التكتلات الاقتصادية .. هل تنقذ القارة السوداء؟
تحديات اقتصادية خطيرة تواجه دول القارة السوداء التي تعاني من "لعنة الموارد"، لأن مصدر المآسي في دول القارة أنها لا تتضرر من الحروب الداخلية فقط، بل أيضا هناك عمليات نهب مبرمجة تمارسها الشركات العابرة للجنسيات بالتواطؤ مع بعض الطبقات الحاكمة، وعلى رأس التحديات التراجع الحاد في أسعار النفط والسلع الأساسية، ومع ذلك كان هناك شبه تجاهل في تناول القضايا الاقتصادية الحيوية أثناء لقاءات القمم الإفريقية وآخرها اجتماعات شرم الشيخ، رغم أن إفريقيا تعد أفقر قارات العالم المأهولة بالسكان من حيث نصيب الفرد من إجمالي الإنتاج من السلع والخدمات، حيث تمتلك القارة نحو 12% من سكان العالم، إلا أنها تحصل على أقل من 2% من الدخل العالمي، وتشير تقارير البنك الدولي أن توقعات نمو اقتصاد القارة تتسم بمخاطر ملموسة بسبب انتشار بعض الأمراض، وعمليات التمرد العنيفة التي تشهدها بعض البلدان، وهبوط أسعار السلع الأولية، وتقلب الأوضاع المالية العالمية، رغم أن القارة السوداء تمتلك نحو 12% من احتياطيات النفط في العالم، و40% من الذهب العالمي، وحوالي 90% من خامي البلاتين، والكروم، ومع ذلك تعتبر مستويات مشاركة دول القارة في التجارة الدولية من الأدنى عالميا، حيث تبلغ حصة إفريقيا في التجارة الدولية 3.3%، في حين لم يصل حجم التجارة البينية بين دول القارة 15%، ويمثل التراجع الحاد في أسعار النفط الذي فقد نحو 55% من قيمته منذ شهر يونيو الماضي، أزمة كبيرة بالنسبة لعدد من الدول الإفريقية التي تعتمد بشكل شبه كامل على تصدير الخام، وعلى رأسها نيجيريا، وأدى تراجع أسعار النفط، وارتفاع الدولار الأمريكي إلى هبوط قيمة السلع الأساسية لأقل مستوى لها في نحو 6 أعوام، وهو له تأثيرات سلبية لاقتصادات القارة التي تعتمد على صادرات المواد الخام، كما يؤدي ارتفاع قيمة الدولار إلى خروج استثمارات أجنبية كبيرة من إفريقيا، وهذا يؤثر بالتالي على توقعات البنك الدولي عن آفاق الاقتصادات العالمية،أو ارتفاع النمو الاقتصادي في القارة الإفريقية تدريجيا إلى 5.1% بحلول عام 2017، بسبب الزيادة المتوقعة في الاستثمار في البنية التحتية، وزيادة الإنتاج الزراعي، وقوة الأنشطة الخدمية، لذلك كان من الضروري إعادة النظر في طرق وكيفية زيادة التجارة البينية الإفريقية، ولعل اتفاق التجارة الحرة الذي وقعته 26 دولة في شرق إفريقيا وجنوبها في شرم الشيخ المصرية، يعد لبنة أولى على طريق بناء تكتل اقتصادي ضخم في القارة السوداء، قد يسهم في إنقاذها مما هي فيه من ترد ليس له مبرر، وإن كان مجرد توقيت الاتفاق لا يكفي لإحداث التحول المطلوب، بل المطلوب لنجاح هذا الاتفاق هو الإرادة السياسية للحكام ومدى رغبتهم وجديتهم في تحقيق أهداف هذه الاتفاقية، ولاسيَّما مع اتجاه الاستثمارات الأجنبية الضخمة إلى الدول التي تتمتع باستقرار سياسي نسبي مثل نيجيريا، وكينيا، وأوغندا، في قطاعات الاتصالات والبنوك وغيرها من الصناعات ذات التأثير القوي على الاقتصاد، كما أن القمة الثالثة للتكتلات الإفريقية الاقتصادية الثلاثة: السوق المشتركة لجنوب وشرق إفريقيا "الكوميسا"، وتجمع اتحاد شرق إفريقيا مجموعة "الإياك"، ومجموعة تنمية الجنوب الإفريقي "السادك"، كان يجب أن تقرب المسافات والتواريخ لتسريع فتح الحدود الإفريقية بين دول هذه التكتلات، وإقرار العملة الإفريقية الموحدة على غرار الوحدة الأوروبية، وإنشاء المناطق التجارية الحرة على المناطق الحدودية التي كان يجب أن تبدأ في عام 2010 لتمثل أكبر منطقة تجارة حرة في إفريقيا لأنها أكثر من 52% من سكان القارة وأكثر من 60% من الناتج المحلي الإجمالي لإفريقيا بقيمة تتجاوز 1.2 تريليون دولار، بما يحقق التعاون بين الدول الإفريقية من أجل معالجة تدهور أوضاع البنية التحتية في مجالات الطاقة والنقل وإدارة الموارد المائية والاتصالات، والمشروعات الإقليمية وبما يتيح الفرصة لتكامل الصناعات وللتبادل التجاري وتنشيط التكتلات الاقتصادية التي تمثل 625 مليون نسمة، وكذلك إقرار العملة الموحدة وتحديد موعد لها، بدلا من ترحيل موعدها من عام 2027 إلى 2063، وهي فترة طويلة، لا تحقق مصالح القارة التي تحتاج إلى إنقاذ سريع لينجو بها من المصير أو المخاطر التي تهدد شعوبها ودولها.
(المصدر: الشرق القطرية 2015-07-01)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews