الطائفة الإثيوبية ليست المشكلة
من يتذكر الان، في هذه الساعات القاسية، حقيقة أن يهود اثيوبيا كانوا يعتبرون أكثر المهاجرين الذين وصلوا إلى اسرائيل رقة ونبلا. فمن يتذكر ان امانيهم العتيقة للوصول إلى صهيون هي التي منحتهم القوة لاجتياز حملة الالام من السودان إلى اسرائيل والتعرض لحملة الاهانة والمرارة التي دعاهم المجتمع الاسرائيلي إلى المرور فيها.
ان الفجوة التي بين الاماني الروحية والدينية ليهود اثيوبيا وبين الواقع الاسرائيلي، المختلف بشكل قطبي عن كل ما آمنوا به وتمنوه، والشرخ القيمي الذي يكن في اللقاء مع المجتمع الاسرائيلي الحقيقي وليس الاسطوري، سحبت البساط من تحت التقدير الذاتي للكثيرين من ابناء الطائفة، وتركهم ولا سيما الشباب منهم في أزمة هوية حادة للغاية.
قليلا عرفنا عن يهود اثيوبيا الذين جاءوا الينا. اعتقدنا أننا نقدم لهم معروفا كبيرا في اننا جلبناهم إلى البلاد. فقد انقذناهم من فقر افريقيا، من حياة الفقر المدقع، وجلبناهم إلى العالم الابيض، الغني، المتعلم والمتنور؛ جلبناهم إلى العالم الاسرائيلي واليهودي الواثق بنفسه والواثق بتفوقه وبسخائه الاصيل. ولكن الصرخة التي تصعد من القدس ومن تل أبيب تدفعنا لان نفهم باننا لم نستوعب بعد، كمجتمع، حجم التحدي الثقافي والروحي الذي يقف في وجه استيعاب هذه الطائفة الصغيرة والمميزة.
يوجد اسرائيليون كثيرون بذلوا ويبذلون جهودا جديرة بكل ثناء للتخفيف من سياقات الاستيعاب العسيرة والاليمة ليهود اثيوبيا في اسرائيل. كما يوجد يهود امريكيون ممن انضموا بكل قلوبهم إلى هذه الجهود. كما أن الدولة من جانبها بذلت جهودا معينة للتخفيف عن المهاجرين. ولا سيما، يخيل أن شيئا ما في اساس الامر لا يؤدي مهامه.
لا اريد الانشغال في هذا المقال بمسألة سلوك الشرطة. فالعنف الذي يتخذه العديد من افراد الشرطة تجاه العديد من المواطنين هو موضوع لمقال منفصل. بقولي هذا لا أود أن ابحث عن المذنبين. فليس بهذه الطريقة تحل المشكلة الاجتماعية ـ الثقافية الهائلة التي نواجهها عندما نأتي لان نحل كمجتمع مسألة سليلي اثيوبيا. بودي أن اعرض طريقة اعتبرها كفيلة بان تكون مجدية.
ان المستقبل الاسرائيلي منوط بنظري بقدر كبير في أن نبدأ بالاهتمام الواحد بالاخر. فللمهاجرين من اثيوبيا قصة مميزة، تقاليد مميزة وتجربة حياة مختلفة عن معظم الاسرائيليين الاخرين. هذه تجربة انسانية كفيلة بان تثرينا كمجتمع، ولكن على أن نكف عن الخوف من فروقات اللون ونبدأ في ان نرى في الاختلافات الكبرى في داخلنا تحديا عاصفا ومصدر ثراء وبركة.
يجلب يهود اثيوبيا معهم توسيعا لهويتنا كيهود، كاسرائيليين وكبشر. فهم ليسوا مشكلتنا، هم مصدر أملنا كبشر وكابناء الشعب اليهودي. نحن لا نقدر لهم معروفا عندما ندمجهم بين ظهرانينا. علينا أن نكون ممتنين على انهم يأخذون على عاتقهم رحلة الاندماج في مجتمعنا الخائف والهستيري.
عندما ننهض من حطام ليل الاحد الاخير سيتعين علينا أن نكف عن البحث عن المذنبين ونفكر كيف نغير من الاساس موقفنا من سليلي اثيوبيا ونطلب المعذرة منهم لاننا لم نعرف كيف نتصرف معهم؛ احيانا انطلاقا من نزعة الشر، واحيانا من الخوف واحيانا من عدم فهم الواقع.
(المصدر: يديعوت 2015-05-05)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews