القمة العربية وتحديات.. الملف الاقتصادي
تحديات اقتصادية كبيرة تواجه العمل العربي مع نهاية القمة العربية السادسة والعشرين بشرم الشيخ التي تفرض تحركا مكثفا وسريعا من خلال الملفات الاقتصادية التي تعد الوجه الآخر للملفات السياسية الساخنة التي فرضتها الأحداث الراهنة على الساحة العربية والإقليمية، بل وفرضت نفسها على أعمال القمة، مما يخرج القرار العربي من حالة الركود أو رد الفعل، حيث إن قوة الدفاع العربي المشترك المزمع تكوينها إذا تكونت، لا يجب أن تكون لها مهام عسكرية فقط في الدفاع والأمن والردع، بل يجب أن تشمل مساحة أوسع وأشمل للتنمية، التي لا يمكن أن تتحقق بدون قوة اقتصادية تمثل التماسك القوي للجسد العربي الذي ترهل لفترات طويلة، حتى كادت أن تودي بالأمة العربية التي تتكالب عليها الأمم والشعوب الآن، ليس لقلتهم أو لنقص في عددهم، بل لتفرقهم وتشتتهم رغم ثرواتهم المتناثرة شرقا وغربا، حيث إن البلاد العربية تقع تحث حصار عدة محاور تمثل أطماع إيران في عودة الإمبراطورية الفارسية، وقد نجحت إيران في الهيمنة على أربع عواصم عربية، وأحلام تركيا بعودة الخلافة العثمانية ومخططات إسرائيل الكبرى للسيطرة والهيمنة من النيل إلى الفرات بعد التخلص من القضية الفلسطينية، ثم محاولات أمريكية في فرض الخريطة الشرق أوسطية.
وهذا يدعونا إلى اليقظة والحذر من المخاطر المحدقة التي تتعرض لها دول المنطقة، وهي توجهات معلنة، ولا يمكن أن نعتبرها مؤامرات في الخفاء، وعلينا أن نتعامل مع ذلك بوضوح، ولعل التوافق الذي لمسناه من خلال قمة شرم الشيخ والموافقة على تشكيل "قوة دفاع عربية" اختياريا لمن يرغب في ذلك من أعضاء جامعة الدول العربية، لأنه ينطلق من نظرة واقعية جديدة تمثل حجر الأساس للوحدة العربية، والاستقرار العربي، ويثبت أن لدى العالم العربي القدرة على مواجهة التحديات في الإقليم من خلال بدائل وحلول عربية – عربية، إذ إن قوة الدفاع العربية المقترحة، لابد أن يقابلها وعلى التوازي، تكوين قوة دفع اقتصادية، تحقق الأمن الاقتصادي القومي، لأن الأمن القومي العربي ليس عسكريا فقط، ومن ثم لابد من البحث عن مكامن القوة والتميز العربي وتعظيمها، وتفعيل منظومة السوق العربية المشتركة المتعثرة، وزيادة حجم التجارة البينية، وضرورة الاهتمام بعودة التصنيع العسكري العربي الموحد، حتى تقع قوة الدفاع العربي تحت فك الحاجة للتسليح من الغرب أو الشرق، الذي لا يمكن أن يستمر في إمداد هذه القوة بالسلاح والذخائر وقطع الغيار والتكنولوجيا العسكرية الحديثة، لأنه من المنطقي أن تفرض هذه الدول حصارا وشروطا على هذه الإمدادات وعلى أي صفقات عسكرية للعرب، وإذا نجحت في ذلك فإنها تسحب البساط من تحت قوة الدفاع العربية المشتركة وتجعل من أسلحتها وعتادها مجرد قطع من الحديد الخردة، ولا شك أن التحوط من ذلك أمر محمود، خاصة إذا نجحت الدول العربية في تركيز فوائضها المالية في استثمارات في هذه المشروعات الحيوية والإستراتيجية التي تخلفنا فيها كثيرا، باعتبار أن من لا يملك سلاحه، لا يملك قوته أو حريته، تماما كما ينطبق ذلك على من لا يملك غذاءه الذي يخضع لابتزاز الآخرين الذين يمدونه بالغذاء أو السلاح، لذلك لا يمكن فصل السياسة عن الاقتصاد باعتبارهما وجهين لعملة واحدة، وإذا كانا يسيران في خط متواز، فإنهما يدفعان الاقتصادات العربية لتصبح من الكيانات القوية القادرة على التفاعل مع الاقتصادات الكبرى والاستفادة منها، ولاسيَّما أن الخريطة العربية تتنوع على أرضها مصادر المواد الأولية والطاقة بأنواعها، مما يعطي فرصة للتوسع في مجالات الزراعة والصناعة والسياحة، التي تنعكس على مستوى معيشة المواطن العربي، بالإضافة إلى أن التكامل الاقتصادي العربي سوف يسهم في توطيد العلاقات بين الدول والشراكة في العديد من المجالات، التي تمكن من التعاون لمواجهة قضايا التنمية ببعدها الاقتصادي والاجتماعي والتنموي، ولاسيَّما أن إشكاليات كثيرة مازالت تقف في وجه الاتحاد الجمركي العربي، الذي لا يزال يواجه جملة من الإشكالات والتعقيدات التي تُعطل تنفيذه، وكذلك تحديات تنفيذ متطلبات إتمام منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، مثل قواعد المنشأ والمنافسة، ومراقبة الاحتكارات، وتحرير تجارة الخدمات، وإزالة القيود غير الجمركية، ومنح أولوية للمنتج العربي في جميع المشتريات الحكومية للدول العربية.
(المصدر: الشرق القطرية 2015-04-01)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews