الولايات المتحدة والصين وإقتصاد عالمي جديد
هل تتجه الولايات المتحدة الاميركية الى حرب عالمية ثالثة تواجه فيها الصين بشكل رئيسي ام انها سوف تكون على استعداد لتأسيس عالم اقتصادي جديد وخصوصا لتموضع جديد في اسواق العملات؟
انطلقت هذه الاسئلة الجديدة مع تلمّس الكثيرين بدء انحسار الدور الاميركي المهيمِن على العالم من دون منازع، وبروز واضح للقدرة التنافسية لعملة الصين في وجه الدولار الاميركي، اضافة الى بدء التفكير جدياً في ادخال الرينمنبي في سلة العملات للاصدارات الخاصة في صندوق النقد الدولي.
وبدأت المخاوف في هذا الشأن مع التحولات التي يشهدها الاقتصاد الصيني، والتي تُظهِر انّ قدرة الصين على تجاوز الصعوبات الاقتصادية الداخلية تتضاءل لتصِل الى الحائط المسدود. وقد يدفع ذلك الصين الى صدامات خارجية هدفها الاساسي الابقاء على وحدة البلاد الداخلية والحفاظ عليها.
وقد يبدأ ذلك في نزاعات مع اليابان الحليف القريب من الولايات المتحدة الاميركية، وقد يتّسِع هذا النزاع الى الشرق الاوسط ثم اوروبا ثم افريقيا. ويبدو انّ حدة التوترات بين الصين والولايات المتحدة قد بلغت حالياً درجة الغليان، وتحديداً بعد الانذار الصيني بخطوات عسكرية في مواجهة تحركات الولايات المتحدة الاميركية في جنوب بحر الصين.
ويبدو انّ امام الولايات المتحدة تحدياً واضحاً في القبول بدور تلعبه الصين على المستوى العالمي وبالتوصّل الى اتفاق محدد في سوق العملات لتجنب ايّ حرب عالمية ثالثة، إذ يلاحظ حالياً تدهور التعاون والتنسيق الدولي لصالح حالة فوضى عالمية على مستوى العلاقات بين الدول الكبرى من ناحية وفي عالم المال.
ويبدو ان الصين قد بدأت فعلياً في بناء مؤسسات عالمية منافسة للمؤسسات الحالية، وينصح ببناء جسور بين هذين النوعين من المؤسسات وقد يبدأ ذلك باعتماد العملة الصينية مكوناً اضافياً في سلة العملات المعتمدة في صندوق النقد الدولي على رغم انّ ذلك سوف يعتبر قبول الولايات المتحدة بالعملة الصينية عملة منافسة للدولار الاميركي.
ولكنّ إشراك الصين في اتخاذ القرارات على المستوى المالي العالمي ينطوي على محاذير كثيرة ومعقدة، ويستدعي تقديم تنازلات قاسية من قبل الولايات المتحدة، وخصوصاً انّ هناك الكثير من التشوهات البنيوية في النظام الصيني، حيث لا يخضع فيها القادة لسلطة القانون لغياب ايّ استقلالية للقضاء.
كما انّ الشركات الدولية تعامل بشكل سيئ لصالح الشركات الصينية المحلية ويستدعي ذلك من الصين الكثير من التنازلات، الامر الذي يحتّم قيام مفاوضات قاسية جداً. وفي المقابل فإنّ عدم اشراك الصين له محاذيره ويعتبر خطأ استراتيجياً تاريخياً كبيراً.
وبناء على ذلك، إن حتمية التفاوض تفرض نفسها لتجنّب الخيار الاصعب وهو الحرب العالمية الثالثة، وذلك مع التقارب والتعاون المتوقع بين الصين وروسيا، وخصوصاً انّ هناك حالياً حرباً غير مباشرة بين روسيا والعالم الغربي، وقد تبدأ الحرب العالمية الثالثة بناء عليه في اوروبا وتتشابَه كل من الصين وروسيا حالياً في رفع نفقات التسلح الى عشرة في المئة من الناتج القومي العام.
ويعود الحديث عن نهاية السيرطة والهيمنة الاميركية على العالم، والتي بدأت فعلياً مع سقوط الاتحاد السوفياتي ويبدو انها انتهت مع الازمة المالية العالمية في العام 2008، أي انها دامت فعلياً عشرة اعوام، وهي المدة نفسها التي دام فيها التسلّط النازي بقيادة ادولف هتلر في المانيا وعلى العالم.
ويعتبر الكثيرون انّ الانهيار الذي شهدته الاسواق المالية العالمية في العام 2008 رسم نهاية التسلط الاميركي على العالم، كما ان هذه الأزمة المالية أدّت الى الأزمة التي يعانيها اليورو، والتي حوّلت اوروبا من نظام الدول المتساوية الى نوعين من الدول الدائنة والمدينة، كما أدّت هذه الازمة الى تغييرات دراماتيكية في مختلف انحاء العالم باستثناء الصين، وخصوصاً على مستوى النظام المصرفي، كون النظام المصرفي في الصين معزول تماما ومملوك بالكامل من الدولة.
إتجاهات الاسواق المالية
مع استمرار تراجع الذهب وامكانية تدهور اسعاره الى مستوى الـ 1000 دولار للاونصة، تبقى الضغوط كبيرة على اسعار النفط بعد تراجع اسعار النفط الاميركي الى ما دون الخمسين دولاراً للبرميل، وما زالت اسعار السلع (ذهب ونفط) المنخفضة تؤثر سلباً على اسواق الاسهم وخصوصاً الاوروبية منها، الأمر الذي دفعها لبدء تداولات الأمس على تراجع.
وفي اسواق الصرف تماسك اليورو فوق مستوى الـ 1,09 دولار في سوق ما زالت تتحضّر لرفع اسعار الفائدة الاميركية، وخصوصاً بعد بيانات البطالة الاميركية التي تراجعت الى أدنى مستوى لها في عدة عقود من الزمن. وتبقى الضغوط على اليورو، وجاءت أمس من تباطؤ الاقتصاد الاوروبي في شهر تموز الماضي ما أعاد التوقعات بتراجعه الى مستوى الدولار الواحد.
(المصدر: الجمهورية اللبنانية 2015-07-25)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews