ما بعد المؤتمر الاقتصادي!!
< نتحدث كثيرا عن مصر الماضي بفخر واعتزاز، ونضيق بحاضر قاس ومؤلم، ونتخوف من مستقبل مجهول، لأننا لم نتعلم من أخطاء الماضي القريب والمؤسف أننا نكرر نفس الأخطاء الآن، ولعل الآباء الذين عايشوا الزمن الجميل ومازالوا أحياء بيننا وعاصروا مصر الرخاء والعزة والقوة والريادة هم خير شاهد علي الأسباب الحقيقية التي هوت بالبلاد إلي هذا المستنقع من الفقر والجهل والتخلف.
< صحيح أن ثورتي يناير ويونية كانت لهما بعض التأثيرات السلبية علي الاقتصاد تحديدا الذي كان يعاني من الأساس، ولكن انفجار الثورتين كانت كاشفا لمشاكل كثيرة عانت منها مصر لعدة عقود، وأدت إلي تفشي مظاهر يمكن أن تهدم أعتي الدول ويأتي علي رأسها تجذر الفساد في الدولة المصرية بشكل عام وفي الجهاز الإداري للدولة بشكل خاص حتي رأينا الرشوة والواسطة والمحسوبية أصبحت عرفا سائدا في معظم أجهزة الدولة، وانعكس هذا الفساد علي نواح اجتماعية كثيرة وأدي إلي تعطيل القانون، وتواري الكفاءات وهجرة معظمها إلي خارج البلاد، وتدنت الأخلاق والسلوك العام واختلطت الأمور جميعا، كما رأينا علي سبيل المثال في اختلاط الدين والمال بالسياسة، وأدي ذلك إلي فساد الجميع وتهديد البلاد.
< لا شك أن هناك جهوداً مضنية يبذلها الرئيس عبدالفتاح السيسي ومجموعة مستشاريه علي المسارين الخاجي والداخلي، ولا شك أيضا أننا نلحظ تقدما علي مستوي العلاقات الخارجية بعد أن بدأت هذه الجهود تأتي بثمارها بشكل واضح في المحيط العربي والافريقي، وأيضا الدولي، ونشعر الآن أن مصر تعود لاحتلال موقعها الطبيعي للعب دورها المهم والحيوي في ظل ما تمر به المنطقة من ظروف غاية في الصعوبة.. ولكن في المقابل وعلي مستوي السياسة الداخلية وبرغم كل الجهود المبذولة لا يشعر الناس حتي الآن بآثارها، بما يشير إلي أن هناك فجوة كبيرة بين توجهات الرئيس وتوجيهاته وقراراته وبين ما ينفذ بالفعل علي أرض الواقع!!
< هذا الوضع المعكوس وتأخر نتائج السياسة الداخلية يظهر بشكل واضح في حالة الجمود الاقتصادي المستمرة حتي الآن ويعرفها العاملون في المجالات الاستثمارية والتجارية، وهي ناتجة بما لا يدع مجالا للشك بسبب الجهاز الإداري الذي مازال يعمل بنفس الفكر العقيم وبنفس أسلوب الماضي الفاسد وكان سببا أساسيا لانهيار هذه الدولة وتخلفها، وكل المحاولات التي تجري الآن لدفع عجلة الاستثمار والنمو الاقتصادي سوف تنهار علي أبواب هذا الجهاز والأمثلة أمامنا كثيرة ومتعددة، ويزيد من هذه التخوفات أن الأجهزة الرقابية قد أصابها هذا الفيروس وتخلت عن دورها إلي حد أنها تري الفساد بعينها وتقف مكتوفة الأيدي وكل دورها ينحصر في رفع تقارير وانتظار صدور التعليمات!!
< الجميع يخشي أن يتحول نجاح مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي إلي مجرد ذكري طيبة، واتفاقيات حبيسة الأدراج، أو مشروعات متعثرة، خاصة أن كثيراً من المصريين مازالوا يعانون من تعثر مشاريعهم وتوقفها بسبب موظف فاسد هنا وهناك، ووزير ضعيف، والأخطر أن هناك أحكاماً قضائية لا تري النفاذ وغيرها من مشاكل الاستثمار التي لم تفلح معها كل القوانين القديمة والجديدة بسبب فساد الجهاز الإداري للدولة.
< باختصار.. يجب أن يكون المؤتمر الاقتصادي نقطة تحول في هذه الدولة، ويجب أن يشعر المستثمر والمواطن المصري قبل الأجنبي أن هناك تغييرا يحدث وأننا تحولنا إلي القانون حتي لا نكون بعد المؤتمر الاقتصادي مثل قبله، وهذا يحتاج إلي جهد كبير من الرئيس عبدالفتاح السيسي والمهندس إبراهيم محلب لمواجهة مافيا الجهاز الإداري للدولة.
(المصدر: الوفد المصرية 2015-04-09)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews