الإرادة العربية هي الحل
يبدو أن المخاوف من اتساع النفوذ الإيراني بسبب الاتفاق النووي لم يكن لها ما يبررها. فما تشهده المنطقة اليوم بداية لانحسار ذلك النفوذ الذي قد يتلاشى بطريقة مفاجئة.
كانت إيران وهي التي تعتمد على مبدأ إخافة الآخرين، وهو ما تفعله إسرائيل بطريقة أكثر حرفية قد أشاعت عبر وسائل إعلامها ودعاية الموالين لها والمغرمين بها من العرب كذبة مفادها أن هناك تشابكا بين ملفها النووي وبين الأزمات التي يشهدها غير بلد عربي، وأن الاتفاق النووي الذي سينقذ إيران من وضعها الحرج سيوفر القدرة على حل تلك الأزمات.
من الواضح أن تلك الكذبة كانت تهدف، بالأساس، إلى منح إيران حجما هو غير حجمها الطبيعي الذي تستلهم منه قدرتها على التأثير.
لقد أوحت إيران للغرب بأنها تملك عددا من المفاتيح التي يمكن من خلالها الوصول إلى مناطق، لن يكون الوصول إليها ميسرا من غير الاستعانة بها.
ما أوحت به إيران وما فهمه الغرب أن المقصود بتلك المفاتيح هو تلك الأذرع التي اخترقت بها إيران العالم العربي. حزب الله في لبنان، حزب الدعوة في العراق، الحوثيون في اليمن، وميليشياتها في سوريا.
تلك الخدعة التي سعى الإيرانيون إلى تمريرها تكذبها سياستهم الثابتة التي لم تتخل حتى اللحظة عن مبدأ تصدير الثورة إلى العـالم العربي، وهو المبدأ الذي لن ينجز إلا من خلال إشاعة الفوضى وإشعال الفتن الداخلية. وهذا ما صار العرب على خبرة به.
لذلك شعر البعض منهم أن إفلات إيران من العقوبات الاقتصادية قد يكون عاملا مساعدا على اتساع نفوذها من خلال زيادة الإنفاق على الجهات والأحزاب التابعة لها. غير أن ذلك الشعور لم يكن واقعيا.
فالاقتصاد الإيراني لن يتعافى، وهو المتهالك بتأثير العقوبات، في ليلة وضحاها. كما أن مُوالي إيران تعرضوا بسبب الاستقواء بها إلى العزل والتهميش في محيط اجتماعي وثقافي لم يعد مقتنعا بجدوى مغامراتهم الهادفة إلى تقزيم المجتمعات والعمل على تجزئتها طائفيا.
ومن ينظر إلى هزائم الحوثيين في اليمن لابد أن يدرك أن الحديث عن وصول يد إيران إلى مضيق باب المندب صار نوعا من الأوهام.
أما حزب الله فإن مغامرته في الاشتراك في الحرب السورية أفقدته مصداقيته الوطنية في لبنان. صار واضحا أن ذلك الحزب ما هو إلا ماكنة لقتل الشباب اللبناني.
وفي العراق يترنح حزب الدعوة الحاكم بعد أن افتضح دوره في إشاعة أكبر عمليات للفساد يشهدها العالم في التاريخ المعاصر. وقد لا يبدو غريبا القول إن الانقلاب على حزب الدعوة سيشكل بارقة أمل في طريق استعادة العراقيين لقدرتهم على صناعة مصيرهم.
في سوريا لم يعد لإيران سوى أن تؤدي دور بوم الشؤم. فالحلول السياسية إن نضجت فإن إيران لن تكون حاضرة فيها.
وهكذا فإن إيران لن تملك العصا السحرية التي يمكنها من خلالها أن تصلح من شأن مواليها وخدمها.
في وقت قياسي استطاع العرب أن يفشلوا المشروع الإيراني من خلال قص أجنحته المحلية. وهي أجنحة تخيلت إيران أنها من خلال التحليق بها ستتمكن من بناء إمبراطـوريتها التي تمتد من صور حتى سبأ.
كان الفراغ هو من أغوى إيران بارتكاب حماقتها التاريخية، فكان من الضروري على العرب أن ينتبهوا إلى أن كل شيء سيجري لصالحهم لو أنهم أعادوا النظر في إرادتهم السياسية. وهو التحول الذي عبرت عنه عاصفة الحزم في اليمن والمتظاهرون السلميون في بغداد وعدد من مدن الجنوب ذات الأغلبية الشيعية. وهـو ما صـار نوعا من اليقين في الشارعين اللبناني والسوري معا.
النفوذ الإيراني يعيش حالة غير مسبوقة من الانحسار، وما على العرب سوى أن يستمروا في تطوير إرادتهم من أجل أن يمحوا كل أثر من آثار ذلك النفوذ البغيض.
(المصدر: العرب 2015-08-15)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews