بنك التسويات الدولية: البورصات مدينة بالفضل للبنوك المركزية
من الواضح أن زيادة بنسبة 15 في المائة في قيمة الدولار، من حيث الوزن التجاري النسبي بين منتصف 2014 والربع الأول من عام 2015، أضرت بتقييمات أسهم شركات التصدير الأمريكية.
ومن البديهي أن نقول إن أسواق اليوم مدينة بالفضل للبنوك المركزية أكثر من أي وقت مضى. ومن الصحيح أيضا أنها تتحرك بشكل متزايد بسب حركات العملة الضخمة، التي تعكس السياسات النقدية المتباعدة، بصورة لافتة للنظر في جميع أنحاء العالم.
في تقريره السنوي الأخير، يظهر بنك التسويات الدولية وجود علاقة في منطقة اليورو ذات دلالة إحصائية منذ 2014 بين العائد على مؤشر يورو ستوكس، وسعر صرف اليورو مقابل الدولار.
على وجه التحديد، تزامن انخفاض قيمة اليورو بنسبة 1 في المائة مع ارتفاع في أسعار الأسهم بنحو 0.8 في المائة، في المتوسط.
لا شك في أن هذا بدوره يجعل مفهوم التحوط من تعاملات العملة جذابا على نحو متزايد للمستثمرين الأمريكيين. دون التحوط، لكانت الاندفاعات الكبيرة في الأسهم اليابانية وأسهم منطقة اليورو الناشئة من التيسير الكمي قد تبددت إلى حد كبير.
على أن التحوط عمل يحتاج إلى حذق ومهارة. بالنظر إليه من خارج الولايات المتحدة، فإن ارتفاع الدولار يوفر مكاسب في التقييم، لأن بقية العالم يمتلك أصولا بالدولار أكثر من المطلوبات بالدولار. ما العمل الآن، في ظل الإبقاء على الفائدة الأمريكية على حالها؟
كثير من الربح يذهب إلى أصحاب الاحتياطيات الرسمية. إلا أن هناك خاسرين، ولا سيما في عدد متزايد من الشركات غير الأمريكية التي لديها قروض بالدولار.
الصعوبة الحقيقية للمتحوطين المحتملين، تكمن في أن العولمة قد أدت إلى وجود مزيد ومزيد من الشركات التي لديها تكاليف وإيرادات بعملات متعددة.
وعلاوة على ذلك، في المملكة المتحدة يحتوي مؤشر فاينانشيال تايمز 100 على شركات التعدين والطاقة، التي لا تتعامل مع اقتصاد المملكة المتحدة على الإطلاق. لذلك إذا كنت تجري معاملات على المكشوف بالاسترليني مقابل مؤشر فاينانشيال تايمز 100، فأنت لا تعتبر متحوطا بقدر اتخاذك رهانا بسيطا نحو حركة العملة.
هناك، بطبيعة الحال، قطاعات مثل المرافق العامة التي هي أساسا محلية، التي قد تنجح فيها حالة التحوط.
أما الشركات المحلية، فلا تشكل حسب التقديرات إلا ما بين 15-25 في المائة من القيمة السوقية للأسهم العالمية. وحتى في هذه الحالة هناك سؤال حول المدى الذي يعمل فيه التحوط على التقليل من المخاطر.
هناك منذ فترة طويلة دليل على أن التحوط يقلل من التقلبات على المدى القصير. هذا التقليل تراجع منذ عولمة تدفقات رأس المال، بحيث إنه الآن لا يوجد قدر يذكر من تقليل الخطر إلى ما هو أبعد من اقتناء العملة لمدة سنة.
بالنسبة للفترات الأطول، ينتج عن التحوط ارتفاع معدل تذبذب الحركة بشكل هامشي.
أنا أعتمد في ذلك على بحث من تأليف كاثرين ليجراو، وهي عضو في فريق توزيع الأصول في GMO، الشركة الأمريكية لإدارة الصناديق.
يُظهِر البحث أن التحوط يمكن أن يزيد في الواقع من خطر الذيل، أو احتمال الأحداث النادرة أو المدمرة. وتستشهد بارتفاع الفرنك السويسري بعد أن ألغى البنك الوطني السويسري ربط عملته باليورو في كانون الثاني (يناير) الماضي. من الناحية المحلية، انخفضت الأسهم بشكل حاد. لم يشعر المستثمر الأمريكي غير المتحوط بألم يذكر، لأن السوق السويسرية ارتفعت بنسبة 2.6 في المائة من حيث قيمتها بالدولار. بمعنى أن ارتفاع الأسهم تم التعويض عنه بارتفاع قيمة العملة.
أسهم شركات التصدير السويسرية وصناعة الساعات، انخفضت من حيث القيمة بالدولار، لكن تم تعويض ذلك التأثير من قبل الشركات المحلية التي أصبحت تدفقاتها النقدية بالفرنك السويسري أكثر قيمة بالنسبة للمستثمر الأمريكي. في المقابل، فإن المستثمر المتحوط كان من الممكن أن يتعرض بشدة لسوق هابطة.
تقول ماكجرو أيضا "إن التحوط يمكن أن يزيد من خطر التضخم. لماذا؟ ببساطة، لأن الأسهم هي أصول حقيقية، ضمن الشركات التي تنتج السلع والخدمات الحقيقية".
على المدى الطويل، ستواصل الشركات مواكبة التضخم عن طريق بيع سلعها وخدماتها بأسعار أعلى.
أما العملات فليست أصولا حقيقية. لماذا؟ لأنها تعتمد على الجدارة الائتمانية لجهة إصدار العملة، ويمكن تخفيض قيمتها بل وفقدها تماماً من خلال التضخم غير المتوقع، كما هي الحال مثلا في البرازيل بين عامي 1980 و1994. بإضافة أحد الأصول الحساسة للتضخم إلى أحد الأصول الحقيقية، فإنك تضيف مخاطر التضخم، في الواقع، إلى أسهم الاستثمار لديك.
استنتاجي هو أن الموقف الطبيعي للمستثمر ينبغي أن يكون افتراضا ضد التحوط في الأسهم، فالحجة الداعية إلى التحوط تحتاج إلى النظر فيها بشكل عملي على أساس كل حالة على حدة، وذاك سر التقرير الأخير.
(المصدر: فاينانشال تايمز 2015-07-31)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews