"ذهاب وعودة": بناء درامي تشويقي

جي بي سي نيوز - ما يطرحه المسلسل المصري "ذهاب وعودة"، هو قضية الاتجار بالبشر وخطف الأطفال من ذويهم وتهريبهم للخارج من خلال قصة مبنية على أحداث حقيقية مليئة بالغموض والتشويق.
العنصر التشويقي في بناء أحداث المسلسل الدرامية لعب دورا كبيرا في منحه صبغة خاصة تجعل منه ممتعا وغامضا، بتوقيع المخرج أحمد شفيق تأليف عصام يوسف، فمنذ الحلقة الأولى كان لتطور الأحداث وقع مختلف؛ حيث يلعب أحمد السقا دور رجل الأعمال خالد المالك لشركة تعمل في مجال قطع غيار السيارات، حيث يتعرض ابنه "ياسين" للاختطاف من قبل عصابة لتجارة الأعضاء.
ومع توالي الحلقات من خلال أداء السقا كالعادة في أجواء الأكشن والإثارة، بشكل جيد يتماشى مع طبيعة أحداث المسلسل التي تحمل ثيمة خاصة، وهي القدرة على منح أكبر قدر من الغموض والكشف عن تفاصيل قليلة، وفي الوقت ذاته الإبقاء على الأحداث متشابكة، وباقي العناصر الدرامية حاضرة مع بقية فريق المسلسل.
ويشارك في العمل إلى جانب المسلسل إنجي المقدم بدور زوجته المفجوعة "غادة" التي لعبت دور المفجوعة بشكل جيد وغني بالمشاعر الصادقة بعيدا عن التكلف والتصنع.
وتلعب المنافسة الدرامية في الموسم الرمضاني دورا في إنتاج مثل هذه الأعمال، بغية الحصول على اهتمام المشاهد، لكن بعضها قد يقع في فخ علامات الاستفهام والحياد على الصورة والسير المرسوم وتحديد هوية الجاني والوصول لأطراف القضية ولملمة التفاصيل المبعثرة.
ولا يتوقف الأمر عند ذلك الحد، فاللعب على وتر الأحاسيس والمشاعر وردود الفعل العاطفية في أجواء التوتر، يضفي مزيدا من الغموض أيضا، التي تجعل من المشاهد جزءا مهما في شده إليها، لأنها تحاول استمالة مشاعره من خلال الارتباط بها واختبار مشاعر ما يراه أمامه، فضلا عن الأداء المقنع من خلال القدرة على إثارة القلق وتحريك المتلقي بشكل إيجابي حتى النهاية، بالاعتماد على نص يجمع كل شيء من حيث موعد وتوقيت إدخال تفاصيل ترتبط بما هو قبل وما هو بعد.
كموعد الانتقال من حدث لآخر بدون إسهاب أو تطويل وفي الوقت نفسه بدون الإغداق، فيما للحوار دور كبير في منح العمق المطلوب لسير الأحداث التي ترتبط بالقدرة على تقديمه بشكل جيد بحسب الموقف.
وطبيعة الموضوع الذي تتم مناقشته في هذا العمل ذات دور كبير في شد الأنظار إليه، خصوصا على الساحة المصرية، فضلا عن أنه يتناول حالة الانفلات الأمني الذي عم بعد أحداث ثورة 25 يناير في الشارع المصري، بدون إغفال حالة الافتتان التي تحتلها المسلسلات التي ترتبط بالجريمة بالاعتماد على مضمون جيد خارج على الأطر التقليدية، التي تحترم عقل المشاهد وتثيره في الوقت نفسه، وتضم حبكة درامية في عدد كبير من الأحداث التي ترتبط معا في خيط خفي، ما يربط المشاهد بالتفكير والبحث وزيادة التوقعات وردود أفعال إيجابية.
لكن الحديث عن "ذهاب وعودة" لا يرتبط بمجرد أداء فريق الممثلين وحسب، بل يقوم على حساسية الموضوع الذي يطرحه من خلال تواجد مافيا لتجارة الأعضاء البشرية والمستوحاة من أحداث قضية حقيقية، والطفل "ياسين" الذي يتعرض للخطف في المسلسل مستهدف، نظرا لفصيلة دمه النادرة، التي يبحث عنها رجل أميركي، حيث تساعد الشرطة على تحديد موقعه.
ويشارك في بطولة العمل ياسر جلال وفريال يوسف ومجدي كامل وإيهاب فهمي ووليد فواز ولقاء سويدان وأحمد راتب وعدد كبير من النجوم، ومن إنتاج شركة المتحدين للإنتاج الإعلامي "صّباح إخوان" و"إيجل فيلم".
التشويق المتواجد في هذا العمل الذي من المبكر الحكم عليه، يعتمد على الانتقال من مشهد لآخر والتفاصيل التي تترابط شيئا فشيئا كجزء من أحجية خاصة أنها تحمل طابعا بوليسيا فيما للحوار وأداء الممثلين فيه سبب، ليكون مادة دسمة تلعب على أوتار المشاعر والخوف والقلق وحالات الترقب.
وتبقى مقومات العمل الدرامي والفكرة هي العنصر المحدد للأجواء التي تتحرك في إطارها، وتغذي بقية عناصره بين نمو الشخصيات وتصعيد حالة التشويق فيه كعمل كامل، خاصة حين يتعمد الحوار الجيد والصورة بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر.
وفي حين لم ينتهِ رمضان وما يزال أمام المسلسل نحو 11 حلقة، فإن مناطق التصوير المتعددة له لعبت دورا كبير في إضفاء مزيد من الحركة والأكشن التي ترافق بالعادة أي عمل يشارك به أحمد السقا، حيث صور العمل بين ثلاث دول هي قبرص ومصر ولبنان.