انخفاض أسعار النفط يجبر أبوظبي على التقشف
جي بي سي نيوز :- تتجه إمارة أبوظبي، التي تنعم بثراء هائل، إلى شد الحزام قليلاً، مع تراجع حصيلة الصادرات جراء انخفاض أسعار النفط، وذلك في مؤشر على أن تبعات هبوط أسعار الخام طالت حتى أكثر اقتصادات الخليج ثراء.
ولا تواجه الإمارة، التي يقطنها نحو 2.4 مليون نسمة، أي ضغوط مالية جسيمة، إذ إن أصول صندوق الثروة السيادي تقدر بأكثر من 770 مليار دولار، وهو ما يسمح لها بالتكيف بسهولة مع انخفاض إيراداتها بنحو النصف منذ يونيو/حزيران 2014.
ولا زالت أبوظبي تنفق على مشروعات ثقافية كبيرة، مثل فرع لمتحف اللوفر تقدر تكلفته بمئات الملايين من الدولارات، فضلاً عن البنية التحتية للنقل والتوسع في قطاع النفط والإسكان ومشروعات في قطاعي الإسكان والتكنولوجيا المتطورة، وتهدف جميعها إلى تنويع مواردها الاقتصادية بعيدا عن النفط.
ولا تلوح في الأفق بوادر تغيير لأسلوب الحياة المترف، فقد افتتح الشيف سيرجي أرولا الشهير الحاصل على نجمة ميشلان، مطعما إسبانيا فخما في الإمارة في أبريل/نيسان الماضي. وفي الشهر الماضي قالت شركة الدار العقارية إنها جمعت 135 مليون دولار من حجوزات لمشروع فيلات مزمع على جزيرتين صغيرتين قرب وسط المدينة.
وتحول السرية، التي تحيط بميزانية حكومة أبوظبي، دون معرفة بعض التفاصيل، إلا أن مصرفيين ورجال أعمال يقولون إن تغييرا طرأ على نمط الإنفاق في الإمارة في الأشهر التسعة الماضية.
وتقلصت المبالغ المخصصة لاستثمارات خارجية ضخمة، وثمة عودة للتأكيد على تنمية الاقتصاد المحلي، وفي الوقت نفسه يجري تأجيل بعض المشروعات المحلية التي ينظر إليها على أنها أقل أهمية وفي حالات قليلة جرى إلغاء مشروعات.
ونقلت وكالة رويترز عن مصدر مطلع أن أسلوب التفكير في الإمارة: "شد الحزام قليلا في ظل انخفاض أسعار النفط أمر طبيعي، ويبدو أن حقبة الاستثمارات الضخمة في الخارج ولّت في الوقت الحالي".
وذكرت إدارة الاتصالات في حكومة أبوظبي، في بيان لها أن خططها لا زالت تحركها الأهداف التنموية والاستراتيجية، ولم تتأثر بالتغيرات في سوق الطاقة.
وتابعت أن الشركات التابعة للدولة ستواصل أنشطتها، تمشيا مع السياسات الاستثمارية والإطار المحدد لها.
وتكلفة إنتاج النفط في أبوظبي منخفضة نسبياً، لذا فإن الإمارة تجتاز حقبة تراجع أسعار النفط بيسر أكثر من معظم اقتصادات المنطقة.
ويقدر بنك أبوظبي الوطني، أكبر بنوك الإمارة، أنه حتى في حالة انخفاض سعر مزيج برنت الخام إلى 55 دولارا للبرميل العام الجاري، فإن إمارة أبوظبي ستسجل عجزا ماليا لن يتجاوز 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وسيتقلص صافي الأصول الخارجية بواقع ثمانية مليارات دولار فحسب إلى 733 مليار دولار.
ووفقا لحسابات البنك، فإن أبوظبي ستحقق فائضا بسيطا في الميزانية عند السعر الحالي لبرنت الذي يقترب من 65 دولارا للبرميل.
وفي ظل ضبابية الآفاق على المدى الطويل، يشدد القائمون على خزانة الدولة على أهمية الاقتصاد في الإنفاق، في حين لم تتوقف الاستثمارات الخارجية تماما، ففي أبريل/نيسان الماضي أبرم جهاز أبوظبي للاستثمار اتفاقا لشراء حصة 50% في ثلاثة فنادق في هونج كونج مقابل 2.4 مليار دولار، لكن عددا من شركات الاستثمار المملوكة لأبوظبي قلصت نشاطها في الخارج.
وفي أبريل/نيسان الماضي، قالت شركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة)، التي تملك استثمارات في شتى أنحاء العالم، إنها ستقلص الإنفاق الرأسمالي للعام الجاري بنسبة 39%، كما لم تبرم "مبادلة للتنمية" التي استثمرت مليارات الدولارات في الخارج في عامي 2013 و2014، أي صفقة استثمار رئيسية في الخارج منذ بداية العام الجاري.
وحتى شركة الاتحاد للطيران سريعة النمو، التي اشترت 49% من شركة الطيران اليطاليا العام الماضي وبعد استثمارها في إير برلين وجت إيروايز الهندية وغيرها، توقفت فيما يبدو عن إبرام أي صفقات استحواذ أخرى.
وفي الداخل، جرى إلغاء مشروعات أو تأجيلها أو تباطأ تنفيذها، وفي الشهر الماضي ألغي مهرجان أبوظبي السينمائي الذي أقيم سنويا منذ عام 2007، وقالت السلطات إنها تنوي تحويل اهتمامها إلى مبادرات أخرى.
وفي مارس/آذار الماضي، ذكرت مصادر لرويترز أن شركة الاستثمار والتنمية السياحية في أبوظبي أجلت خططها لجمع تمويل لبناء أكبر مركز تسوق بالتعاون مع شركة ال.في.ام.اتش الفرنسية للسلع الفاخرة، وامتنعت شركة الاستثمار والتنمية السياحية في أبوظبي عن التعليق.
وقال بيير سيرونفال، مدير عام وحدة شركة الإنشاء البلجيكية بيسيكس في الشرق الأوسط، إن سوق مشروعات التشييد في أبوظبي هادئ نسبيا هذا العام.
وأضاف: "نجحنا في بعض المشروعات، ولكن بعضها الآخر لم يجتز مرحلة تقديم العروض منذ ما يزيد عن عام. نعيد طرح المناقصة باستمرار".
وقال بنك أوف أميركا ميريل لينش: "رغم أن الميزانية لم تنشر، إلا أن ما فهمناه هو أن حكومة أبوظبي تتجه إلى ترشيد الإنفاق قليلا".
ولمح إلى أنه في حالة استمرار أسعار النفط المنخفضة، فإن المساعدات التي تمنحها أبوظبي لدول أخرى أو الإمارات الأقل ثراء ستخفض في نهاية المطاف.
وأضاف: "ستستمر المشروعات الاستراتيجية على الأرجح، مما يدعم النشاط الاقتصادي غير النفطي. لكن نعتقد أنهم سيلجؤون عوضا عن ذلك إلى تقليص قطاعات الإنفاق غير الضرورية مثل المنح الخارجية أو صافي القروض والمنح والتحويلات الاتحادية".
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews