أزمة إدارة الكرة فى الأهلى.. بين المسكنات والحلول الجذرية
قبل أسبوعين، وفى نفس هذا المكان، تحدثت عن امتلاك الأهلى كوكبة من أفضل وأمهر اللاعبين المصريين والأجانب فى سوق الكرة المصرية، وأشرت إلى أن هؤلاء اللاعبين قوة يجب أن يتجاوز طموحها البطولات المحلية، وتساءلت عن الرؤية الفنية والإدارية التى لم تتضح معالمها، ووجهت أسئلة مباشرة للجنة الكرة، ومجلس الإدارة، حول ما إذا كان الكابتن فتحى مبروك هو الأنسب للمرحلة القادمة أم لا؟ وما إذا كانت الإدارة الكروية ستظل تعمل برأسين: وائل جمعة، وعلاء عبدالصادق، أم ستدار برأس واحد: أحدهما أو غيرهما؟
لكن البطء فى الإجابة، وسياسة رد الفعل التى تحكم الإدارة الكروية، هما اللذان قادا الأهلى للأزمة التى وقعت الأسبوع الماضى بين حسام غالى وعبدالله السعيد، من جانب، ووائل جمعة، مدير الكرة، وفتحى مبروك، المدير الفنى، من جانب آخر، وتحت رعاية وإشراف المشرف العام، علاء عبدالصادق، وهى أزمة الدخول فى تفاصيلها وتحديد مسؤولية أو خطأ كل طرف لم يعد هو المهم، فالجميع أخطأوا، لكن يبقى السؤال: هل عقاب طرف أو استبعاد آخر هو الحل الذى سيعيد الاستقرار للفريق، والهدوء للاعبين والجهاز الفنى والإدارى الذين تعاركوا فى وقت كان عليهم فيه أن يخجلوا لخسارتهم الدورى، وهى الخسارة التى يريد البعض أن يتنصل من مسؤوليته عنها، ويحملها للإسبانى جاريدو وحده؟ ما يطرح السؤال الذى يهرب منه الجميع: هل أخطاء المدرب الإسبانى وحدها هى التى قادت الأهلى للخسارة؟
الآن جاء وقت المصارحة والمكاشفة والإجابة عن الأسئلة، فالسكوت والصمت والتضميد والترقيع لن تبنى الفريق القوى الذى نتمناه للأهلى، حتى لو تعاقد مع أعظم لاعبى العالم، فالأزمة التى يعيشها الفريق الآن نتيجة طبيعية لتغاضى إدارة النادى عن اتخاذ حلول جذرية فى منتصف الموسم، عندما خرج الفريق من البطولة الأفريقية للأندية الأبطال، وتراجع ترتيبه فى الدورى، ووقتها تمت إقالة «جاريدو» باعتبار أنه السبب الوحيد للمشكلة، والحقيقة غير ذلك، فإدارة الكرة التى تضم (المدير والمشرف عليه) شاركت بنسب ليست ضئيلة فى هذا التراجع، وظنى أن الإدارة رصدت هذه الأخطاء، لكنها غضت الطرف عن التدخل، وكانت لديها معلومات أظن أنها باتت الآن مشاعا للناس، من قبيل وجود شرخ عميق فى العلاقة بين «جمعة» و«عبدالصادق»، وأن كلًا منهما استقطب عددا من اللاعبين فى صفه: الأول احتضن اللاعبين الشباب، والثانى كان الصدر الحنون للاعبين الكبار، وظهر هذا واضحاً فى الصورة التى نُشرت فى نفس يوم إصدار العقوبات على حسام غالى وعبدالله السعيد، حيث ذهبا للاجتماع مع المشرف فى أحد كافيهات التجمع الخامس، ومعهم «جدو» وشريف إكرامى، ليصدر فى اليوم التالى لهذا الاجتماع قرار منع «جمعة» من السفر مع الفريق إلى تونس، وهذه الصورة تلخص الموضوع، وتشرح الأزمة التى يعيشها الأهلى، وغياب روح العمل الجماعى، وعدم صدق النفوس فى إنكار الذات من أجل قيم وقواعد هذه المؤسسة، التى كانت تحرّم، وربما تجرّم مثل هذه التصرفات أو الاجتماعات فى أوقات الأزمات، حتى ولو جاءت بحسن نية.
من هنا فإن مجلس إدارة الأهلى، وبعد الخبرة التى اكتسبها من العام الماضى، بات المسؤول المباشر عن أى إخفاق إذا لم يتدخل ويعالج المشاكل فى إدارته الكروية بشكل جذرى، فالطبطبة وانتظار وقوع أزمة أخرى أمر من شأنه أن يُفلت زمام الأمور من يده، ويُفقده ثقة الرأى العام فى أى قرار يتخذه بعد ذلك، حتى ولو كان صحيحاً مائة فى المائة، خاصة أن هذا المجلس موضوع منذ اللحظة الأولى لقدومه فى مقارنة مع مجلس سابق، كان يديره اثنان من نجوم الكرة: الكابتن حسن حمدى، ومحمود الخطيب، أما وأنه قد حقق طفرة اقتصادية وإنشائية غير مسبوقة فإن هذا لا يعوض جماهيره عن الإخفاق فى إدارة ملف الكرة، وهو بالمناسبة أمر ليس مستحيلا أو صعبا فى ظل توفر السيولة المالية التى أعطت الأهلى الأسبقية فى شراء لاعبين بما يقرب من ٥٠ مليون جنيه، ولديه القدرة على توفير ضعف هذا المبلغ، لكن المهم حسن اختيار الإدارة التنفيذية والفنية للفريق.
ثم نأتى للسؤال الثانى، الذى سبق أن طرحناه، ويرفض الجميع فى الإعلام ولجنة الكرة ومجلس الإدارة الإجابة عنه: هل الكابتن فتحى مبروك الأنسب لقيادة الفريق؟
قولاً واحداً: ليس هو الأنسب، والأغلبية تعلم ذلك، لكنهم يستحون من أن يصارحوا أنفسهم والجماهير، التى دخلت هى الأخرى على الخط، وطالب بعضهم بعودة مانويل جوزيه، وهو أمر شبه مستحيل، مادامت الإدارة تمسكت بالإبقاء على علاء عبدالصادق، حيث سبق أن أعلن البرتغالى أنه لن يدخل عتبة الأهلى فى وجود المشرف العام.
وعندما أقول إن فتحى مبروك ليس الأنسب فهذا ليس تقليلاً من قيمة وقدر الرجل، الذى لم يتأخر يوماً فى تلبية نداء ناديه فى أى أزمة، لكنها كرة العصر التى تجاوزت مدرسة شيخ المدربين، الكابتن محمود الجوهرى، رحمه الله، والتى ينتمى إليها الكابتن «فتحى»، وتقوم على قاعدة أن الدفاع ثم الدفاع هو أنسب الطرق للوصول إلى الهدف، ومباريات الأهلى الأخيرة واضحة وصريحة، وتعبر عن هذا الفكر الذى تجاوزه الزمن، ناهيك عن أن القوة البشرية من اللاعبين أهم ما يميزها هجومى، وليس دفاعيا، ورهان الأهلى يجب أن يكون هجومياً بحتاً إلى أن يضبط أداء خطه الدفاعى، ويدعمه بلاعبين مميزين، وهو المركز الذى عجز جهاز الكرة عن تدعيمه، ولو بلاعب درجة ثانية، وتمسك بشريف عبدالفضيل، ما يشير إلى حالة عجز وكسل وبطء وفشل، لا أفهم لها سبباً، وهنا تتحمل أيضاً لجنة الكرة جزءا كبيرا من مسؤولية البحث عن سد هذا الخرم (أعتذر عن الكلمة، فهى الأقبح، لكنها الأنسب، عسى أن يدركوا الأزمة). وإن كنت أشك فى مدى شجاعة اللجنة على اتخاذ حلول جذرية بعد أن وافقت على قيد الثلاثى عبدالفضيل وشريف حازم ومحمد ناجى جدو فى القائمة، الذين لن يستفيد منهم الفريق بمليم أحمر.
مرة ثانية: الأهلى لديه المقومات من اللاعبين والإمكانات المالية، ما يؤهله لأن يعود لاحتكار البطولات سنوات قادمة، لكن يبقى القرار السليم والسريع والحاسم فى اختيار الإدارة الكروية الفنية والتنفيذية المناسبة لقيادة المرحلة القادمة، وبالمناسبة ليس معنى فشل جاريدو الخوف من المدرب الأجنبى، فالأهلى طالما جرب مدربين، حتى جاء من فهم الفريق وطور من أدائه.
■ ■ ■
أنا من دراويش «شيكابالا» فى الكرة، ومحب لفنه ومهاراته، وفى الوقت نفسه كاره لأسلوب حياته وتفريطه فى الموهبة التى خصه بها الله سبحانه وتعالى، وإهداره لها بتصرفاته وعدم التزامه، وحزنت مثل غيرى من تصرف إدارة الزمالك معه، فبعد أن وعدته بالعودة ألقت به، بدعوى وجود أكثر من لاعب فى مركزه، وغيابه عن الملاعب عامين، وكأنها معلومات جديدة لم تعلمها قبل إرسال القائمة لاتحاد الكرة، وهنا لى ملاحظتان: الأولى خاصة بالإعلام، الذى تجاهل التعرض لهذا السلوك غير المبرر من إدارة الزمالك مع معشوق الجماهير البيضاء، فى وقت تقف فيه على الهمسة واللمسة مع نجوم آخرين، والثانى أن الإدارة الكروية كانت على حق فى قرارها الفنى، فالزمن تجاوز شيكابالا مع الزمالك، بعد أن حقق أول بطولة دورى منذ ١١ عاماً فى غياب المعلمين جميعاً.
(المصدر: المصري اليوم 2015-08-13)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews