المعركة في سورية تنتقل الى لبنان
لم تُحدث أشهر من المعارك دامية في شمال لبنان وشرقه جلبة كبيرة كالتي أحدثتها قذيفتا الكاتيوشا اللتان سقطتا (الاحد) صباحا في الضاحية، وهي الحي الشيعي في جنوب بيروت، وجرحتا اربعة من المواطنين. إن لبنان، ينزلق على الدوام الى الحرب الأهلية القاتلة في سورية.
لم تتضح بعد هوية مُطلقي القذيفتين الدقيقة، لكن يُخيل إلينا أنه لا توجد صعوبة في فهم البواعث وراء هذا العمل، فان اطلاق القذيفتين كهجمات سابقة للمتمردين السوريين ومجموعات سنية لبنانية مناصرة وجهت على أهداف حزب الله داخل لبنان، ينقل المعركة السورية الى قلب الدولة والى بيروت نفسها هذه المرة.
في 2008 عرضت اسرائيل نظريتها المتعلقة بالضاحية، التي هددت بتدمير الحي الشيعي من بيروت في حال وقوع هجوم آخر من حزب الله على الجليل. وأمس عُرضت نظرية الضاحية السنية التي تقول إنه اذا شارك حزب الله علنا في المعارك في سورية الى جانب نظام الاسد وساعده على ذبح معارضين، فسيوجد من يهتم بالرد على ذلك في بيته هو.
جاء الاطلاق بعد أقل من يوم من خطبة الامين العام لحزب الله حسن نصرالله، التي اعترف فيها أول أمس علنا بمشاركة منظمته في القتال في سورية، لكنه دعا اعضاءه الى عدم الرد بحرب في طرابلس في لبنان، بل الى اجراء الحرب على الارض السورية. وتم الحصول على رد على هذا الكلام باطلاق النار على الضاحية. إن نصر الله الذي بدا أكثر انضغاطا مما هو في العادة، استعمل خطابا شديدا لا اعتذار فيه. وقد أعلن بأنه سيساعد الاسد على الحفاظ على حكمه في وجه جهود الولايات المتحدة واسرائيل والمتمردين السوريين لاسقاطه.
وحذر نصرالله في مبالغة متعمدة من ان سقوط الاسد سيفضي الى سقوط فلسطين. وتبتعد السلطة الفلسطينية في الضفة، وحماس في غزة ايضا، عن تأييد ما لنظام الاسد. فللسلطة حساب طويل مع الطاغية السوري، لكن حتى مسؤول حماس الكبير موسى أبو مرزوق، الذي كان يتمتع الى ما قبل اكثر من سنة، بضيافة الرئيس في دمشق، قد دعا الاسد في الآونة الاخيرة الى التنحي عن منصبه. في سورية نفسها يتابع جيش الاسد ورجال حزب الله حصار آخر مواقع المتمردين في بلدة القصير في مركز الدولة، قرب الحدود مع لبنان. وفي المعارك في المدينة في الاسبوع الماضي، التي فاز فيها النظام بانتصار غير عادي قتل أكثر من 30 من رجال حزب الله. وعلى العموم فان هذه الفترة غير سيئة بالنسبة للاسد بعد شهور كثيرة نالته فيها في الأساس هزائم نقطية على أيدي المتمردين، وفقد بالتدريج سيطرة على أجزاء من الدولة.
ما زالت سورية تنفصم عُراها، لكن النظام القديم لا يهرب الآن الى المنطقة العلوية شمال غرب الدولة، بل يتابع القتال للسيطرة على دمشق وعلى الممر المفضي منها الى حمص وحلب والمنطقة العلوية. وما زال الاسد ايضا يسيطر على مخزونات السلاح الكبيرة لجيشه، وفيها سلاح غير تقليدي، رغم أنه يبدو انه تخلى في هذه المرحلة عن نية محاولة اعادة السيطرة على المناطق التي انتقلت الى العصابات المسلحة الطائفية، كالمنطقة الكردية شرق الدولة.
ويتبين بالتدريج ان العنف المفرط الذي يستعمله النظام يساعد الى الآن في وقف اسقاطه. وهذا صحيح بالطبع الى اللحظة التي نُبشر فيها بأن المعارضة نجحت في نهاية الامر في جهودها للقضاء على الرئيس. ويُثار في هذه الاثناء سؤال ما اذا كانت الحرب في سورية التي خُيل الينا أن أكثرنا اعتمدنا في استنتاجاتنا عنها بقدر كبير على الاستعراض في الشبكات الاجتماعية، وعلى النهج المعادي للنظام السافر لقناة ‘الجزيرة’، تجري على نحو يختلف عما بدا عليه الى الآن. ويتضح بالتدريج ان الاسد قد يكون ضعيفا في اليوتيوب، لكنه أقل ضعفا على الارض.
من بين الخبراء الاسرائيليين في الاستخبارات والجامعات ووسائل الاعلام، كان البروفيسور ايال زيسر، هو الاول الذي انتهج نهجا متشككا دائما في احتمال سقوط الاسد سريعا. وكتب زيسر في نشرة عن مركز ديان في جامعة تل ابيب، نشرت (الاحد) أن ‘النظام السوري ما زال واقفا على رجليه، بل إنه يرد في هذه الحرب الصاع صاعين. وقد نجح في الحفاظ على تكتله وعلى وحدة الصف بين الجيش وقوات الامن’.
( المصدر : هآرتس العبرية )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews