لا رئاسة لا تعيينات والحكومة باقية
الحكومة الحالية برئاسة تمام سلام حاجة لجميع الاطراف، وكل منها يستفيد من بقائها: "حزب الله" تمنحه شيئا من الاستقرار يحتاج اليه بينما يغرق أكثر فأكثر في رمال سوريا المتحركة، تخفف عنه ضغطا امنيا وعبئا ثقيلا على مناطق نفوذه المهددة بعمليات تفجير انتقامية من الفصائل السورية، ويتضح ذلك في مستوى غير مسبوق من التنسيق بين امنه وفرع المعلومات القوة الامنية الاكثر فاعلية في مواجهة هذا النوع من التحديات الامنية. "تيار المستقبل" تبقيه في دائرة الحكم والسلطة والقرار بما يمكنه من الحد من اختراق "حزب الله" للمؤسسات الرسمية ونشر محازبيه في جميع ثناياها، وبما يعينه على تأمين قدر اكبر من الخدمات لجمهوره الذي عانى حصارا خلال مرحلة حكومة نجيب ميقاتي. ولا ننسى ان الحكومة الحالية ساهمت في نظر "تيار المستقبل" في دخوله شريكا في مرحلة الشغور الرئاسي بدل الحكومة السابقة التي كانت سيطرة "حزب الله" عليها شبه تامة، ولا سيما ان رئيسها كان لا يزال مصنفاً جزءاً من معادلة تحالف "حزب الله" - بشار الاسد. اما الجنرال ميشال عون فيستفيد من الحكومة بالاستمرار في الحكم والقرار في حين يدير معركة الوصول الى رئاسة الجمهورية، فضلا عن معركة ايصال مرشحه الى قيادة الجيش.
الكل يستفيد من الحكومة: تمام سلام صاحب مصلحة في البقاء رئيساً توفيقياً يعمل بلا هوادة على تقصير الهوة بين المتناقضين، ويبقى في طليعة الاسماء المرشحة لترؤس اي حكومة ائتلافية مقبلة تحتاج الى رئيس توفيقي معتدل على علاقة جيدة نسبيا بالجميع.
في هذا الاطار ووفقاً لهذه الاعتبارات وغيرها يبقى الخلاف على التعيينات العسكرية دون مستوى الاطاحة بالحكومة في مرحلة الحرائق الكبرى في المنطقة . واذا كان عون يخوض معركة صهره العميد شامل روكز بكل قوته ، فلا بد ان يدرك ان الامور اكثر تعقيدا من ان تعالج بموقف يطيح الحكومة وربما بالتهدئة الهشة التي تؤمنها . فتعيين العميد روكز غير ممكن اليوم في حين يمر الجيش اللبناني بمرحلة شديدة الدقة، وحليف عون الاول "حزب الله" الذي يمارس سياسة مرحلية يفضل تأجيل الخلافات التي تهدد الحكومة ريثما تتضح صورة الصراع في سوريا. كما ان تعيين صهر عون قائداً للجيش دونه في المطلق عقبات كبيرة اولها تصنيف قوى فاعلة لروكز بانه جزء من تركيبة سياسية - عائلية (عون) هي عمليا بدورها جزء من تركيبة ٨ آذار. وهذه عقبة كبرى .
الواقع المشار اليه آنفاً ينطبق على ملف الرئاسة المؤجل. فتمسك الجنرال ميشال عون بترشيحه، وتعطيله مع "حزب الله" جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، يحولان دون فتح كوة في جدار مغلق، خصوصا ان عون الطامح الى الرئاسة لم يفعل شيئا ملموسا للخروج من ٨ آذار، والتموضع في الوسط. فوصول عون الى الرئاسة في هذه المرحلة يراه كثيرون في المقلب الآخر من المعادلة السياسية وصولا لقوى ٨ آذار الى الرئاسة، وضرباً للتوازن الدقيق القائم بين ثلاث رئاسات، اثنتان منبثقتان من "متاريس" متقابلة، في حين ان الرئاسة الاولى تحتاج ان تكون وسطية توفيقية، وبالافعال قبل الاقوال.
(المصدر: النهار 2015-06-04)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews