وزارة التجارة .. وفرض معايير خدمة العملاء
أحد الأصدقاء أراد أن يشتري قطع غيار لسيارته الجديدة بعد أن تعرضت لحادث، فذهب لمحال القطع في المنطقة الصناعية حيث ورش السيارات، إلا أنه لم يجد ما يريد وقالوا له، اذهب للوكالة وذهب لمحل قطع الغيار بالوكالة وهو الوحيد في الرياض، وعندما طلب قطع الغيار قالوا له، نطلبها اليوم وتأتي غدا لتتسلمها وهنا ثارت ثائرته لكون الوكالة لا توفر القطع في الحال ولا تحترم وقت العميل رغبة منها في تخفيض تكاليف توسعة محل قطع الغيار.
هذه القصة غيض من فيض ما نعانيه من سوء خدمة العملاء بعد الشراء أو خدمة العميل أثناء الشراء، خصوصا خدمة العميل أثناء شراء الخدمات الصحية أو خدمات الصيانة وغيرها والمعاناة لا تقتصر على قطاع دون آخر، فهي شاملة لجميع القطاعات والملاحظ أنه بالتزامن مع سوء الخدمة من جهة الاستقبال وتنفيذ الخدمة فإن الأسعار تكون خيالية ومشابهة للأسعار في دولة الوكالة المصنعة بالنسبة للسيارات والإلكترونيات على سبيل المثال، على الرغم من أن الفرق كبير في التكلفة حيث لا يوجد لدينا حد أدنى للأجور، كما لا يوجد لدينا ضرائب ومن الأمور المضحكة أن أحد الأصدقاء وجد في فاتورة تبديل الزيت لسيارته 500 ريال تكلفة العمالة في حين أن تكلفة الزيت 350 ريالا والمعروف أن تكلفة تبديل الزيت خارج الوكالة 30 ريالا فقط، ولك أن تتخيل الفرق بين 500 ريال و30 ريالا بالرغم من أن العامل من الجنسية نفسها وبالراتب نفسه داخل وخارج الوكالة.
تقسم الشركات إلى ثلاثة أقسام في علم التسويق، الأولى شركات تتمحور حول الجودة والثانية حول السعر والثالثة حول خدمة ما بعد البيع، التي تتمحور حول السعر الأقل عادة ما تخدم الفئات المتوسطة الدنيا وما دونها في حين تركز الشركات التي تتمحور حول الجودة على الطبقة الوسطى العليا والطبقات العليا في حين تركز الشركات التي تتمحور حول خدمة ما بعد البيع على الطبقة المتوسطة المتوسطة والمتوسطة العليا والطبقة العليا على اعتبار أن هذه الطبقات تهتم بشكل كبير بجودة خدمة ما بعد البيع ولكن كل من يسأل أي فرد من أفراد هذه الطبقات حتى أبناء الطبقة العليا الذين يشترون السيارات الفخمة والأجهزة الإلكترونية الأعلى سعرا يجدهم يعانون بشكل كبير من سوء جودة خدمة ما بعد البيع، بما في ذلك سوء موقع تقديم الخدمات، حيث عادة ما تكون بعيدة جدا عن معظم الزبائن بهدف تخفيض التكلفة.
أحد ملاك الشركات يقول، إن معظم المستهلكين في المملكة ينصب تفكيرهم حول السعر ولا ينظرون لأي شيء آخر ولذلك نبذل جهودا لتوفير السعر الأقل وهذا يتطلب تخفيض جودة خدمة ما بعد البيع، ومن جهتي أقول، إن هذا التبرير غير مقنع فكم من أعرفهم يملكون السيارات الفخمة من الماركات العالمية المشهورة يدفعون مبالغ طائلة مع خدمة سيئة تبدأ من لحظة استقبال السيارة إلى لحظة تسليمها.
أحد الأصدقاء يقول، اشتريت هاتفا غالي الثمن من أفضل الأسواق وحدث أن تعطل فذهبت للمحل الذي اشتريته منه فدلني على مركز خدمة صيانة الجوالات لدى الوكيل وإذا به في منطقة البطحاء في مكان لا تكاد تجد به موقف للسيارة وهنا يتساءل قائلا، لماذا الجوال في أفضل المحال وأقربها للزبون والصيانة في أسوأ المحال وأبعدها؟ ويجيب دون تردد لكيلا يأتي الزبون للصيانة ويصلحه على حسابه في محل قريب له.
وزارة التجارة بقيادة وزيرها المثابر الدكتور توفيق الربيعة اعتنت عناية كبرى بحماية المستهلك من الجشع والتلاعبات والحيل التي يتعرض لها المستهلك من بعض ضعاف النفوس من رجال الأعمال أو رؤساء شركاتهم التنفيذيين أو موظفيهم ولا شك أن ما حرك الوزير منذ أن تعين الكم الكبير من الظلم الذي يتعرض له المستهلك في بلادنا حيث تكاد تنعدم حقوق المستهلك ويعاني الأمرين للحصول عليها ولا شك أن الوزير استطاع خلال السنوات القليلة الماضية إحداث نقلة نوعية في حماية المستهلك يلمسها الجميع ولكن هذا لا يعني أن المستهلك أصبح قادرا على الحصول على جميع حقوقه بيسر وسهولة كثقافة لدى الجهات الخاصة المقدمة للسلع والخدمات وبالتالي فنحن بحاجة إلى مزيد من الجهد والعمل المتواصل لتحقيق ذلك.
ومن ذلك الجهد المطلوب أن تستحدث الوزارة معايير قياسية لخدمة العميل لا يجوز لأي مقدم خدمة أو منتج التقصير بها ولتكن تلك المعايير وصفية كمية جغرافية، إذ لا يعقل أن تبيع وكالة للسيارات آلاف السيارات سنويا بجميع أنحاء المملكة ثم لا توفر ورش صيانتها وقطع غيارها إلا في محال معدودة وبأسعار فلكية تضاهي إن لم تكن تفوق الأسعار في الدول المصنعة عالية التكلفة لأسباب تتعلق بالحدود الدنيا للأجور والضرائب المفروضة على تلك الشركات.
أعتقد أن معايير خدمة العملاء في كل قطاع متوافرة ويمكن الرجوع لها وأنا على ثقة أن الشركات المصنعة يسرها تطبيق هذه المعايير، بل إن بعضها حسب علمي أوجد برامج مراقبة للوكيل في المملكة لتطبيق هذه المعايير حرصا منه على صورة وسمعة الشركة، ولكن مع الأسف الشديد الكثير من الوكلاء لا يهمهم إلا الربح ولا يريدون تحمل تكاليف جودة خدمة العملاء من تأهيل لموظفيهم للتعامل الحسن مع العملاء وتنفيذ طلباتهم ومن افتتاح لفروع ومخازن وموظفين تتناسب وعدد العملاء وتوزيعهم الجغرافي في أنحاء المدينة وفي أنحاء البلاد.
ختاما أتطلع أن تتبنى وزارة التجارة نظاما متكاملا لإلزام جميع الشركات المقدمة للخدمات والسلع بتطبيق معايير جودة خدمة العملاء القياسية حسب القطاع حفاظا على حقوق المستهلك، إضافة لتعزيز صورتها وسمعتها وكلي ثقة بإمكانية تحقيق ذلك في أسرع وقت ممكن.
(المصدر: الاقتصادية 2015-06-24)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews