مراهقة منتصف العمر تعصف بـ "استقرار" رجال ونساء
جي بي سي نيوز - لم تتوقع الأربعينية أم سعد أن يتحول زوجها الخمسيني من ذلك الرجل المتزن إلى آخر يميل لتصرفات تظهره أصغر من عمره؛ إذ بدأ يصادق أصحاب أبنائه ويتبادل معهم رسائل على “الواتس آب”، بل ويسألهم عن المحال التي يشترون منها ملابسهم، ما جعل تصرفاته تتسبب بالحرج لابنه أمام أصدقائه.
تقول أم سعد “ليس هذا ما طرأ على زوجي من تغييرات فقط، فبعد أن كان الشيب يغطي كل شعره أصبح يصبغه بالسواد مع الشارب، ويهتم بالعطور والساعات”، مستدركة “أعلم أنها قد تكون مرحلة مراهقة متأخرة ولكنها تخجلني وتزعجني”.
وتضيف “وقفت مع نفسي قليلا وبدأت الاهتمام بزوجي أكثر، وأصبحت أبحث عن وسائل لكسر روتين الحياة وتجديدها، لكن للأسف العودة لروح الشباب معا لم ترق له، فأرادها كما شاء وبرفقة فتاة أخرى تصغره سنين عدة!”.
ويرجع الاختصاصي النفسي د. خليل أبو زناد، المراهقة المتأخرة إلى أسباب عدة منها الفراغ الروحي، وهي هنا العلاقة والمبدأ، بمعنى أن العلاقة الفاترة وغير المنتظمة تنتج حالة من الفراغ الداخلي التي يحاول الفرد أن يملأه، والمبدأ هنا هو محاولة التركيز على وجود قناعات الفرد حتى في حالة الفراغ الروحي؛ حيث تكون لدى الفرد مبادئ تحكمه، والشخص الذي لم يكون مبادئ أو قيما ثابتة في حياته ويمر بهذه المرحلة معرض أكثر للسقوط في هذه الأزمة.
ويشير إلى أن الفرد عندما يفقد وجود العلاقة والقيمة والمبدأ تبدأ عناصر أخرى في التأثير على نمط سلوكه، وكذلك التكوين النفسي والعقلي، موضحا إلى أن هناك جزءا مهما يؤثر على استقرار الفرد، هو كيف تربى وكيف نشأ، فالتربية التي تمت تحت ضغوط طائلة تنتج نفسية هشة تعتمد على القيادة من الخارج.
ويلفت إلى أنه لوحظ في بعض حالات الفراغ العاطفي أنها نتجت بسبب ضغوط الحياة المتعددة والمعقدة والتي تتمثل في الأزمات في العمل والقهر الذي يتعرض له، والبعض من الخسارة المادية غير المتوقعة، وآخرون يحاولون إعادة ما ضاع منهم، ولا سيما في مجالات العلاقات العاطفية بداية في قبول التعبيرات التي تظهر جمال الشكل كنوع من الإخراج العاطفي إلى أن تصل إلى مستويات من العلاقات الحرجة.
أما رانية عبدالله (23 عاما) فتقول “أعيش واقع المراهقة المتأخرة مع أمي، صحيح أنها لا تبالغ كثيرا في إظهار نفسها بسن صغيرة، ولكنها مقارنة مع قريناتها تحاول ذلك كثيرا”.
وتضيف “تنهدش الكثير من صديقاتي عند رؤيتها ولا يصدقن أنها والدتي، وهذا الأمر يسرني، بما أنه يدخل البهجة لقلبها ويفرحها”، متابعة “لكن للأسف تواجه أمي العديد من الانتقادات من إخواني الكبار، وأحيانا من الأقارب، لكنها لا تأبه بهم”.
وتضحك عبدالله معلقة “أعتقد بأنني سأسلك دربها في المستقبل، فمن الجميل أن تبقى روح الشباب حاضرة في حياة الإنسان”.
وتنتقد الأربعينية أم زيد إحدى صديقاتها التي تصفها بأنها تعاني (مراهقة متأخرة)، قائلة “أحب صديقتي جدا، لكن تستوقفني تصرفاتها الصبيانية أحيانا، بطريقة تعاملها مع أبنائها وزوجها، واهتمامها بمواقع التواصل الاجتماعي بشكل مبالغ فيه”، فضلا عن “ارتدائها لما لا يتناسب مع عمرها”.
وتعتقد أن المرأة الكبيرة يجب أن تكون قدوة للبنات الصغيرات حتى للنساء اللاتي هن في عمرها، والاهتمام بالشكل له حدود ولا بد للمرأة أن ترتدي ما يليق بها.
ومن جهته، يبين استشاري الاجتماع الأسري مفيد سرحان، أن الإنسان يمر بمراحل عمرية متعددة وكل مرحلة عمرية لها مواصفاتها ولها تأثيراتها ويكتسب الشخص صفات وخصائص متعددة وهي مرتبطة من ناحية بالعمر الزمني ومن ناحية أخرى بالبيئة والأسرة والمجتمع الذي يعيش فيه الإنسان، وقد تتداخل مرحلة مع أخرى وذلك لتأثير البيئة والثقافة السائدة.
ويضيف “ولا شك أن الأصل أن يعيش الإنسان كل فترة في وقتها المناسب بدون مؤثرات خارجية، بمعنى أن يعيش فترة الطفولة بميزاتها المتعددة وفترة الشباب كذلك، إلا أن واقع الحال يشير إلى أن كثيرا من الأشخاص ولظروف متعددة قد يتوقون إلى مرحلة الشباب في عمر متأخر، وذلك بسبب عدم تمكنهم من معايشة هذه الفترة في وقتها لظروف إما أسرية أو اجتماعية أو بيئية، وقد يكون ذلك (مقبولا) إلى حد ما، إذا كان الأمر يتعلق بنفسية الشخص وتأثيره إيجابيا على محيطه الضيق، كإضفاء جو من المرح والبهجة واللعب مع الأبناء ومشاركتهم ألعابهم، وقد يخرج الأمر على الحد المقبول إذا كانت هذه السلوكيات والتصرفات تنعكس سلبا على شخصية الإنسان وعلى علاقاته مع الآخرين وعلى نظرتهم إليه”.
ولا ينكر سرحان أهمية أن “يأخذ الإنسان رأي الآخرين فيه على محمل الجد فيما يتعلق بأن يكون مظهره وشكله منسجمين مع عمره”، لافتا إلى أن الإنسان “ابن بيئته ومجتمعه ولكل مرحلة عمرية خصائص تميزها”.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews