الدوري الإسباني
قلما يجهل أحد من هذا الجيل اسم أشهر الأندية الرياضية الإسبانية ونادرا ما تجد فيهم من لا يعرف أسماء أشهر لاعبي كرة القدم في تلك الأندية ولا سيما ريال مدريد وبرشلونة، بل إن كثيرا منهم من الممكن أن يعطيك محاضرات عن تاريخ النادي وأشهر اللاعبين تتضمن إحصاءات دقيقة عن عدد البطولات والصفقات وعدد المشجعين، كما أن عددا غير قليل من هذا الجيل يتعصب لأحد الفريقين وأبرز اللاعبين فيهما لدرجة قد تفوق تعصبه لمنتخبه الوطني، إن ما سلف شائع ومشاهد للجميع حتى تكاد تكون مسلمة مثل «النار حارقة»، و«السماء فوقنا»، و«أن الدجاجة تبيض ولا تلد.
ولكنك حين تعلم أن هذه الآلاف - سوى نسبة لا تكاد تذكر - لا تعرف شيئا عن عصر هو من أزهى العصور وأروعها في تاريخ أمتنا يوم كان للحضارة الإسلامية في الأندلس أثرها الساحر على العالم كله إذ كانت منارة للفكر والعلم والفن لأوروبا في العصور الوسطى، ما الذي يعرفه جيل الدوري الإسباني عن الأندلس وكيف بدء الوجود العربي الإسلامي فيها وكيف استمر عبر قرون طويلة ثم كيف انكسر ذلك المجد بعدما أصاب تلك الحضارة العريقة الانحسار والاندثار؟
إن تاريخ الأندلس ينبغي أن يكون موضوعا يثير فضول هذا الجيل وأن تدفعهم صلتهم بها دفعا للنهل من آثار تلك الحضارة من مصادرها الرئيسية وأيضا من كتابات المؤرخين والمفكرين والأدباء المعاصرين لكي ينظروا بأعينهم كيف كانت الأندلس صفحة مشرقة في التاريخ الإنساني، كما أن هذا التاريخ خير شاهد على خطورة الصراعات الداخلية والغفلة عن الخطر الخارجي، فقد كانت الحروب بين ملوك الأندلس السبب الرئيسي في ضياع الأندلس كلها، وهذا بلا شك كانت تمسك بخيوطه الدول التي آل إليها حكم الأندلس بعدما ساموا المسلمين فيها سوء العذاب.
ليت هذا الجيل يقرأ بين الشوطين شيئا عن طارق بن زياد، أو معركة الزلاقة، أو أن يحاول أن يحلل هذه العبارة: «نعم.. لك أن تبكي أيها «الملك الساقط»، على ملكك بكاء النساء. فإنك لم تحتفظ به احتفاظ الرجال».
من قالها ولمن قيلت وما مناسبتها؟
إن كرة القدم في الدوري الإسباني رائعة جدا كإسبانيا بلد الجمال، لا ينكر ذلك إلا من يعيش في كوكب آخر، ولكن من المعيب جدا أن نجهل تاريخنا والأسوأ من ذلك أن نكتفي بمشاهدة إنجازات الآخرين ونحن نسير إلى الوراء!
(المصدر: الانباء 2015-08-13)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews