اتفاق المناخ في باريس قد يكون «مقبرة» لهدف لجم ارتفاع حرارة الأرض
جي بي سي نيوز - تهدف قمة المناخ التي ترعاها الأمم المتحدة في باريس إلى التوصل إلى خطة للحد من الاحتباس الحراري، أو ما يعرف باسم ظاهرة الدفيئة. ولكن هذا الاجتماع قد يصبح بدلاً من ذلك مقبرة للهدف المعلن، وهو حصر ارتفاع درجة الحرارة بدرجتين مئويتين فقط عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
وتحقيق هذا الهدف هو قوة الدفع وراء مفاوضي المناخ والعلماء، الذين يقولون إن تخطي هذا الحد سيعني أن العالم سيعاني من أحوال طقس متطرفة مثل موجات شديدة من الفيضانات والجفاف والعواصف وارتفاع مستوى البحار. ولكن قبل ستة أشهر فقط من اجتماع زعماء العالم في باريس، تتراجع فرص التوصل إلى اتفاق يحتفظ بارتفاع درجة الحرارة تحت هذا السقف، فقد وصلت الانبعاثات الغازية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري إلى مستويات قياسية خلال السنوات الأخيرة. والخفض المقترح لانبعاثات الكربون اعتباراً من عام 2020 والوعود بزيادتها خلال مراجعات لاحقة التي قدمتها حكومات تخشى على اقتصادها من كلفة التحول من الوقود الحفري، هي على الأرجح غير كافية لتحقيق هدف قصر الزيادة على درجتين مئويتين.
وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو ديفيد فيكتور: «باريس ستكون جنازة بلا جثة»، إذ يتوقع فشل اجتماع باريس في تحقيق هدف الدرجتين المئويتين على رغم إصرار الحكومات على أن ذلك ممكن. وقال الخبير في المعهد الألماني للشؤون الأمنية والدولية اوليفر جيدين: «هذا ببساطة غير ممكن، فالدرجتان المئويتان هما محور المناقشات المناخية لكنهما ليستا كذلك بالنسبة للتحرك السياسي».
ولكن مع التقاء المسؤولين في مدينة بون الألمانية بين 1 و11 الجاري للتمهيد لقمة باريس، تقول الأمم المتحدة إن الهدف المنشود لا يزال في متناول اليد.
وتعترف كبيرة مسؤولي الأمم المتحدة عن تغير المناخ كريستينا فيجيريس بأن خطط الحكومات للحد من الانبعاثات، وهي الأساس الذي سيبنى عليه اتفاق باريس، ليست كافية لتحقيق هدف الدرجتين المئويتين. وترى أن الآليات الجديدة لتنفيذ تعهدات مستقبلية ربما عام 2025 و2030 يمكن أن تحقق هذا الهدف. وأضافت أن على الحكومات تغيير موقفها من الاقتصادات المنخفضة الكربون لتعتمد على الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية وتلك المولدة من الرياح والتي يمكنها أن تعزز النمو الاقتصادي وفي الوقت ذاته تقلص التلوث وتوجد فرص عمل.
ويرجع هدف الدرجتين المئويتين إلى قمة الأرض التي عقدت عام 1992 وتعهدت بتفادي أي تدخل إنساني «خطير» في النظام المناخي، ولكن لم تحدد ماهية هذا التدخل. وبمرور الوقت، أصبح هدف الدرجتين هدفاً رمزياً، وكان الاتحاد الأوروبي أول من صدق عليه عام 1996، ثم وافق عليه الرئيس الأميركي باراك أوباما عام 2009، ثم أعلن رسمياً كمبدأ حاكم لمحادثات المناخ خلال اجتماع للأمم المتحدة في المكسيك عام 2010.
ويبدو هذا السقف طموحاً جداً، فدرجة الحرارة ارتفعت بالفعل 0.85 درجة منذ العام 1880 مع انتشار الثورة الصناعية. وأظهرت دراسات للأمم المتحدة أن ذلك قد يكون أحدث تغيرات لا رجعة عنها، بينها ذوبان الجليد في غرينلاند وإنهيار الشعاب المرجانية.
وحددت لجنة الحكومات الخاصة بتغير المناخ العام الماضي عدداً من السيناريوات للبقاء تحت سقف الدرجتين المئويتين، قد يتطلب خفضاً في الغازات المسببة للإحتباس الحراري يستمر عشرات السنين بمعدل يراوح بين 3 و6 في المئة سنوياً. وأكدت الوكالة الدولية للطاقة أن مثل هذا الخفض لم يحدث أبداً في التاريخ الحديث، لا خلال الكساد الدولي عام 2009 ولا عام 1991 حين انهار الاتحاد السوفياتي وتدنى النشاط الاقتصادي، ما دفع الانبعاثات إلى الانخفاض سريعاً. وقد يتطلب خفض بمثل هذا الحجم تطوير تكنولوجيات لم تتحقق بعد يمكن على سبيل المثال أن تمتص ثاني أوكسيد الكربون من الهواء.
وقال المدير المؤسس في معهد «بوستدام» لبحوث تغير المناخ هانز يواكيم شولنهوبر، الذي شجع الاتحاد الأوروبي على الموافقة على الدرجتين: «هذا هدف قابل للتحقيق ولكن لن يكون الأمر سهلاً، وربما يُقارن بما فعلته الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية، حين غيروا اقتصادهم لينتج دبابات بدلاً من أن يصنع سيارات».
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews