طريق التنمية في الوطن العربي
برغم مآلات ثورات الربيع العربي الذي تحول عند البعض إلى شتاء مثلج مظلم وكأن الربيع لم يكن ولكن الذي كان ولا يزال هي صرخات الشباب العربي تلك القوة الهادرة التي لا تتمنى سوى فرصة عمل تنتشلها من قعر البطالة، فالصراخ ما زال مستمراً ولكنه اختار لغة الصمت لعلها تتمكن من التعبير ولعلها تُفهم من يَفهم.
فحسب تقرير البنك الدولي فإن الدول العربية ما زالت تعاني من ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب والنساء، بالإضافة إلى تردي الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم، وحسب وصف التقرير فإنها تعد من الأمراض المزمنة في الوطن العربي إذا ما استثنينا بعض الدول النفطية. ويذكر التقرير صراحة أن نموذج التنمية القديم أو ما أسماه العقد الاجتماعي فإنه بلغ حدوده القصوى أي تولي الدولة تقديم الرعاية الصحية والتعليم ودعم الأسعار والطاقة وتوفير وظائف القطاع العام، فالكفاءة في الأداء تتطلب مسألة مجتمعية وهو ما لا يحققه أي نظام تتم إدارته وتمويله مركزيا. والأفضل ترك المهمة للسوق بالتحول إلى اقتصاد السوق؛ لأن خلق الوظائف في القطاع الخاص يحتاج أسواقا تنافسية مفتوحة للداخل والخارج.
قد تكون هذه الفكرة التي يطرحها البنك الدولي نحو تبني عقد اجتماعي جديد جديرة بالبحث والنقاش مع أن القصد منها واضح ألا وهو تحول اقتصادات الدول العربية إلى اقتصاد السوق وترك آليات الأسواق الحرة تقود التنمية، وهو ما أشار إليه ميلتون فريدمان «من الأسفل إلى الأعلى وليس من الأعلى للأسفل» وأنا أعتقد أن الدول العربية بمقدراتها من قوة عمل شابة بالإضافة إلى حجم سوق كبيرة ستكسب نمواً حقيقياً وتنمية شاملة عندما تتبنى نموذج حكومة الحد الأدنى، ولكن تبقى المشكلة ليس في التغيير فقط ولكن في قيادة التغيير وهندسة التحول حتى نتجنب كوارث التحول غير المدروس مع أن بعض الدول العربية وصلت إلى مرحلة التحول الإجباري والسريع؛ لأن الحلول الأخرى جميعها قد تبخرت، فلا يوجد طريق مختصر للقضاء على أمراض التنمية المزمنة فقط هنالك طريق مؤلم، ونحن علينا الاختيار بين أن نتألم الآن أم نتألم غداً.
(المصدر: العرب القطرية 2015-05-12)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews