فعاليات مهرجان التسوق، ويلاحظ البسمات والتفاعل من الأطفال.
لن يشعر أيّ من الرجلين بالارتياح لأوجه الشبه بينهما، لكن أليكسيس تسيبراس وديفيد كاميرون في أوضاع متشابهة على نحو بارز. يقول كل من رئيس الوزراء اليوناني ورئيس الوزراء البريطاني "إنه أمن تفويضا ديمقراطيا في البلاد للمطالبة بتغييرات في علاقة بلاده بالاتحاد الأوروبي". كلا الزعيمين تصوّر أن الدول الأوروبية الأخرى ستلبي مطالبه، وليس المخاطرة برؤية اليونان تُغادر اليورو أو بريطانيا تُغادر الاتحاد الأوروبي. لكن كلا من تسيبراس وكاميرون يواجه جداراً من المعارضة في أوروبا يُمكن أن يقوده إلى الوجهة التي يحرص على تجنّبها - خروج اليونان وخروج بريطانيا. وجد كل من اليونانيين والبريطانيين أن هناك حجة تستند إلى نتائج انتخاباتهما الوطنية يُمكن أن تقطع شوطا محدودا فقط لدى الدول الأعضاء الـ 28 في الاتحاد الأوروبي. فعندما ادّعى تسيبراس أنه يملك تفويضا ديمقراطيا للمطالبة بتغييرات في أوروبا، يُقال إن وولفجانج شويبله، وزير المالية الألماني، أجاب "أنا أيضاً شخص منتخَب". لكن صعوبات تغيير أوروبا تتعدّى تماماً تضارب التفويضات الديمقراطية الوطنية. إنها راسخة في الحجم والتعقيد القانوني للاتحاد الأوروبي - منظمة تُعتبر الآن كبيرة جداً وغير عملية إلى درجة أنها تجد أن التغيير الجذري يكاد يكون من المستحيل التفكير فيه. يقول البريطانيون إن تأمين التغييرات التي يريدونها في أوروبا، حول قضايا مثل الهجرة وحقوق البرلمانات الوطنية، يحتاج إلى تغيير المعاهدة - وهذا يُعتبر تغييرا في الوثائق القانونية الأساسية في الاتحاد الأوروبي. لكن تغيير المعاهدة يتطلب موافقة جميع بلدان الاتحاد الأوروبي، وبعضها يحتاج إلى إجراء استفتاءات. عملية التفاوض هذه بالذات تدعو أيضاً جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي إلى التقدّم بمطالبهم المتضاربة الخاصة بهم. بدلاً من التفكير في هذا الاحتمال الكابوسي، من الأسهل بالنسبة للاتحاد الأوروبي رفض التحوّل ببساطة - بخلاف القيام بذلك بطرق صغيرة أو رمزية. من المهم أن ندرك أن هذا النفور من التغيير مُنفصل تماماً عن حيثيات الإصلاحات المطلوبة. حكومات مختلفة في الاتحاد الأوروبي لديها وجهات نظر مختلفة حول ما إذا كانت مطالب اليونانيين أو البريطانيين معقولة. هناك بعض التعاطف في فرنسا وإيطاليا فيما يتعلق بالحجج اليونانية بأن ديون البلاد لا يُمكن سدادها وأن مزيدا من التقشف العميق قد يؤدي إلى نتائج عكسية. وهناك بعض التعاطف في أوروبا الشمالية فيما يتعلق بالحجج البريطانية بشأن الرعاية الاجتماعية وزيادة دور البرلمانات الوطنية. لكن بغض النظر عن حيثيات القضايا اليونانية والبريطانية، هناك تردّد عميق لفتح صندوق المشكلات الخاص بالإصلاح العميق.
المشكلات ذات العلاقة بهذا الموضوع ليست مجرد مشكلات قانونية، إنها إيضاً سياسية. مصدر القلق هو أن التنازلات التي يتم تقديمها لليونانيين والبريطانيين من شأنها توليد رد فعل عنيف، لأن الناخبين الألمان أو الهولنديين مستاؤون من فكرة شطب ديون اليونان، أو لأن الناخبين البولنديين غاضبون بسبب القيود على حقوق المهاجرين في الاتحاد الأوروبي. في أماكن أخرى، رؤية حزب يساري متطرف، مثل حزب سيريزا، أو المحافظين المناهضين للاتحاد الأوروبي، مثل حزب المحافظين في بريطانيا، يحصل على تنازلات من بقية أوروبا قد يعمل على تقوية أحزاب مماثلة في أنحاء القارة كافة، الأمر الذي يجعل الاتحاد الأوروبي مكاناً تصعُب إدارته بشكل أكبر بكثير. نتيجة لذلك، الحكومات الرئيسية في أوروبا، ولا سيما ألمانيا، مُستعدة للتفكير في خروج اليونان وخروج بريطانيا أكثر مما قد يُدركه اليونانيون والبريطانيون. كانت الحكومة الألمانية تقول لبعض الوقت إن منطقة اليورو يُمكن أن تتحمّل خروج اليونان من اليورو. ومع أن أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، لا تزال تبدو حريصة على إبقاء اليونان داخل اليورو لأسباب جيوسياسية، إلا أن وزارة المالية الألمانية، بقيادة شويبله، تميل الآن فيما يبدو إلى ترك اليونان تُغادر، معتبرة أن هذا في الواقع يمكن أن يكون له تأثير مفيد في الأعضاء الآخرين في منطقة اليورو. سواء كانت اليونان ستخرج من اليورو أم لا، فإن الإجماع الألماني هو أن الدرس من الأزمة اليونانية بالكامل هو أن أوروبا يجب أن تكون أقل مرونة بكثير، مع منطقة اليورو التي تتطلب قواعد أكثر تشددا وتنفيذا أكثر صرامة، بما في ذلك تشديد الرقابة على الميزانيات الوطنية من قِبل بروكسل. المشكلة البريطانية أقل إلحاحاً من المشكلة اليونانية وتشتمل على أموال أقل، لكن نهجا ألمانيا مماثلا بدأ يظهر بالفعل. أمضيتُ جزءا من الأسبوع الماضي في ألمانيا في مؤتمر كونيجسوينتر، الذي ظل يجمع بين صُنّاع القرار البريطانيين والألمان على مدى 65 عاماً. أجواء كونيجسوينتر كانت، كأي وقت مضى، ودية وصريحة. ماركوس إيديرير، وكيل وزارة الخارجية الألمانية، أخبر الزائرين البريطانيين بالتالي "ألمانيا ستبذل جهداً كبيراً لدعم لندن، وحتى مساعدة لندن، لكنها لن تستطيع أن تكون هذه الجهود مفتوحة وبلا حد". السماح لبلدان الاتحاد الأوروبي باختيار المبادئ التي يريد البلد اتباعها من شأنه "كبح قوة الاتحاد، ربما أكثر بكثير من الاستمرار في اتحاد أصغر لكن أقوى. هذا يبدو وكأنه تحذير تم التعبير عنه بهدوء، لكنه تحذير مباشر، إلى البريطانيين بأن برلين مستعدة لأن تترك بريطانيا تغادر الاتحاد الأوروبي، بدلا من أن تعرِّض للخطر الانسجام الداخلي للاتحاد. نهج ألمانيا الصارم قائم على تقييم واقعي لمدى صعوبة تنفيذ الإصلاحات في الاتحاد الأوروبي المكوّن من 28 عضواً - فضلاً عن نفور عميق من إعادة عملية اندماج الاتحاد الأوروبي. لكنه أيضاً تعليق يُنذر بالخطر فيما يتعلق بعدم قدرة أوروبا على الاستجابة للظروف المُتغيّرة، سواء كانت الانكماش بنسبة 25 في المائة في الاقتصاد اليوناني، أو الهجرة غير المتوقعة لملايين الأشخاص في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي. هذا الإخفاق في المرونة بشأن التغيير يعد أمرا خطيرا. أوروبا التي لا تستطيع الانحناء هي أكثر ترجيحا بكثير لأن تُكسَر.
(المصدر: فاينانشال تايمز 2015-06-10)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews