الأسلحة إلى جنوب السودان عام 2014.
ولكن ياتوم يزعم أن هذا الحظر الأمريكي هو بالاسم فقط، ويقول “لا أصدق ذلك. على حد علمي، الولايات المتحدة مشاركة في جنوب السودان”.
في ديسمبر من العام الماضي، قام الإتحاد الأوروبي، الذي يشمل عددا من أكبر مقاولي بيع الأسلحة – ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا وإسبانيا – قرارا مشابها بحظر بيع الأسلحة إلى البلد الأفريقي.
ياتوم لا يعتقد أن الأسلحة والنظم الإسرائيلية تصل إلى الحرب الأهلية، وإذا كانت كذلك، كما يقول، فهو أيضا سيدعم فرض حظر بيع أسلحة على هذا البلد.
دوبي لافي، رئيس وكالة مراقبة التصدير الدفاعي الإسرائيلية، قام بتصريح مماثل هذا العام في مقابلة أجرتها معه صحيفة “غلوبس” الاقتصادية الإسرائيلية.
وقال، رافضا مناقشة جنوب السودان بالتحديد، “لا نريد أن نرى سلاحا إسرائيليا يطلق النار على طفل أو شخص بريء في أي بلد”.
وأضاف، “في بلاد نخشى أن ذلك قد يحدث فيها، لا نسمح بإجراء صفقات تجارية”.
ولكن قسم لافي مكون من شخصين فقط، كما يشير ماك، ما يجعل من التطبيق الصارم على أكثر 7,000 مصدر دفاعي هدفا واهيا.
هذه ليست المرة الأولى التي تبيع فيها إسرائيل أسلحة لدول متهمة بانتهاكات لحقوق الإنسان.
قامت إسرائيل ببيع أسلحة لجنوب أفريقيا طوال عهد نظام الفصل العنصري ولغواتيمالا خلال الحرب الأهلية التي استمرت فيها لمدة 36 عاما واتهم الجيش خلالها بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد سكان المايا الأصليين. حتى أن إسرائيل قامت بتزويد إيران بأسلحة في سنوات الثمانين خلال حربها ضد العراق.
وكان ماك قد تقدم بالتماس لنشر تفاصيل صفقات بيع الأسلحة الإسرائيلية لرواندا والبوسنة خلال جرائم الإبادة الجماعية هناك في سنوات التسعين، ولكن هذا الالتماس رُفض لأسباب متعلقة بالأمن القومي في أواخر العام الماضي في محكمة مركزية. منذ ذلك الحين قام ماك بتقديم استئناف على هذه القرارات وسيتم بحث استئنافه في المحكمة العليا في وقت لاحق من هذا العام. التايمز الإسرائيلية
23/8/2015
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews