الأسد ما زال حياً لكنه يحتاج إلى معجزة
في دمشق وبيروت اعلن في الاسبوع الماضي كل من الرئيس السوري بشار الاسد وزعيم حزب الله حسن نصر الله، عن «بدء معركة جبال القلمون» التي استهدفت استعادة السيطرة على سلسلة الجبال الاستراتيجية هذه على الحدود السورية اللبنانية. كلاهما اعترف أنه في الفترة الاخيرة لم تكن لهما السيطرة، ولكنهما عزيا أنفسهما أنه في كل حرب، حتى في هذه الحرب الوجودية التي وجدا انفسهما فيها، هناك ارتفاع وهبوط. لكن التقارير التي تصل من القلمون تفيد بأن مقاتلي حزب الله والجيش السوري تكبدوا خسائر فادحة في المعركة. كما أن هناك تقارير تتحدث عن الذعر في صفوف كبار المسؤولين في النظام في دمشق، وعن الاستعداد لاخلاء المدينة.
لكن رغم هذه التقارير فان نهاية الحرب الاهلية التي تدور في سوريا لا تلوح في الافق. الاشهر الاخيرة لم تكن جيدة بالنسبة للرئيس السوري، لكن هذا هو طابع الحرب، صراع على البقاء قاسي ودموي، بعد موجة من الانجازات والانتصارات لأحد الطرفين تأتي موجة مضادة من الانجازات والانتصارات للطرف الآخر. وفي نهاية الامر فان التغيير في الوضع على الارض لا يكون هاما.
في الايام الاولى للحرب في سوريا كان يبدو أن سقوط الاسد هو امر لا يمكن تجنبه. ما زلنا نذكر في هذا السياق اقوال وزير الدفاع حينذاك اهود باراك بأن ايام الرئيس السوري في الحكم باتت معدودة. ولكن في حينه جاء الاستيقاظ بفضل المساعدة التي قدمها مقاتلو حزب الله لبشار الذين أرسلوا إلى ميدان المعركة في سوريا بتشجيع وبدعم إيران. حينها بدا أن الاسد سيتمكن من البقاء على كرسيه. الآن، كما قلنا، انقلب التوجه.
ثلاثة تطورات ترتبط ببعضها أدت إلى اعادة التقييم الجديد، الذي سمع مؤخرا بشأن السقوط القريب لبشار الاسد:
الاول، معسكر المتمردين نجح في توحيد الصفوف وبرزت من داخله بضع مجموعات بارزة معظمها ذات توجه إسلامي راديكالي. الحديث في الاساس عن تنظيم الدولة الإسلامية داعش في شرق سوريا، وعن جبهة النصرة في شمال الدولة وجنوبها. هاتان المجموعتان نجحتا في وضع بديل لنظام بشار الاسد يشكل ثقلا موازيا لجيشه ومؤيديه حتى لو كان غير مستحب من قبل الغرب.
الثاني، النظام السوري ينزف، وقواته منتشرة على مساحات كبيرة وتضاءلت عبر مئات المعارك في ارجاء الدولة. النظام يجد صعوبة في تجنيد القوى البشرية لاستخدامها كوقود للمدافع في ساحات القتال. بشار يحظى حقا بدعم اجزاء مختلفة من الجماهير في سوريا، مثلا الطبقات العليا في المدن الكبرى، وحتى اولئك من ابناء الطائفة السنية. لكن فقط ابناء طائفته العلوية مستعدون للقتال والتضحية بحياتهم من اجله.
العلويون يشكلون بصعوبة 10 بالمئة من السكان ولا يستطيعوا أن يكونوا ثقلا مضادا على الاقل من ناحية العدد، لخصومهم السنيين الذين يشكلون الاغلبية الساحقة من السكان في الدولة. ايضا ارسالية من عدة آلاف من مقاتلي حزب الله المدربين والمتحمسين ليس بامكانها تغيير الوضع في المناطق السورية.
الثالث، في السنة الاخيرة سجل المتمردون سلسلة من الانجازات المتراكمة إلى درجة ظهور بوادر لتهديد النظام. في الصيف الاخير سيطروا على معظم مساحة هضبة الجولان السورية ـ هذا المدى يمكن أن يُساعدهم في أن يكون منصة انطلاق لتهديد العاصمة. قبل بضعة اسابيع استطاعوا السيطرة على مدن ادلب وجسر الشاغور، وهما مدينتان اساسيتان في شمال الدولة تشكلان مجالا متواصلا من سيطرة المتمردين حتى الحدود التركية. وتمكنهم من تهديد الشاطيء السوري الذي يشكل مأوى ابناء الطائفة العلوية الموالية للرئيس.
الزخم في سوريا موجود الآن في جانب المتمردين. وهؤلاء يسيطرون على ارجاء الدولة مثل أسراب الجراد التي لا يمكن الوقوف أمامها، في حين أن يد بشار الاسد أقصر من أن تمتد للمساعدة.
بشار يحتاج إلى معجزة من اجل البقاء للمدى الطويل، وبدون معجزة كهذه ـ مثل وقف الدعم التركي والسعودي للمتمردين أو تجند ادارة اوباما لصالحه ـ سيتدهور وضعه. ومع هذا فان الحديث يدور عن عملية طويلة مليئة بالارتفاع والهبوط، التي يمكن أن تستمر لبضعة شهور أو حتى لسنوات كثيرة. وسيستمر مواطنو سوريا في دفع الثمن.
(المصدر: إسرائيل اليوم 2015-05-10)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews