أوروبا تقدم فرصة للإمساك بالأسهم المتهاوية

إنها تمطر أسهما متهاوية في الأسواق المالية. المثل القديم يقضي بأنه لا ينبغي لك أبدا محاولة شراء الأسهم التي تكون في حالة هبوط سريع - أو بعبارة أخرى، محاولة أن تتذاكى على غيرك أثناء تراجع السوق.

هناك على الأقل فرصتان للقيام بذلك في الوقت الحاضر. في الصين، يظهر أزيز الأسهم المتهاوية في أسواق الأسهم من الفئة "أ"، في الوقت الذي تبدو فيه السلطات الصينية عازمة على محاولة إيقاف الانهيار - أو على الأقل إرغام الآخرين على عدم السماح لها بالإفلات.

في أوروبا، وسط الدراما العظيمة في مجال السياسة ولكن بقدر أقل في الأسواق، كانت هناك أيضا تصفية كبيرة للأسهم. عانت جميع الأسواق الرئيسية في أوروبا الغربية عمليات تصحيح للأسعار بأكثر من 10 في المائة منذ الربيع الماضي، في الوقت الذي كانت تتعمق فيه المخاوف بشأن خروج محتمل لليونان من اليورو.

هل ينبغي لك محاولة شراء أي من هذه الأسهم المتهاوية؟ بالنسبة للصين، الإجابة هي "لا" واضحة. إن التدابير التي أعلنت عنها السلطات خلال الأسابيع القليلة الماضية ليس لها معنى إلا إذا كانت دلالة على الاستماتة. وحتى لو كانت ناجحة نوعا ما في رفع الأسعار الأسبوع الماضي، فإنها ستحدث أضرارا جسيمة في محاولات السلطات إقناع مجتمع الاستثمار العالمي بالدخول. إن الاستثمار هناك يتطلب الآن الثقة بأنك قادر على قراءة الإجراء المقبل للسلطات. يبدو أنك تحتاج أيضا إلى أن تخاطر بأنه لن يسمح لك بإخراج مالك عند حاجتك إليه. من الأفضل لك الابتعاد عنها.

أما حالة أوروبا فهي أكثر إثارة للاهتمام بكثير. كما جاء سابقا في هذا العمود، دخلت أوروبا هذا العام رخيصة بشكل كبير مقارنة بالولايات المتحدة. تبع ذلك اندفاع قوي للأسهم الأوروبية، لكن آثاره زالت الآن. التصحيح منذ الربيع الماضي، جنبا إلى جنب مع اليورو الأضعف، يعني أنه اعتبارا من هذا الأسبوع، ستكون الأسهم الأمريكية قد تفوقت على أسهم منطقة اليورو بنسبة 4 في المائة خلال هذا العام، وفقا لمؤشرات مورجان ستانلي. لكن على عكس ما هو في الصين، كانت عمليات البيع المكثف منظمة ومن دون ذعر.

كما أنها تواصل اتجاها عميق الجذور. في عام 2007، عشية أزمة الائتمان، تجاوزت القيمة السوقية للأسهم الأوروبية قيمة الأسهم الأمريكية، وفقا لبيانات داتا ستريم (التي يشتمل تعريفها لأوروبا على كل من روسيا وتركيا). أما الآن، تزيد القيمة السوقية في الولايات المتحدة على الأوروبية بنسبة 72 في المائة. ولا شك أن قصور أداء أوروبا في فترة ما بعد الأزمة أمر مذهل.

هذا يعني، بكل الحذر الممكن، أن نهاية الأسبوع الماضي قد توفر بكل سهولة نقطة دخول جديدة. أولا، انظر إلى التقييمات النسبية. تبدو المؤشرات الأوروبية دائما أرخص من المؤشرات الأمريكية لأن لديها أسهما أقل مثل مجموعات تكنولوجيا المعلومات التي تجذب مضاعفات أرباح عالية. لكن مضاعفات أوروبا تبدو الآن رخيصة مقارنة بالأرباح في الجزء السفلي من الدورة، في حين يتم تداول الأسهم الأمريكية بمضاعفات أرباح عالية تبدو أنها موجودة في الجزء العلوي من الدورة.

عند تعديل الأرقام لاحتساب الطابع الدوري للأرباح عن طريق مقارنة الأسعار بمتوسط الأرباح على مدى عشر سنوات، تبدو جميع أسواق الأسهم الأوروبية الرئيسية رخيصة مقارنة بتاريخها هي نفسها. مثلا، تتداول إيطاليا وإسبانيا بمضاعفات معدلة دوريا تبلغ 11.2 و12.4 مرة على التوالي، مقارنة بالمتوسطات التاريخية البالغة 21.3 و15.5 مرة، وفقا لشركة Research Affiliates. وتبدو كل من ألمانيا وفرنسا أيضا رخيصة مقارنة بتاريخهما. إن مثل أساليب التقييم هذه لا تكون مجدية من حيث الدلالة على التوقيت، لكنها كانت عبر الوقت بمنزلة مؤشرات قوية للأرباح على مدى العقد المقبل. وتتوقع شركة Research Affiliates تحقيق عائدات سنوية بمقدار 5.5 و6.9 في المائة لكل من إيطاليا وإسبانيا على مدى العقد المقبل.

من ثم، هناك السياسة النقدية. فقد تم تقييد أسواق السندات لأن البنك المركزي الأوروبي يغرق تلك الأسواق بالمال. وهذا سوف يزداد مع خروج اليونان، في الوقت الذي يحاول فيه البنك المركزي الأوروبي إحباط أي عدوى مالية. ونحن نعلم ما يحدث للأسهم بموجب برنامج التسهيل الكمي: إنها ترتفع.

ثم لاحظ أن الشركات اختصرت النفقات إلى أقصى حد خلال فترة الركود. هذا يمنحها قوة تشغيلية عالية - بمعنى أن أي زيادة في الإيرادات، مع الانتعاش، ينبغي أن تصب مباشرة نحو الحد الأدنى من الأرباح.

ما المحاذير؟ أولا، برنامج التسهيل الكمي سوف يكون رهيبا بالنسبة لليورو. وهذا ينبغي أن يساعد اقتصاد أوروبا، لكونه يجعل السلع أكثر قدرة على المنافسة ويحد من الأرباح الخارجية للشركات الأوروبية متعددة الجنسيات، لكنه سوف يؤثر في أرباح أو عائدات الأجانب.

ثم هناك ثقة مفرطة مقلقة بخصوص الأرباح. وفقا لتومسون رويترز، تتوقع شركات الوساطة المالية زيادة نسبتها 9.1 في المائة في الأرباح لهذا العام عن السنة الماضية، رغم التراجع بنسبة 4 في المائة في الإيرادات. هذا يبدو تفاؤليا حتى من دون التباطؤ الصيني وخروج اليونان من منطقة اليورو، ويعمل على زيادة مخاطر خيبة الأمل قصيرة الأجل.

أخيرا، بالطبع، قد يتحقق "سيناريو الكابوس": يؤدي خروج اليونان إلى إحداث فوضى في الوقت الذي يلحق فيه خسائر غير متوقعة، والتمرد السياسي يتململ في كل مكان ويتحلل اليورو. إن برنامج التسهيل الكمي قلل من إحساس أوروبا بمثل هذه المخاوف، وعائدات السندات الإسبانية والإيطالية تعني تقريبا أنه لا خطر من حدوث هذا. هذا يعني أن الانهيار، إذا حدث الأمر الأسوأ، قد يكون أكثر إيلاما بكثير.

لكن النقطة المهمة هي أن السوق متنبهة لهذا الخطر، وهذا هو السبب في أنه يمكن شراء الأسهم الأوروبية بأسعار زهيدة في المقام الأول. هذا ينبغي أن يحد من الضرر السلبي الذي تسببت فيه دراما الأسبوع الماضي، وأن يوفر فرص الدخول لأولئك الذين سيتحولون تدريجيا من الولايات المتحدة إلى أوروبا، ويتعامل مع مخاطر العملة. هذه هي سكين واحدة ينبغي لك، بحذر وحرص، محاولة التقاطها أثناء هبوطها.

(المصدر: فاينانشال تايمز 2015-07-13)