أقطاب الإنترنت في معركة مع برامج حجب الإعلانات
على أحد الجانبين هناك برامج حجب الإعلانات. تشير التقديرات إلى أن أكثر من 140 مليون شخص، أو 5 في المائة من سكان العالم الذين يستخدمون الإنترنت، يستخدمون برامج مثل آدبلوك إيدج وآدبلوك بلاس لمنع الإعلانات من الظهور على صفحات الإنترنت. ووجدت دراسة أجراها كل من "أدوبي" و"بيج فير" أن عدد الأشخاص الذين يستخدمون برامج الحجب ارتفع بنسبة 70 في المائة العام الماضي.
على الجانب الآخر هناك مجموعات وسائل الإعلام، بما فيها "جوجل" وشركة آر تي إل الألمانية، التي تعتمد على الإعلانات. وهي تُقاوم برامج الحجب بمختلف الأسلحة، بما في ذلك المال والمحاكم. ولأن 120 مليار دولار على المحك، بعض المواقع الإلكترونية توظف التكنولوجيا التي تلتف على برامج حجب الإعلانات وتجاوزها، الأمر الذي يؤدي إلى سباق تسلح على الإنترنت.
مايك زانيس، المستشار العام في "مكتب الإعلان التفاعلي"، وهو هيئة الصناعة الأمريكية الذي يمثّل أعضاؤه أربعة أخماس سوق الإعلانات على الإنترنت في البلاد، يقول: "إن حجب الإعلانات بدأ يؤثر تأثيراً جوهرياً في إيرادات الناشرين".
ويضيف: "إن الإنترنت المجانية التي يُطالب بها المستهلكون لا يمكن أن تتعايش مع استمرار انتشار برامج حجب الإعلانات"، مُضيفاً أن الناشرين يبحثون بشكل متزايد عن "حلول فعّالة".
آندي هارت، رئيس قسم الإعلانات في "مايكروسوفت" في أوروبا، يقول إن رد فعل المستهلكين العنيف ضد الإعلانات على الإنترنت ينبُع من أشكال الإعلانات "التقاطعية للغاية". ويجادل بأن المشكلة هي أن برامج حجب الإعلانات "أداة حادة جداً" يغلب عليها أن تحجب جميع أشكال الإعلانات، بما في ذلك الإعلانات التي "تعمل على تعزيز تجربة المستهلكين".
الشباب كانوا أول من اعتمد برامج حجب الإعلانات. لذلك فإن الناشرين على الإنترنت الذين يستهدفون هذه المجموعة السكانية - المرغوبة للغاية من قِبل المُعلنين - كانوا الأكثر تضرراً.
ستيفين ويليامسون، المدير العام في "بلاي ستيشين يونيفيرس"، الموقع الإلكتروني القائم في المملكة المتحدة الذي يُغطي ألعاب الفيديو، يقول إن ما يصل إلى 40 في المائة من مستخدمي الموقع يستخدمون برامج حجب الإعلانات.
ويُضيف: "لقد قمنا بمناشداتنا الخاصة لمجتمعنا" من أجل تعطيل برامج حجب الإعلانات التي يستخدمونها. لكن هذا لم ينجح. "إذا استمر الوضع على النحو الذي هو عليه أعتقد أننا سنرى كثيرا من المواقع تكافح من أجل البقاء".
مستخدمو الإنترنت من كل الأعمار والأجناس والجنسيات يتعلمون بشكل متزايد أن من السهل حجب الإعلانات على الإنترنت، بما في ذلك كل شيء من النوافذ المُنبثقة إلى إعلانات الفيديو قبل البث. وهناك أدوات مثل ديسكونيكت تجعل من الممكن أيضاً حجب الإعلانات على تطبيقات الهواتف الخليوية.
مع ذلك لا يوجد إجماع داخل صناعة الإعلانات على الإنترنت حول أفضل طريقة لمعالجة هذه الظاهرة. وأوردت "فاينانشيال تايمز" الشهر الماضي، أن كلا من "جوجل" و"أمازون" و"مايكروسوفت" دفعت بهدوء لشركة آيوو، الشركة الناشئة الألمانية التي تصنع "آدبلوك بلاس"، برنامج حجب الإعلانات الأكثر شعبية في العالم، للتوقف عن حجب الإعلانات على مواقعها الإلكترونية. وتعمل شركة آيوو على جمع قائمة بيضاء من "الإعلانات المقبولة" التي يمكن أن تمر من خلال مرشحاتها دون أن يتم حجبها.
ومع أن تيل فايدا، الرئيس التنفيذي لشركة آيوو، يجادل بأن الشركة تعمل للجمع بين صناعة الإعلانات وبين مستخدمي الإنترنت، "ليستفيد الجميع على المدى الطويل"، إلا أن بعض مجموعات الإعلام تتهم الشركة بإدارة أنموذج عمل أقرب ما يكون إلى مضرب حماية.
ورفعت مجموعات إعلام ألمانية، من بينها بروسيبنسات 1 وآر تي إل، دعوى ضد آيوو تزعم فيها أنها ارتكبت سلوكا مناهضا للمنافسة.
ويحاول ناشرون آخرون التعامل مع برامج حجب الإعلانات باستخدام التكنولوجيا.
آي تي في والقناة 4، وهي من شركات البث البريطانية، ترفض تحميل أي فيديو على مواقعها الإلكترونية في كل مرة تكتشف فيها أن أحد الزوار يستخدم برنامجا لحجب الإعلانات. هذه عملية واضحة نسبياً. إذا أردت مشاهدة برامجها، عليك أيضاً مشاهدة إعلاناتها.
مع ذلك، حجب برامج الحجب ليس بالاستراتيجية المضمونة. ففي حين أن بعض المستخدمين مستعدون لإيقاف تشغيل برامج الحجب من أجل الوصول إلى المحتوى ذي القيمة العالية، إلا أن معظم المستخدمين يرفضون ويغادرون الموقع ببساطة.
ولمعرفتهم بهذا، يلعب بعض الناشرين لعبة القط والفأر مع مجتمع الحجب، في محاولة لتجنّب برامج حجب الإعلانات باستخدام تكنولوجيا مُبتكرة. وفي سبيل ذلك يلجأ الناشرون إلى مجتمع الشركات الناشئة. وبدأت سيكريت ميديا، الشركة القائمة في نيويورك التي أسست العام الماضي، توظيف أداة تسمح للناشرين بإرسال أنواع معينة من إعلانات الفيديو عبر برامج الحجب دون أن يتم كشفها.
فريدريك مونتاجنون، المؤسس المشارك لشركة سيكريت ميديا، يقول إن هناك خمس مجموعات إعلام أوروبية كبيرة، رفض ذكر أسمائها، بدأت منذ فترة باستخدام التكنولوجيا لتقديم عشرة ملايين إعلان يومياً عبر برامج الحجب.
ويعترف قائلاً: "بالطبع الإعلانات تعتبر مُتطفلة. حيث يدفع المعلنون من أجل الوضوح والاهتمام. لكن هذا هو السبب في أن الإنترنت نمت وتستمر في النمو بسرعة كبيرة. فنحن نريد مساعدة هذا النظام البيئي للحفاظ على نموه".
المشكلة هي أن أغلبية سوق الإعلانات على الإنترنت تتألف من أشكال مثل إعلانات العرض والبحث، التي من السهل كشفها من قِبل برامج الحجب. وعدد قليل من الأشخاص يتوقعون أن يتغيّر الوضع الراهن في أي وقت قريب.
لكن مع ذلك، هناك عدد متزايد من الناشرين يحاولون ذلك. في العام الماضي اشترت ياهو شركة كلاريتي راي، وهي شركة ناشئة إسرائيلية توظف أدوات لتجاوز برامج حجب الإعلانات، في حين أن عدداً من الشركات الناشئة الأخرى تعمل "بطريقة سرية" لتطوير تكنولوجيات لخرق برامج الحجب.
ربما تكون برامج الحجب قد فازت بالمناوشات الأولية، لكن بالنسبة لكثير من الناشرين المعركة بدأت للتو.
(المصدر: فاينانشال تايمز 2015-03-31)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews